حيثما جلت بناظريك في البلد الحرام هذه الأيام فإنك تشاهد الرافعات الشاهقة وأعمدة الصلب الكبيرة والحفر العريضة والعميقة التي تدل على إنشاءات بعضها قيد التنفيذ والأخرى شارفت على الانتهاء. هذا العمران الهائل الذي تشهده مكةالمكرمة خلال هذه الفترة ليس وليد اليوم ولكنه يعود إلى سنة أو سنوات، وعلى الأخص مشروع توسعة الحرم المكي من الجهتين الشمالية والغربية، والذي استدعى إزالة العديد من الأبنية للتوسع في مكانها ومن معظم الجهات المحيطة بالحرم.. وفيما يشهد المسجد الحرام اكتظاظًا بالحجاج قبل يوم التروية استعدادًا للحج الأكبر في عرفات، لا تزال عمليات التوسعة لاستيعابهم قائمة بحلول عام «2020م». وحسبما يقول الأمين العام لمحافظة مكة الدكتور محمد علي البار فإن الهدف النهائي للتوسعة الحالية هو زيادة الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام إلى نحو ثلاثة أضعاف طاقته السابقة، بحيث يستوعب نحو ثلاثة ملايين مصلّ في آن واحد. وقد بدأت توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للمسجد الحرام «التوسعة الثالثة» قبل نحو ثلاثة أعوام، وذلك لإضافة مبنى جديد وساحات بنسب مختلفة للتناسب مع الطبيعة الجغرافية لمنطقة شمال وغرب المسجد الحرام. ويقول الدكتور البار إن المشروع لا يقتصر فقط على توسعة المسجد، بل يشمل أيضًا محطة خدمات مركزية لتوزيع الكهرباء والتبريد، مع التقليل من استهلاك الطاقة الكهربائية والاعتماد على الطاقة الشمسية، كما أن عملية التبريد ستستخدم فها المياه المكررة والمنقاة. ولأول مرة ستشهد التوسعة إضافة حضانة أطفال للتسهيل على العائلات في أداء العمرة والحج في طمأنينة وهدوء. وتوقع البار انتهاء المشروع في الزمن المحدد له أو قريبًا منه أي بحلول «2020م» مشيرًا إلى مشاركة القطاع الخاص في هذا التعمير بمشروعات تجارية تصل إلى ضعفي مساهمة الدولة فيه. واعتبر البار أن القطاع الخاص هو شريك أساسي ضمن هذه البنية التطويرية، مشيرًا إلى أن الأمانة أنشأت شركة كمسهل للقطاع الخاص ليقوم بمشاريعه بالتنسيق مع الأمانة وهيئة تطوير مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة برئاسة أمير منطقة مكة خالد الفيصل. وقد أنجز من مشروع التوسعة إضافة طابق ثالث للسعي وآخر للمطاف، وهو ما أدى إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للمسجد بنحو «200» ألف حتى الآن، وصولاً إلى هدف التوسعة الذي سيزيد الطاقة الاستيعابية للحرم بنحو مليون و«800» ألف. ويقول الدكتور البار إن التوسعة تستهدف أيضًا الإسكان الدائم وهو الذي يخص تسهيل سكن أهل مكة في المنطقة الجنوبية.. وتغطي الفنادق في مكة نحو «120» ألف سرير في اليوم، وهو رقم أقل بكثير من عدد الحجاج في مكة كل عام، الأمر الذي يدفع بهم إضافة لضعف قدراتهم المالية إلى افتراش الساحات المحيطة بالحرم رغم وجود العديد من اللافتات التي تدعوهم إلى عدم القيام بذلك حتى لا يتم تعطيل تدفق الحجيج إلى الحرم. وتشرف هيئة تطوير مكة برئاسة الأمير خالد الفيصل أمير مكة على المدينة المقدسة، وتضم الهيئة في عضويتها أمانة مكة ووزيريْ المالية والحج. من جهته صرح الأمين العام لهيئة تطوير منطقة مكةالمكرمة د. سامي برهمين أنه سيتم توسيع المنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي الشريف أضعاف مساحتها الحالية.. وإن الدراسات التي أعدتها الهيئة بمشاركة جميع المؤسسات السعودية ذات العلاقة ستصل بالمساحة الحالية إلى عشرة أضعاف مساحتها الحالية، كما أن المخطط المعتمد للمنطقة المركزية حدد الطريق الدائري الثالث حدوداً للمنطقة. كما ذكر إن قطار مكةالمكرمة الذي أقره مجلس الوزراء السعودي ستتم المباشرة في تنفيذه قبل نهاية العام المقبل «1334ه»، وسيخدم مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، حيث سينقل المصلين والزوار والحجاج والمعتمرين من جهات المدينة ال «4» إلى الحرم المكي الشريف، وسيتم بعد موسم الحج مباشرة إعداد الدراسات التفصيلية للمشروع وكذلك الدراسات التنفيذية.. وأوضح أنه سيتم إنشاء «4» محطات تحميل وتنزيل للركاب بمساحات كبيرة الأولى خلف مشروع وقف الملك عبد العزيز والثانية في جبل عمر والثالثة في الغزة بالقرب من مكان البريد الحالي.