قال الله تعالى في محكم التنزيل، بسم الله الرحمن الرحيم «ولَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍ مِّنَ الخَوفِ وَاْلجُوعِ ِوَنَقْصٍ مِّنَ الأمْوَالِ وَالَأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِيَنَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَاُلوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» صدق الله العظيم نعم لقد أصابتنا المصيبة بفقدنا لشيخ جليل وعالم في الفقه وعلوم القرآن، رجل قامة سامقة سخّره الله سبحانه وتعالى وأسرته لخدمة الحيران وتحفيظ القرآن والمحافظة على ديمومة نار القرآن متقدة في مسيده وخلوة والده ذلك المسيد وتلك الخلوة التي لم تقفل أبوابها يوماً دون طلاب العلم، ولم تُطفأ فيها نار القرآن ليلة، ولم يغب عن ساحتها الحيران ليلاً أو نهاراً.. إنها كانت المأوى لأبناء السودان من شتى بقاعه ومن كل جنسياته منذ مطلع القرن الماضي تخرج على يد شيوخها مئات من أبناء السودان حَفَظَة للقرآن وساروا بما نالوه من علم ومعرفة في البلدان والأرياف والمدن يعلِّمون الناس وفي ذلك صدقة جارية. نعم أصابتنا المصيبة والفقد جلل والقلب يحزن والعين تدمع ولا نقول إلا ما يرضي الله ورسوله «إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» لقد غيَّب الموت عنا شيخنا الجليل «إبراهيم ود العوض ود مدني».. الرجل الحبيب للقلوب البسيط في الحياة المتواضع في الخطاب الحافظ للكتاب المتفقه في علومه المرجعية لنا في طلب المعرفة في الدين. إنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون. فقدناك في ليلة الخميس، فقد تسللتَ من بين الجموع التي تنتظر شفاءك لتعود بك إلى مسيدك وخلوتك والناس والأهل والحيران في القرير تنتظر، تسللتَ كأنما اخترتَ تلك الليلة للقاء ربك في صباح الجمعة المباركة بعد أن أنهكك المرض والألم فجاء نداء ربك رحمة ومحبة وراحة لك. ويسير الجميع بجثمانك الطاهر ليلاً إلى خلوتك التي أحببت ليتم تشييعك منها في جموع قالوا عنها لم تكن مسبوقة. أيها الشيخ الحبيب لقد كا ن دعاء الناس لك تلك الليلة صادقاً لأنهم لم يعرفوا عنك إلا الصدق، وكان صبرهم على المصيبة محتسباً فما عرفوا عنك إلا الصبر والاحتساب وكان تشييعهم لك في تلك الجموع محبة لك ووفاء لشيخ في جوف كل منهم حرف تعلمه منك وقرآن حفظه على يديك. اللهم نسألك ونتوسل إليك أن تبدل شيخنا إبراهيم دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله وأن تُدخله الجنة مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا. اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ونقِّه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واجعل قبره روضة من رياض الجنة. اللهم اجعل كل معاناته من مرض وألم حسنات مضاعفة في ميزانه.. اللهم اجعل البركة في ذريته وأهله وجيرانه وكل من تعلم حرفًا على يديه وسخّرهم وسخرنا للدعاء دائماً وأبدًا له.. اللهم بارك في خلوتنا وبارك في الذين يقومون بأمرها وتسييرها ودعمها والصرف عليها.. اللهم نسألك أن تعين شيخنا الخضر شقيق الفقيد وتيسِّر له أمر القيام بما كان يقوم به شيخنا الفقيد رعاية للخلوة والمسيد والجامع وإيواء ومعيشة الحيران الذين يقصدون الخلوة والمسيد من شتى بقاع السودان طلبًا للمعرفة والعلم. اللهمّ بارك في أهل القرير وأبناء القلعة الذين حرصوا على مسيرة الخلوة وفتحوا بيوتهم لطلاب العلم فيها دون منّ أو أذى. والله المستعان والحمد لله من قبل ومن بعد والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.