لن نذكِّر والي الخرطوم بمقولة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال قولته الشهيرة: « لو عثرت بغلة بالعراق..» لأن الفارق كبير بين الفاروق وما يقوله وبين الخضر وما قاله للمواطنين إبان حملته الانتخابية، فالمتعثر أخي الوالي، ليس بغلة وإنما السواد الأعظم من سكان الولاية، وإن شئت فلك أن تذهب لمركز صحي اسمه «شفاء العليل» يقع بالقرب من مستشفى أم بدة النموذجي واجلس مع مديره وهو طبيب اسمه بهاء الدين، جعله الله ذخرًا لمواطني تلك المنطقة بعد تجفيف مستشفى أمبدة الآيل للسقوط وصارت تلك المنطقة المأهولة بالسكان بلا مركز لتقديم الخدمات ولك أن تتخيل أعداداً كبيرة من الأطفال يعانون من الجفاف والإسهالات ويحتاجون لعلاجات طوارئ قد لا تمكنهم من الوصول لمستشفى أم درمان ولك أن تتخيل امرأة الآن تعاني المخاض الشديد وتحتاج لعملية مستعجلة فلن تجد من ينقذ حياتها إلا مستشفى أم درمان ولا تنسَ أخي الوالي، أن تلك المناطق الممتدة حتى دار السلام والصفِّير وأم بدات بأكملها تعاني من جرائم الأذى الجسيم والحوادث وغيرها، ولك أن تراجع إحصاء التحصين لمنطقة البقعة حيث بلغ عدد الأطفال هناك أكثر من مائة ألف طفل، وهؤلاء إن احتاجوا لخدمات الطوارئ فإن حياتهم ستكون في خطر. ورغم أن مركز «شفاء العليل» خاص ومن حر مال مالكيه إلا أنه يقوم بقدر الإمكان ما تعجز عنه الولاية الأنموذج بالسودان. مسألة أخرى يجب أن تراجع وحق لنا أن نتساءل من المسؤول عن ذاك العبث والإهمال والفساد الغريب في تشييد هذا المستشفى المكتوب على لافته إنه نموذجي رغم أن تأسيسه كان في العام 2004م ومن الذي يتكفّل بدفع الخسائر الفادحة والهدر الكبير للمال العام بهذا المستوى. عفواً السيد الوالي، اذهب معكم لموقع آخر منكوب بهذه الولاية ويمكنكم أن تقوموا بزيارة للريف الجنوبي لأم درمان وتستنطق أهل جبل طورية «منطقة الكسارات» إن كنت تجلس وتستمع لرعيتك وهي منطقة صارت مأهولة بالسكان إلا أن هذه الكسارات تكسر الصخور بعد حرقها ب«الزفت» واللساتك فتغطي سماء المنطقة ليلاً ونهاراً بركام أسود يخترق صدورهم ويلوث بيئتهم بأبشع أنواع الدخان، إن لم تستطع الوصول إلى تلك المنطقة يمكن الاستعانة بما يسمى المجلس الأعلى للبيئة، الذي لم نرَ له وظيفة منذ تأسيسه، وليتهم يكونون صادقين معك ومع الرعية فيكتبون لك بما رأت أعينهم. أفق قبل الأخير: لنا أن نسأل، كيف تتخلّص الخرطوم من نفاياتها؟ وهل صحيح أن شركات النظافة متوقفة لعدم دفع الولاية لاستحقاقاتها المالية؟ أفق أخير: السيد والي الخرطوم.. اتقِ الله في رعيتك!!.