الحمد لله الذي وفقنا في ذلك الامتحان العسير الذي عم جميع الدول الإسلامية، حيث أراد الله سبحانه وتعالى به أن يرينا جزءاً من المكايد والضغائن التي يحملها لنا المنافقون والكفرة الفجرة، وذلك عندما قدموا فيلماً عن رسول الله (ص) الذي لم يروه، ولم يعرفوه، ولم يقرأوا عنه جيداً، بل أرادوا من فيلمهم هذا أن يحدثوا به انشقاقاً كبيراً في سيرته الطاهرة، وشكاً وريبة في الدين الإسلامي القويم، الذي كما نراه يزداد قوة ومنعة في كل يوم، وليس أدل على ذلك من أن المسلمين صارت لهم الآن الكلمة العليا في كل المجالات الدينية، بل صار العالم يحسب لهم ألف حساب في كل الأمور الدنيوية، وقد خرجت أيها الإخوة تلك الجموع الهادرة والملتهبة من المسلمين الشرفاء، من كل أنحاء العالم، بل من كل فجٍ عميق، ليجوبوا السفارات الأمريكيةوالغربية، منددين بذلك الفيلم المقزز والمشمئز ضد رسول الله (ص)، ذلك الفيلم الذي يطعن في الإسلام وعقيدته السمحاء، التي تعترف بكل الأديان السماوية، وتحترم كل العادات والتقاليد الدنيوية الصحيحة. وما كنت أود أن أكتب في هذا الموضوع أيها الإخوة؛ لأن الإسلام يعرف كيف يدافع عن نفسه، بل في الحقيقة لا يحتاج إلى رد لمثل هؤلاء المهرجين والكفرة الفجرة، لولا أنني لاحظت أن هنالك أقلاماً بعينها وهي مسلمة تكتب أو تعلق عن هذا الموضوع في الفضائيات العديدة، وتقول بصراحة ما كان ينبغي للمتظاهرين المسلمين الهجوم على تلك السفارات الغربية، وخاصة الأمريكية؛ لأنها غير مسؤولة عن ذلك، إذن مَن هو المسؤول عن ذلك أفيدوني أفادكم الله؟ هل المسؤول عن ذلك هم هؤلاء الكتاب والممثلين الموجودين في أمريكا، الذين قاموا بتلك التمثيلية الهزيلة لينالوا من وحدتنا الإسلامية؟ والذين يعلمون جيداً أن أمريكا ستقدِّم لهم كل شيء، نعم، ستقدِّم لهم أمريكا كل شيء حتى الحماية من المساءلة أو المحاكمة الجنائية في أي مكان في الكرة الأرضية، وقد رأيت بأم عيني في إحدى القنوات الفضائية كيف قامت الدولة الأمريكية بإرسال مجموعة من الشرطة لحماية منازل هؤلاء الكفرة الفجرة بدلاً من القبض عليهم ومساءلتهم والتحقيق معهم، هل هذه هي حرية الرأي والتعبير التي ارتضاها الشعب الأمريكي أو الغربي لتصير جزءاً من قوانينه وتشريعاته؟ هل هذه هي حرية الرأي والتعبير التي تعمل على خلخلة السلام والأمن العالميين بين الأديان السماوية وتسمح لمن ليس له الحق بأن يهاجم الذي له الحق؟ هل هذه هي حرية الرأي والتعبير التي تقف فيها الفئة القليلة لتهاجم الأغلبية العظمى في دينها وعقيدتها؟ لماذا لم تضع تلك الدول وأخص بذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية قانوناً لحماية الدين أو العقيدة مهما كان ذلك الدين أو العقيدة، وهي تعلم جيداً أن بلادها واسعة جداً وتأوي الكثير من الأديان المختلفة؟ إنهم أيها الإخوة يتحدَّثون عن القوانين وحرية الرأي والتعبير التي وضعها أسلافهم، ضمن مؤلفاتهم لتنير لهم الطريق، أمثال الفيلسوف الإنجليزي جيريمي بنثام، أو الإيطالي فيتوريو ألفيري، أو الروائية والأديبة الفرنسية كوليت التي اشتهرت بالتحليل البارع للعواطف والمتعة الجنسية، هذه هي قوانينهم أيها الإخوة التي يقدسونها ويجلونها ويحافظون عليها، يريدون أن يقولوا أي شيء ثم يعيدونه إلى حرية الرأي والتعبير، أما نحن البعيدون كل البعد عن أعمالهم وأفعالهم فيريد البعض منا وللأسف الشديد أن نكون خلافًا لما أمرنا به ديننا الحنيف، وعقيدتنا السمحاء، ذلك الدين الذي يأمرنا باحترام الطرف الآخر في دينه وعقيدته، كما على الطرف الآخر احترامنا في ديننا وعقيدتنا، وإلا تحركنا للدفاع عن أنفسنا وعقيدتنا بالطريقة الممكنة، وعلى ما أعتقد أن تلك هي الطريقة الممكنة لعمل ذلك، فنحن في حالة هياج نابعة من حبنا المتدفق لرسول الله (ص)، ومستعدون أن نقدِّم له أرواحنا الرخيصة فداءً له، وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها هؤلاء الكفرة الفجرة رسولنا محمد (ص). نحن نترحم على الإخوة الشهداء الذين سقطوا في السفارات الأمريكية في كل من دول السودان ومصر واليمن وتونس أو أية دولة أخرى، دفاعاً عن سيرة سيدنا ونبينا محمد (ص) الطاهرة النقية، ونرجو لهم الجنة مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، كما ننعي الأمريكيين الأربعة بينهم سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية الذين لقوا حتفهم داخل القنصلية الأمريكية ببني غازي بليبيا، ونقول لأسرهم (هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد)، ولتعلم تلك الأسر أن السبب الرئيس في موت أبنائها هي قوانين الولاياتالمتحدةالأمريكية الجائرة، والبعيدة كل البعد عن حماية الدين والعقيدة والعرض، والدليل على ذلك أن جميع الدول في العالم بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها قد أدانت ذلك الفيلم المشمئز والمقزز عن الإسلام وعن رسول الله (ص)، بل نادت بعضها بوقفه، كما أدانت تلك الدول الهجوم على القنصلية الأمريكية في بني غازي، وبعض السفارات الغربية في بعض دول العالم ولكن، بعد أن وقع الفأس في الرأس. سأجيب أيها الإخوة على ذلك الأخ المسلم الأندونيسي الذي ظهر في إحدى القنوات الفضائية، ويلعب الكريكيت في اليوم حوالى «خمس وسبع» ساعات، وهو يحافظ على صلاته وصيامه كما يقول، حيث يتساءل ذلك الشخص قائلاً: هل يأمرنا ديننا الإسلامي على قتل البعض دون وجه حق، وأقول له لا وألف لا، ديننا الإسلامي الحنيف لا يأمرنا بذلك أبداً، ولكن سأقول لك بطريقة أخرى هل يأمرنا ديننا الإسلامي الحنيف بترك أمثال هؤلاء الكفرة الفجرة أن يتلاعبوا بسيد الأنبياء والرسل سيدنا محمد (ص) دون وجه حق، علماً أن بلادهم تقدِّم لهم الحماية والرعاية ليحكموا قبضتهم في رسول الله (ص) ويؤلفوا عنه التمثيليات والأفلام والقصص، ثم تقول لنا، نحن الذين لا نفهم شيئاً، إنها بعيدة كل البعد وليس لها دخل في ذلك، فهي التي وضعت القوانين، لهذا السبب لن تتدخل في حرية الرأي والتعبير أبداً، وليشرب كل من أصابه أذى من ماء البحر. أيها الإخوة نحن نتحدَّث عن القوانين الإسلامية التي وضعها لنا القرآن الكريم، التي أمرنا بها رسول الله (ص)، فأين أنتم من ذلك، وأين أنتم من تحرك الولاياتالمتحدةالأمريكية للقبض أو قتل أو تدمير كل من يرفع صوته ضدها، فأرجو أن تراجعوا مذكراتكم.