مقولة نرددها كثيرًا خاصة في الشأن الإبداعي وانتشار الإبداع السوداني وامتداده عبر البلدان إننا لا نجيد تسويق أنفسنا عمومًا وأن مبدعينا لا يجيدون تسويق أنفسهم إلا قليلا ممن دفعت بهم الأيام إلى خارج حدود الوطن واحتكاكهم بالعالم الخارجي وتأسيهم به، أو لبعدهم عن الوطن ومحاولتهم توصيل صوتهم وأعمالهم ما استطاعوا سبيلا.. هؤلاء نجدهم الأكثر وجودًا في الشبكة العنكبوتية والأكثر تواصلاً مع العالم يطرحون أفكارهم وأعمالهم ويتلقون ردود أفعال وتفاعل من الجميع.. زارنا في الأيام الماضية وبدعوة كريمة من نادي القصة السوداني الدكتور طارق الطيب، ونحسب أن ما أنجزه طارق الطيب وهو الأديب والروائي والأستاذ الجامعي بجامعات النمسا في هذه الزيارة السريعة التي لم تتجاوز الثلاثين يومًا بعد غياب قرابة نصف القرن عن أرض الوطن! لم يستطع كاتب أو مبدع آخر من بلادي أن ينجزه في سنوات عديدة! بداية من التجوال في الولايات المختلفة والظهور الإعلامي والاحتفاء والاستقبالات الرسمية والأهلية التي قوبل بها أينما حل وهذا أمر ليس غريبًا علينا أن نحتفي بالضيف. وهو ضيف وقريب منا.. نفخر بوجود طارق الطيب وهو ينقل أدبنا وثقافتنا إلى الخارج؛ لكننا نتساءل ماذا لو احتفينا بهؤلاء الزاهدين من أدبائنا ومبدعينا الذين يختزنون إبداعهم ويجلسون زهدًا وقناعة و«قَنَعَانًا»! ومثل هؤلاء لايجيدون تسويق أنفسهم وأعمالهم ولايواكبون العولمة ولا يسعون للانتشار والتواصل مع العالم.. فلنلتفت لهؤلاء ولنوصلهم إلى العالم الذي لا يستطيعون إليه وصولاً ولنبحث عن من رحل من مبدعينا ولنبقهم أحياء ما استطعنا بإبداعاتهم وبإدخالها في دورة إبداع وإنتاج مستمر: أن نطبع المسودات ونعيد طباعة ما نفد من كُتب ونمثل المسرحيات وننتج القصص أفلامًا ومسلسلات، أن نغني الشعر ونبثه في إعلامنا المرئي والمسموع وأن لا نخشى ولا نمنع حقًا محفوظًا لأهله فهذا أقل ما نفعله إكرامًا لهؤلاء المبدعين. كم نسعد عندما نحدث تغييرًا في حياتنا وما حولنا فكل تغيير هو أمل متحقق نحو الأفضل وهذا المراد دومًا، وكم نحلم بتغيير أشياء فينا وفي شخصياتنا وأسلوبنا في معالجة الأمور.. وكم نأسف عند عجزنا لقلة المحاولة أو لعدم الجدية أو لإتخاذنا التغيير شعارًا ودعاية انتخابية «خاصة جدًا» تزول بزوال أو ابتعاد الدافع!