شهدت الساعات الأولى من صبيحة ثالث أيام عيد الفطر المبارك هطول أمطار غزيرة شملت كافة ولايات السودان، وقد تضررت ولاية الخرطوم في مناطقها الطرفية خاصة سوبا وجبل أولياء. وكانت منطقة الريف الجنوبيلأم درمان الأكثر تضررا نسبة للسيول القادمة من أعلى ولاية الخرطوم وشمال كردفان الأمر الذي أحدث دمارا في المساكن وأتلف الزرع ولم تسلم حتى الثروة الحيوانية من النفوق، مما يلقي على حكومة الولاية عبئا كبيرا في رفع الضرر عن مواطنيها. كاميرا «الإنتباهة» صورت معاناة بعضهم الذين استطاعت الوصول إليهم على سبيل المثال وتركت للمسئولين مسألة الوصول للآخرين . جولة: إنتصارالسمانى - جميلة حامد - أم بلة النور مشاهد مأساوية حوالي (1037) منزلاً بأمدرمان أصبحت أثراً بعد عين ففي منطقة جنوب أمدرمان التى تضم (72) قرية تشكل موطن الجموعية الأصلى وهى أرض ذات انحدار شديد من الناحية الغربية، ويتم تصريف مياه الأمطار فيها بواسطة (4) أود ية رئيسة الأمر الذي جعل منها منطقة عرضة للسيول. في بداية جولتنا صعب الوصول إليها نسبة لارتفاع المياه التي حالت دون وصول دابتنا إليها وفى منطقة أيد الشيخ يوسف لاحظنا أن الزيفون (النفايات) التى يحملها النيل تغطى الأسفلت وقد غطى السيل الأسفلت في مسافة كيلو متر، وقد ادى لانقطاع المنطقة لفترة قاربت الأسبوع عن العاصمة بسبب السيول والأمطار التى شلت حركة الناس. ومنها توجهنا إلى قرية حلة سالم وشهدنا خرابا غير مسبوق إذ دمرت (110) منازل تدميرا كاملا و(27) منزلا تدميرا جزئيا وذلك حسب إفادات المواطن نايل عثمان الذي صب جام غضبه على المسؤولين الذين لم يقدموا أي نوع من الدعم للمنكوبين عدا منظمة (سبل الرشاد الخيرية) التى دعمت (59) أسرة متضررة دعما قليلا لكبر الضرر ولم تقدم خياماً للمنكوبين الذين مازالوا في العراء، ولم تشهد القرية مسئولا سوى زيارة يتيمة قام بها معتمد أمدرمان الفريق التهامي، وقد تهكم من المتضررين واصفا سكنهم بالعشوائي ما زاد ألمهم، فقد كانوا يتوقعون مواساته بدلا عن السخرية من سكنهم. تركناهم وتوجهنا صوب قرية(الغرزة) التى لم تأمن هي الأخرى من الخراب، فقد بين لنا عبدالله مقبول أن حجم الضرر كبير، وقد وقفت بجانبهم المنظمات الخيرية التى قدمت المشمعات والتراب لتعلية سور المدارس بجانب زيارة تفقدية من قبل معتمد أم درمان ووزير التخطيط العمراني اللواء ، وليس هناك أي حديث عن تعويض للمتضررين. شكراً (سبيل الرشاد) أما قرية العساوية فتحكي المشاهد المأساوية مأساتها فقد جرفت السيول طريق الأسفلت المؤدي إليها بعمق (4) أمتار وشلت حركة المرورلأسبوع كامل كانت فيه القرية فى انقطاع تام حسب إفادة عبدالصمد السنوسي الذى اوضح لنا أنهم فقدوا السكن والثروة الحيوانية والزرع فجرفتها السيول، ودمرت الأمطار (76) منزلا تدميرا كاملا و(106) ، ولم يزرها مسئول وتقدم بالشكر لسبيل الرشاد الخيرية التى قدمت الناموسيات والمشمعات للمتضررين. (7500) فدان ذهبت أدراج الرياح وبعرض الطريق المؤدى لمطار الخرطوم الدولي الجديد وخزان جبل أولياء فقد تهدم الطريق الرئيسي جراء السيول المتدفقة من منطقة السمرة حاج الطاهر ووادي المنصوراب ومدخل جبيل الطينة. وفى القرى النيلية التى تقع بين مشروع الجموعية الزراعي الذي لم يسلم هو الآخر من الغرق وتلف عن آخره ولم يحظ حتى كتابة هذه السطور بزيارة واحدة من قبل أي مسئول لأكبر مشروع زراعي بالعاصمة. فكذلك وقفنا على قرية (قور نصير) أكثر القرى تضررا بالشريط النيلي، وهي أيضا لم تجد من يجفف دموع مواطنيها. فمعظمهم مزارعون يعتمدون في معيشتهم على الزراعة بالمشروع الذي تلف عن آخره وغطت مياه الأمطار مساحة المشروع جميعها ( 7500 ) فدان وقضت على الأخضر واليابس، ولم يجد الموطنون الدعم من قبل المحلية سوى المواقف االمشهودة لمنظمة سبيل الرشاد التى خففت عنهم حجم الكارثة رغم أنه لم يشمل كل المتضررين، لكنه ترك صدى طيباً داخل النفوس التى آلمها تجاهل المسؤولين لها. تبخر الحلم أما قرية التريس فقد أنعم الله عليها بطريق أسفلت اكتملت مراحله الأخيرة خلال شهر رمضان ولكن السيول نغصت فرحتهم بالطريق فغمرته وعزلت القرية لمدة ثلاثة أيام عن المنطقة ودمرت حوالي (148) منزلا وهى الآن توجد بركة مياه خلفتها السيول وجد البعوض مرتعا طيبا له بداخلها الأمر الذي طرد النوم من عيون المواطنين ولم تخفف زيارة المعتمد كربهم لكبر حجم المصيبة رغم الدعم الذي قدمه لهم الاتحاد الوطني للشباب، واتحاد ثانويات أمدرمان الذى وقف معهم وكذلك منظمة سبيل الرشاد الخيرية التى وقفت وقفة إنسانية غير مسبوقة مع جميع القرى المتضررة جنوب أمدرمان، وفيما يتعلق بالمشروع فقد افاد المواطن حمزة إبراهيم أن المعتمد أحضر حفارات لتصريف مياه القرية إلى البحر لكن الخور الذى تم حفره قرب طريق الأسفلت لم يف بالغرض، وإذا زاد عمقه أكثر فسوف يعيق حركة السير الأمر الذى جعل المياه تتراكم ويتوالد البعوض الذى أرق منامهم ويخشى سكان القرية حدوث كارثة صحية. عفواً هذه القرية لايمكن الوصول إليها ومن قرية بركة الشاطئ أوضح مصطفى بابكر أن (91) منزلا بالقرية انهارت ولم يقف على معاناتهم كذلك سوى سبيل الرشاد الخيرية. منها توجهنا إلى قرية الشقيلة التى زارها معتمد أم درمان(3) مرات لكبر المصاب إذ انهار بها حوالي (375) منزلا لكنهم اشتكوا من المحاباة في تقديم الخيام والمشمعات للمتضررين من قبل اللجان الشعبية التى وزعتها حسب صلة القرابة وترك الآخرين في العراء. علما أن هناك قرية مازالت معزولة حتى الآن لايمكن الوصول إليها وهى قرية داخل المشروع تسمى (الحصباية) ومعاناتها ازدادت بعد انهيار بئر المياه وسقوط الصهريج، وقد تهدمت الطرق الرئيسية والفرعية بها وأصبح الإنسان والحيوان يشربان من ماء الترع، وهناك توجس من انتشار الأوبئة بعد انهيار دورات المياه بها حسب إفادات رئيس اللجنة الشعبية حسين البشير، الذى نفى وصول أي مسئول للوقوف على أوضاعهم. زوغان المعتمد اتصلنا بمعتمد أمدرمان الفريق التهامي لنسأله إن كان في نية المحلية تعويض المتضررين، وعندما شرحنا له غرضنا قال: (انتظروا دقيقة برجع ليكم) وأغلق الخط ولكنه لم يتصل أو يستجب لإتصالنا الثاني ولا الرسالة التي بعثنا بها إليه. خراب سوبا ومن جنوبأم درمان توجهنا إلى محلية الخرطوم منطقة سوبا الحلة محطة الزريبة مربع( 8) وجدنا المساكن قد تساوت بالأرض. فالدمار بنسبة( 90%) وجميع سكان مربع 8 أصبحوا في العراء بلا مأوى بعد أن داهمتهم السيول والأمطار ليلا. فأسرة حسين دكم، فتح الله عليها ببناء عشش من أثاث المنزل والملابس لتقيهم الحر. وأكدت زوجته عواطف عبدالكريم أنه لم يزرهم أي مسئول حتى رئيس اللجنة الشعبية الذى يسكن جوارهم بالحي ولا ممثل الدائرة ، رغم أنهم ذهبوا إليه مستنجدين. وحتى الخيام التي جاءت من المحلية قالوا إنه وزعها لأسر بمربعات(6-5) وهي لم يطلها الضرر وبعضها أخذ أكثر من خيمة حسب المواطنين. أما أسرة يوسف فضل فقدت حتى الأثاث. فالمنزل انهار بكامله ولم يترك لهم السيل فرصة لإخراجه. وقام مواطنو سوبا الحلة بجمع تبرعات لإيجار شفاطه لشفط المياه من الأسوار، وقد خرجت الحاجة التومة قبل يوم من هطول الأمطار لزيارة أقاربها وعند عودتها وجدت بيتها أثراً بعد عين، وقام الجيران بمنحها سريراً هي وابنتها، ومازالت تحتمي بأنقاض بيتها ولم يقم مسئول بالوقوف على حالها. أما عبد الحفيظ محجوب فقد أكد أن جميع دورات المياه بالمربع انهارت، الأمر الذى ينذر بحدوث أوبئة. وعلمنا بزيارة المعتمد ولكنه زار مدخل سوبا وعاد أدراجه حسب محدثي، وقد حضرت منظمة الهلال الأحمر وقامت بحصر الخسائر فقط. العدد كبير التقينا رئيس اللجنة الشعبية إبراهيم الناير الذى تعلل بأنه كان يوم الحادثة خارج سوبا، وبعد وصوله اتصل بلجنة الطوارئ والخدمات وأمين أمانة المؤتمر الوطني بسوبا ونقل لهم الحاصل، عندها أوفدوا المدير التنفيذي بالمحلية واحضروا خياماً وقال إنهم قد قاموا بحصر المتضررين فوجدوا العدد كبيرا جدا، لذا تم توزيعها على أكثر الأسر ضررا. وبعدها زار المعتمد سوبا وقام بقراء ة لواقع المتضررين وهناك مساع لجلب خيام للأسر المتضررة. كذلك اتصلنا بمعتمد محلية الخرطوم اللواء عمر نمر وأرسلنا له رسالة فلم يستجب. وعلمنا أنه خارج البلاد. وطلبت منا إدارة الإعلام الحضور لمقابلته مساء ونسبة لضيق الوقت نتيح للواء فرصة التعقيب بعد النشر. قلة الإمكانات وفى حديث عبر الهاتف أوضح معتمد محلية جبل أولياء بشير أبو كساوى أنه تم حصر الأسر المتضررة من الأمطار والفيضانات والسيول والبالغ قدرها (816) أسرة علما بأن هناك (340) أسرة تضررت بالفيضانات و(183) بالأمطار و(293) بالسيول، إضافة لذلك فمعظم الأسر التى تضررت من الفيضانات هى التى تسكن بعد الجسر أي فى مزارع لذلك فقد تضررت مساكنهم بشكل بالغ وأردف ( تمت إعانة ودعم الأسر المتضررة من قبل المحلية بالتعاون مع ديوان الزكاة. وقد احتوى الدعم على خيم ومواد عينية وتموينية و تم توزيعها للأسر المتضررة عبر اللجان الشعبية بالأحياء دون فرز، ولم نتمكن من دعم كل الأسر بأكملها نسبة لقلة الامكانات، بجانب بعض المؤسسات الخيرية التى قدمت الدعم للمتضررين مثل مؤسسة حمد بن راشد الإماراتية والشهيد الزبير الخيرية، ونحن قمنا برفع تصور بالضرر الذى لحق بالأسر لولاية الخرطوم فى آخر اجتماع لمجلس الوزراء وحتى هذه اللحظة ليس لدينا مايفيد إن كانت الولاية ستقوم بدعم وتعويض الأسر التى تضررت جراء الأمطار والسيول والفيضانات أم لا. أما فيما يتعلق بإزالة الآثار التى تركتها السيول والأمطار بالمناطق، فحاليا قمنا بردم كل الحفر وبقية المياه التى خلفتها الأمطار وذلك لمساعدة الأسرالتى تود تشييد منازلها التى تهدمت لمنع انتشار البعوض فى المياه حتى لا يصاب السكان بالملاريا. أمبدة دعم غير مجزٍ ومن داخل منطقة دار السلا م غرب سوق ليبيا وقفنا على المتضررين بمربع «18» فوجدنا اضراراً لدى الأسر تم حصرها بواسطة اللجنة الشعبية، ورفعت نتيجة الحصر لديوان الزكاة الذي وعد بإعانة المتضررين، ولكن لم ينجز ذلك حتى الآن بحسب رئيس اللجنة الشعبية إبراهيم عبد القادر، أما مربع «40» فهو الأكثر تضرراً بالمحلية، ورغم ذلك لم يحظ بزيارة مسؤول واحد عدا وسائل الإعلام التى عكست حجم الكارثة. وفى دار السلام مربع «10» تفقد المعتمد الأسر المتضررة وتم منحهم مشمعات ومائة جنيه لكل أسرة ولم يمنحوا خياماً رغم سكنهم فى العراء حتى اليوم. والتقينا بالطاهر مرجان نائب رئيس اللجان الشعبية بالحى الذي ذكر لنا أن المشمعات التي قدمت للمتضررين من صندوق الدعم الخاص باللجان الشعبية، وأن المحلية منحتهم «24» خيمة فقط لم تكف كل الأسر المتضررة، ورغم ذلك استلم نائب الدائرة وحده «4» خيام رغم أنه غير متضرر. قدر ظروفنا معتمد محلية أمبدة عبد اللطيف محمد فضيلي قال فى حديث ل «الإنتباهة» إنه قام بجولة تفقدية لبعض المتضررين لقلة الدعم الكافى برفقة وزير التخطيط بالولاية، وكونوا لجنة «الإيواء» برئاسة محمد نور التى كان معيارها الانهيار الكلي، أي تقديم الدعم للأسر الأكثر ضررا بالتعاون مع شركة mtn للاتصالات ومنظمات الدفاع المدنى وديوان الزكاة. وقدم المعتمد عدداً من الخيام والمشمعات والبطاطين والملابس، وبين أن الضرر حوالى «1000» أسرة متضررة، والدعم شمل «350» أسرة فقط، لذا يناشد الخيرين ومنظمات المجتمع المدني مد يد العون لهم حتى يصل الدعم للجميع. من المحرر: نرجو أن يكون تعويض البسطاء في خاطر الحكومة، فلا تتبخر أحلامهم ويصبح حالهم كحال مساكنهم التي جرفتها السيول مع مصادر أرزاقهم.