في ورشة التهرب الضريبي التي عقدت الأسبوع الماضي بالتعاون بين ديوان الضرائب والجهاز الوطني وسط حضور إعلامي وأمني مكثف نوَّه أحد المتحدِّثين إلى خطورة التهرب الضريبي الكبير الذي خلفته الإعفاءات الضريبية للقطاع الزراعي وخاصة مدخلات الإنتاج في قطاع الدواجن، ورغم الإعفاء تتميَّز منتجات القطاع بارتفاع أسعارها على عكس ما هو متوقع، وارتفعت أسعار الدواجن في السو ق المحلي وبلغ سعر كيلو الفراخ الواحد ما بين (27 أو 30) جنيهًا، والغريب في الأمر أن المتحدِّث أكد أن الكيلو المستورد من البرازيل للسودان بواقع (دولار و10) سنت فقط ودلل على أن أصحاب مزارع الدواجن جنوا أموالاً طائلة من وراء الإعفاء، وذكر أن صاحب مزرعة للدواجن ارتفع رأس ماله من (5 مليارات إلى 150 مليارًا)، مطالبًا بمراجعة الإعفاءات الجمركية والضريبية على القطاع، ويتضح جليًا أن ارتفاع أسعار الفراخ المنتج محليًا بسبب الجشع والطمع لا غير مما يعود بذاكرتنا للوراء قليلاً لحديث الوزير المتعافي، حينما كان واليًا للخرطوم ووعوده بأن الفراخ سيكون طعام الفقراء، وتوقع انخفاض الأسعار لتكون في متناول الجميع، ولكن يبدو أن الفقراء لن يكون لهم نصيب في أي يوم. اللواء عبد الوهاب الرشيد كان حضورًا في الندوة واشتكى من مشكلات تواجه الولايات في انتظام تحصيل الضرائب لانعدام الحوسبة الإلكترونية، وقال: (مافي حتى بنك أو فرع لبنك نورد فيه القروش للضرائب أو المركز ومافي شغل علمي أو محوسب أبدًا).. ومن هنا نتساءل عن الخطوات التي قطعتها الحكومة في برنامج الحكومة الإلكترونية وماذا حدث فيها وما هي آخر مستجداتها؟.. والدعوة موجهة أيضًا للبنوك والمصارف لفتح فروع أكثر بالولايات لمزيد من الفائدة لها ولغيرها من المؤسسات. وكشفت الورشة عددًا من الممارسات السالبة التي تؤثر على الاقتصاد الوطني وتلحق به الضرر البليغ منها طباعة الفواتير وبيعها في السوق من قِبل بعض التجار والتزوير في المستندات والمنفستو للجهات المختصة وتأجير سجل العمل وغيرها من الطرق التي تتبع للهروب من سداد الضرائب المستحقة والحلول لكل ما ذكر لا تتوقف على القوانين والتشدد فيها ولكن يعول كثيرًا على تنمية الوازع الديني والأخلاقي والوطني ورفع الوعي الضريبي للتعامل مع القضايا السابقة والتعامل برفق من قبل محصلي الضريبة لترغيب الناس في السداد. اشتكى ديوان الضرائب من مؤسسات حكومية لم يسمها نتيجة تهربها من سداد ما عليها من ضرائب، والسعي للحصول على إعفاءات خاصة مما وسع الهوة بين الديوان وتلك المؤسسات، فإذا كان هذا هو حال المؤسسات الحكومية فما بالكم بالهيئات والمؤسسات الخاصة ألا نجد لها العذر إذا تهربت من سداد ما عليها من ضريبة؟ ومِن الأولى إصلاح المنزل وترتيبه من الداخل.. فالتهرب الضريبي يعني تمام هروب المال العام من خزينة الدولة وخصمًا على المواطن.