«أنا ما معاكم والجنوبيين خانوني في أنيانيا 1»، كانت تلك هي الكلمات التي رد بها فيليب عباس غبوش على المحادثة التلفونية التي كان طرفها الآخر «تلفون كوكو» وهو يطلب منه الانضمام إلى الحركة الشعبية في إثيوبيا. وهذا النص ورد نقلاً عن كتابات تلفون كوكو والمعتقل الآن لدى ناس سلفا كير إن صحت رواية الاعتقال وقد فشلت كل الجهود حتى الآن في إطلاق سراحه علماً بأنها ليست المرة الأولى التي يعتقلونه فيها فقد حدث ذلك في عام 3991م وأُطلق سراحه في 7991م وتم تعيينه قائداً للإمداد في «الحركة بتاعة قرنق» حتى 5002م. وما يهمنا هنا هو التأكيد على إثبات مبدأ الخيانة عند السياسيين الجنوبيين والتي أيدها فيليب عباس عندما سبق له التعامل معهم في زمن نشاط التمرد المعروف «بأنيانيا واحد» وأنيانيا «اتنين» وهنا لا بد أن أشير إلى ما حدثني به أحد المحسوبين على اليسار والذي كان قريباً من بعض قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان «بتاعة الجنوبيين» وتصادف أنه كان صديقاً لأحدهم جمعته به ظروف الدراسة الأكاديمية والقائد الجنوبي كان أميناً جداً مع صديقه البروفيسور الشمالي وقال له بالحرف الواحد مع توقيع اتفاقية السلام في 5002م وعندما كان «العوراء» من أمثالنا الشماليين يتجمهرون مع الجنوبيين ليلتقوا بجون قرنق في الساحة الخضراء وهو يترجل من الطائرة البيضاء ذات الماكينات المحمولة على ظهرها.. قال له: «أرجو يا صديقي ألا تنخدعوا بأن جون قرنق سوف يستصحب اليساريين وقضاياهم معه في مسيرته السياسية خلال الأيام القادمة فالرجل قد جاء لتنفيذ مشروع السودان الجديد الذي ليس فيه دور للعرب ولا للمسلمين وليس فيه دور للدين أو الثقافة القديمة. وجون قرنق سوف يعمل على إزاحتكم واحدًا واحدًا وسوف يطيح بكم أفراداً وجماعات وزعماء حتى ينتهي منكم الواحد تلو الآخر.. وجون قرنق والجنوبيون يعتبرون أن الشيوعي محمد إبراهيم نقد لا يختلف كثيراً عن الترابي ولا عن المهدي أو الميرغني فكلهم مندكورو جلابة أولاد تاع عرب تاع أدان همراء. وهذا الاعتقاد لن يزول لمجرد أنكم تصفقون وتطبلون وتهللون وتحتفلون بالحركة الشعبية.. ويقول محدثي البروف إن هذا ما حدث بالضبط وأيده يوم الإثنين الأسود عندما هجم الجنوبيون على مدينة الخرطوم وعاثوا فيها فساداً وقتلوا الأبرياء العزل بالسواطير ومن بعد قاموا بتشكيل الخلايا النائمة والقائمة وأشاعوا الذعر وما زالوا في الطرق والأحياء الآمنة بالهجوم على المواطنين في شكل عصابات اسموها عصابات النيقرز «الزنوج» مستعملين السواطير والفؤوس الحديدية. وقصة خيانة الجنوبيين للمعارضة السودانية لا تتوقف عند رواية فيليب عباس غبوش بل قد يشهد بها معترفاً كل منسوبي وزعماء أحزابنا السياسية من حزب الأمة والاتحادي والشيوعيين والبعثيين وصولاً إلى كل أحزاب «الفكة».. فقد عملت حركة قرنق على الاستفادة منهم عندما دعموها بالمال وبالسلاح وبالكوادر ودمروا الخطوط الناقلة متضامنين معها وجمعوا لها أموال المنظمات والهيئات من كل مظان الأعداء على السودان. وقامت حركة قرنق بامتصاص دماء المعارضة السودانية بعد أن خدعتهم بأنها سوف تعيد لهم مجدهم الغابر وإرثهم التاريخي الضائع ثم قفزت من سفينتهم ولفظتهم ورمت بهم في مزبلة العمالة والارتزاق واغلقت عليهم برميل أوساخها. وإن كان الجنوبيون قد خانوا فيليب عباس من قبل وتلفون كوكو من بعد ومن بينهم زعماء المعارضة فهم الآن يخونون بالضرورة قطاع الشمال الذي صنعوه بأيديهم مثلما خانوا حكومة السودان عندما احتلوا هجليج ومثلما يخونون كل الشعب السوداني بتكوين عصابات النيقرز لإثارة الهلع والهلوسة في البلاد على طول الحدود الممتدة بيننا وفي كل وقت وحين. كسرة: في الوقت الذي نصرح فيه (ونحن فرحانين) بأننا فتحنا وسنفتح المزيد من الحدود والنقاط لنقل الذرة والدقيق والزيوت والقماش والبضائع كلها للجنوبيين تأتي الأخبار لتقول إن رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم استلم أكثر من سبعين لاندكروزر مسلحة من حكومة الجنوب في بانتيو التي زارها أول من أمس.. وبالطبع فإن السبعين لاندكروزر لم تعطها حكومة الجنوب لأغراض ترحيل موظفي وموظفات العدل والمساواة ولا لكي يترحلوا بها لقضاء عطلة العيد. ولكنها لاندكروزرات مسلحة بالدوشكا لمحاربة الجيش السوداني وليتمكن جبريل من غزو دارفور عبر جنوب كردفان، وأخشى أن نرفع الحريات الى سبعمائة بدلاً من أربعمائة بمعدل عشرة حريات مقابل كل لاندكروزر وسبعين في عشرة تساوي سبعمائة ويا زوووووول ما تقرب ومن غير ما تتعب يا زوول ما تضرب.