.. كم نحزن وتصيبنا الغيرة على التشكيليين في بلادي حين نسمع أو نقرأ عن الأرقام الفلكية التي تباع بها اللوحات التشكيلية خاصة للرموز العالمية في الفن التشكيلي التي مر عليها زمن.. والتساؤل هل يأتي يوم تباع فيه لوحات لتشكيليين سودانيين بأرقام مثل هذه وتدخل مزادات عالمية؟؟ الاحتمال يزيد بوجود الفنان بالخارج وبطرح أعماله على عالم مفتوح يقدر المجهود الفني والموهبة.. قلبي على التشكيليين السودانيين الذين يعملون إن لم يكن جميعهم في ظروف استثنائية.. تتعدد وتتنوع ولا يتوقفون.. والمعارض التشكيلية كل يوم تعلن عن نفسها وأشخاصها خلاصة تجربة وفكر مجسد على الورق أو أية خامة أخرى.. وتتكدس الأعمال وتقام المعارض والتوكل على الله، إما بيع ونفاد اللوحات من المعرض، أو تبقى اللوحات كما هي على جدران المعرض رغم الأعين التي نظرت والعقول والأحاسيس التي تذوقت والألسن التي تساءلت والأعين التي اندهشت! ويسدد الفنان الإيجار والضرائب وكل منصرفات المعرض.. وعلمت أنه حتى أولئك المسؤولين الذين تتشرف تلك المعارض بهم لا يكلفون أنفسهم عناء شراء لوحة حتى ولا بسعرها الأساسي ناهيك عن السعر التشريفي والتقديري والتشجيعي للوحة، كأن يفتتح المعرض ويشتري اللوحة بعشرة أضعاف ثمنها مثلاً.. حدثني التشكيلي أحمد الشريف ذات مرة أن سعر اللوحة لدينا تتداخل فيه عوامل عديدة.. تجربة الفنان وطولها والمواد المستخدمة، ووقت الاستغراق الفعلي في اللوحة وأشياء أخرى كما العالم، وأنه تتراوح الأسعار التي تقاس بالعملة الصعبة؛ لأن اللوحات تتنقل بين البلدان حيث جامعي اللوحات المختلفة وتتراوح بين مائة دولار إلى 70 ألف دولار. نحن بحاجة إلى بعث الإحساس باللوحة وتكوين ثقافة الإحساس بالفن عمومًا، وإضافة إلى ثقافة الشوف ثقافة الامتلاك، ومن يدري يأتي يوم ننافس فيه في المزادات العالمية وبحضور قوي كما يتسابق على لوحات بيكاسو وفان جوخ يلاحقون ما تبدعه ريشة سودانية.. وكما نتعايش اليوميات نلتفت إلى ذلك الفن ولنتعلم كيف ندخل إلى تلك العوالم ولنرَ ماذا يحدث فينا أو يخلق بداخلنا جوًا خاصًا أو ينعش فينا خفقة حياة ..!