من الرواد الأوائل الإذاعيين.. أصحاب المواهب المتعددة والثرة يأتي اسم الإذاعي محمد صالح فهمي. بالقطينة وفي بدايات سنوات العشرين كان ميلاده ببيت يهتم أهله بالقراءة والعلم. بالخلوة كانت بداية تعليمه فحفظ أجزاء من القرآن الكريم ومن ثم كانت دراسته بالمدارس المنتظمة بكل من الخرطوم وأم درمان تخرج في قسم المعلمين بالكلية القديمة ومن ثم عمل معلماً للغة العربية وذلك بمدارس الأقباط بأم درمان. اهتم بالمسرح فمثل عدداً من المسرحيات مع عدد من رواد المسرح في تلك الفترة من سنوات الأربعينيات مع ميسرة السراج. يعتبر محمد صالح فهمي أول سوداني يقوم بالتمثيل مع فنان مسرحي عربي وفنانة كذلك وهما يوسف بك وهبي وفاطمة رشدي في مسرحيتي (مجنون ليلى) و(قمبيتر). في العام «1945م» التحق بالإذاعة فصار مقيماً بها مذيعاً محاسباً صرافاً ومترجماً سجل اسمه كأحد صناع النهضة الإذاعية في بداياتها فضلاً عن تقديم الأخبار وإعداد البرامج. برع في إعداد وتقديم برنامجي (قصة الأسبوع) و(مع التاريخ) وكذلك برنامجه الأشهر (قالت العرب). ارتبط بالشاعرين الأدبيين (مبارك المغربي) عبر برنامجه (إليك المتاب) وعبد الله حامد الأمين عبر برنامج (قصة الأسبوع). ابتُعث إلى إذاعة لندن في الخمسينيات فكان أحد الأصوات النادرة التي نطقت (هنا لندن). اشتهر بتجديده وحبه للغة العربية بفضل عن ملازمته للشيخ الطيب السراج. سمّى أبناءه أسماء عربية صرفة وذلك لالتصاقه باللغة العربية. أُحيل للتقاعد في العام «1970م» بإيعاز من شيوعيي ذلك العهد فعمل مصححاً بصحيفة الصحافة. مع عمله مع إدارة جامعة الخرطوم في تصحيح الكتب والمراجع. استعانت به السفارة الكورية على تدريب منسوبيها على اللغة العربية فقام بالمهمة خير قيام. في منتصف الثمانينيات استعانت به الإذاعة في تدريب الإذاعيين على اللغة العربية ومراجعة نشرات الأخبار فاستفاد من وجوده بها عددٌ من الإذاعيين. من طرائفه أنه كان يحب تربية الكلاب ويفهم تماماً ما تحتاج إليه. وتصادف يوماً أن أتته غضبة من غضباته على عدد من الإذاعيين فأتى بكلابه إلى بوابة الإذاعة فكان منعها لأي شخص من الدخول إليها حتى أمرها بالانصراف. في مقتبل العام «1992م» رحل صاحب المواهب الإذاعية المتعددة تاركاً صوته المميز وبصمته التي لن تمّحى من أرشيف الإذاعة.