وزير الداخلية يبحث مع الشرطة الفيدرالية أولويات حكومة السلام    رئيس الوزراء يلتقي الرئيس الجيبوتي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة    رونالدو يشارك في احتفالات السعودية باليوم الوطني    الصحة: تسجيل 2065 إصابة بحمى الضنك بخمس ولايات 74% منها بالخرطوم    الطاهر ساتي يكتب: أنانيون ..!!    أردول: المواقف تتغير وفق المعاناة.. ونرفض عودة الإسلاميين إلى الحكم    بيان رسمي باسم اتحاد أروما الانتقالي وجميع أندية أروما    إبراهيم جابر يتعهّد بالتزام الحكومة السودانية    عثمان ميرغني يكتب: كامل.. ماذا يقول للأمم المتحدة؟    الفريع الأهلي يكسب خدمات مدافع السهم الدامر    إتحاد بربر يجري قرعة الدوري المحلي اليوم    كامل إدريس في الأمم المتحدة    ديمبلي يتوج بالكرة الذهبية لعام 2025    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلام من الله عليك... يا فتحي خليل..محمد أحمد حاج ماجد
نشر في الانتباهة يوم 20 - 09 - 2012

قبل زهاء ثلاث سنوات والإخوة في اتحاد المحامين يتهيئون لانتخاب مكتب ونقيب.. وكان فارسهم الذي صنع للاتحاد مقاماً رفيعاً بتصدُّره لكل منابر الدفاع عن حقوق المستضعفين، ولكل الإشكالات القانونية والحقوقية التي تواجه مشروعه الذي آمن به.. دولة عدل وعزٍّ وكرامة، حينها كتبنا في حقه الكلمات التاليات، ولم نكن ندري ولا هو في أي ساحة من سوح الشرف والجهاد سيكون عطاؤه.. ولم نكن نعلم أن الله قد قدّر له أن يعيش باقي أيامه منافحاً عن حقوق البسطاء في أرياف الشمال، منافحًا عن عيش كريم وتنمية متوازنة.. وعندما يسر لي الله أن أزور (غزة الصامدة) في العام قبل الفائت كان الأستاذ القائد/ إسماعيل هنيّة يسألني عن الأستاد فتحي خليل، لأنه يعلم مجهودات الرجل في نصرة القضية الفلسطينية نصرة للمستضعفين... ثم شاءت أقدار الله سبحانه وتعالى كذلك أن اجتمع مع الأستاذ فتحي خليل في مائدة الإفطار (الوجبة الأخيرة للمرحوم) في جلسة رباعية بصحبة الشيخ دفع الله حسب الرسول والأخ حسن والسيد معتمد محلية مروي و سامرنا بطريقته المحببة وتحدث عن هموم الولاية التي كان يحمل همها.. وافترقنا.. وبعد ساعتين من الفراق جاءنا خبر وفاته.. أجزل الله له العطاء وأسكنه فسيح جناته.. وإلى المقال الذي سطرناه في «الإنتباهة» قبل ثلاث سنوات وكان عنوانه:
«لله درُّك فتحي خليل!»
عام مضى على محرقة غزة.. هذه الذكرى الفجيعة.. والمأساة المروّعة.. عام مضى والذكريات الأليمة والمرّة بطعم يصبح العلقم بجانبها شهداً وعسلاً - نعم إنها فاجعة يعجز الوصف عن التعبير عنها ويضيق ماعون اللغة عن إيجاد مفردة تستوعبها!!!..
الأمة التي يهتم دينها بهرة محبوسة حبستها امرأة فدخلت النار... تتفرج الآن ليس على قطة أسيرة تمنع من أن تأكل من خشاش الأرض ولكنها تتفرج على شعب برجاله ونسائه وأطفاله «يسجن في سجن كبير تحت رحمة القصف والقتل والسحل... هذه الفاجعة الفضيحة التي فضحت كثيرين وكشفت عورات أنظمة بائسة خائبة!!! ولكن يوم الحساب والقصاص لآتٍ.. يوم لا تعلو يومئذٍ إلا صيحة الحق تبارك وتعالى«لمن الملك اليوم.. لله الواحد القهار»... حينها لن يجدي العويل والصراخ ولا التوبة والندم (ما أغني عني مالية هلك عني سلطانيه) .. نعم السلطان والملك الذي لا يوظف لنصرة المستضعفين فإن مصيره المحْق والبوار والهلاك. ولكن تحركت عزيمة الشعوب حينها لتهزم فضيحة الحاكمين (وقامت) وانتفضت لتلعن (قعود) المنهزمين الذين يحسبون كل صيحة عليهم، من أهل النفاق الذين يكبرون الله عند صلواتهم ولكن الأكبر الأعظم عندهم حقيقة أمريكا وإسرائيل لا الله (كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
وفي سودان الإباء والكرامة كانت المواقف مشرفة وعظيمة... يمكن أن نسميها ملحمة بمعنى الكلمة رفعت عنّا بعض الحرج أن نرى القتل والدمار (واللا شيء) ثم نصمت... كان هناك معسكر الشموخ وهو الأغلب والسواد الأعظم... يسهر الليالي ويقدِّم الدماء والمال ويجود بالنفس ملحمة كان رأس الرمح فيها ينطلق من مكتب الخرطوم العمارات شارع (61) هناك حيث اتحاد المحامين... نفر من مشارب شتّى.. محامون وأطباء وطلاب وشباب ونساء... ومنظمات وأحزاب.
يجتمعون كل مساء عقب صلاة المغرب يدير الاجتماع أستاذنا الكبير فتحي خليل بلا ملل، وبطريقة محببة تحمل خفة وبداهة حلفاوية حاضرة تبدد ساعات الرهق الطويلة، كان الاجتماع ينتهي في بعض الأحيان الواحدة صباحاً لتنطلق فعاليات النهار.. تبرُّع بالدم.. وجمع للمال.. مسيرات.. ندوات حراك نحو الولايات.. كنّا نسمع الأخبار طازجة من (أبي عبادة) رئيس الجالية الفلسطينية.. كان كل هذا يتم مع تساؤل المشفقين الحريصين.. كيف الوصول إلى غزة بهذا الدم.. والمال.. والغذاء.. وأنّى لهم؟!!.. كانت هذه تساؤلات المشفقين.. وكذا تساؤلات المستهزئين وشرعت بعض أقلام الحيارى من أهل الخوار والفكر البئيس تشمت في المقاومة ليتهم غطوا عجزهم وجبنهم وعمالتهم بالصمت ولكن شرعوا يسخرون ويشمتون في الجرحى والشهداء كأنهم يقفون خلف إمامهم أبي سلول ويقولون (لو أطاعونا ما ماتوا وما قتلوا) أو يقولون (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا)... نعم كأنهم يقولون لو كانوا عند فكرتنا ومثل منهجنا في الاستسلام والركوع والذل والخنوع ما ماتوا وما قتلوا!! قل فأدرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين..؟؟؟ نعم إنها ملحمة كشفت عن معدن أصيل في هذا الشعب الأبي ملحمة طغت على أصوات المرجفين والراجفين الذين باعوا أوطانهم وأهليهم وعرضوا بلادهم لقرصنة وضربات الأعداء بمعلومات كاذبة فلا عجب أن يخذلوا ويشمتوا في المقاومة وشعب غزة الأبي.
النساء تبرّعن بالحلي والذهب.. انطلقت جموع الشباب تغزو تحرِّض الناس على التبرُّع بالمال.. جاء الجنيه (المكرفس) من أيدٍ طاهرة فهو أبرك عند الله، وجاء أصحاب (الورنيش) ماسحو الأحذية، فسمعوا وتأثروا وأفرغوا ما بجيوبهم.. الطالبة أفرغت من عندها لعله ثمن وجبة وبورك في المال وتحوّلت الملاليم والجنيهات بصدق المشاعر والإخاء إلى جبال وصلت المليارات وحينها انطلقت الطائرات نحو غزة سبع طائرات تحمل الدواء والغذاء والنصرة.
وصل أطباء السودان.. صال الاختصاصيون وجالوا في ربوع غزة يمسحون دمعة ويداوون جراحاً ويغرسون درباً يحمل دماً سودانياً حاراً في أوردة وشرايين جرحى أشاوس في غزة ليختلط دم النصرة بدم الشموخ والعزة.
ذهب الأطباء د. محمد سعيد ود. محمد الأمين، وقائمة تطول من الشرفاء استقبلهم الوزراء وقادة حماس عند الحدود وفي الطرقات وفي النهارالجهير وليس كما ادعت بعض أقلام البوار إنهم كانوا مختبئين.. وسقط شهداء بل، صعدوا، الريان وصيام وغيرهم من القادة لتسموا أرواحهم في الجنان وتخسأ أقلام الاستعمار في الداخل والخارج.
أصوغ هذه الكلمات بمناسبة مرور عام على مأساة غزة وانتفاضة شعبنا في السودان وحكومته نصرة لهؤلاء الأشاوس الذين ما ضرّهم أن خالفهم الناس في زمن أصبحت علامة الاستسلام علامة مسجلة وبضاعة رائجة.. نعم أكتب هذه الكلمات وقائد هذه الملحمة الشعبية أستاذنا فتحي خليل - يترجل من صهوة جواده في اتحاد المحامين، ستة عشر عاماً والرجل يرفع رأسنا عالياً منافحاً عن قضايا أمته في كل المحافل بلا كلل ولا ملل.. وسيحفظ التاريخ لأستاذنا فتحي خليل هذه الوقفات الشامخة وسجلاً حافلاً بالجهاد الحقيقي في زمان بغاث الطير والمتردية والنطيحة وما أكل السبع الذين استأسدوا هذه الأيام.. يا عجبي!!!
نعم، لن تسقط قائمة يقف ويشد من أزرها رجل بهذا العزم والإصرار لا بد لها بإذن الله أن تنتصر لأن نصرتها نصرة للمستضعفين والحق والعدل، سيما وأن الخندق الآخر فيهم من خان الأوطان وباع الدين بثمن بخس.
إن انتصار قائمة فتحي خليل الذي ترجل لأخيه عبد الرحمن إبراهيم هو انتصار للرنتيسي ويس وصيام والريان وهزيمة لدحلان وعرمان وباقان.. أمّد الله في عمرك أستاذنا.. فتحي خليل.. أيها المحامون الشرفاء قوموا إلى صناديق الاقتراع يرحمكم الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.