في رثاء فقيد العلم؛ العالم الرباني الشيخ أحمد علي الإمام رحمه الله رحمة واسعة... يا «أحمد« الخيرهل فارقت دنيانا بعد الرجاء الذي قد كان سلوانا كنا نؤمل أن تبقى لتسعدنا بعلمك الثر أحقابًا وأزمانا لكن لله في أقداره حكمٌ والناس تجهل أمر الغيب مذ كانا إني خبرتك عن علم وعن كثب عفا رقيقًا جميل النفس إنسانا وقد عهدتك شهمًا ماجدًا حذقًا عف اللسان ودود الروح رحمانا وقد عرفتك في زهد نشأت به تروّض النفس تحصينًا وإتقانا وفي »أدنبرة« عشنا بها زمنا فكنت خير معين لي وربّانا والله من فضله أعلاك منزلة حباك علمًا وآدابًا وقرآنا وكنت للشعر ذواقًا وتحفظه وتنظم الدر ألحانًا وأشجانًا بنيت نفسك في جهد وفي جلد حتى غدوت بنور العلم مزدانا علوت فوق رياض العلم منفردًا فصرت كالنيل فياضًا وملآنا سموت روحًا وأخلاقًا ومنزلة وطبت نفسًا وأنفاسًا وأردانا وقد ملكت قلوب الناس في ثقة وأنت تكلؤهم بالخير جذلانا تقابل الكل في بشر وفي فرح وتمنح الطفل إن وافاك آذانا وتدفع السوء في صبر وفي جلد وأنت ترحم من يأتيك محزانا نثرت علمك لا ترجو به ثمنا ولا ثناء سوى الرحمن مولانا وما بخلت به في الناس معتذرًا وما طلبت به جاهًا وسلطانا وكم تجسد قول الله في عمل وأنت تتلوه بين الناس قرآنا ترعى العهود وشرع الله أولها ما كنت يومًا لعهد الله خوّانا وكنت كالماء تروي الناس من ظمأ وكنت كالمزن معطاء وهتانا كم من نفوس بلا علم ولا أمل أعطيتها أملا أعليتها شانا وما زهوت بما قدمت من عمل ولا افتخرت بما أسديت عرفانا وما فرحت بما حمّلت من لقب ما كنت تعرف للألقاب أوزانا ما كان حرصك في مال تجمِّعه ولستَ تأسى على ما فات أسيانا من مثل «أحمد» بين الناس منزلة ومن يضاهيه مقدارا وميزانا من مثل «أحمد» في فقه وفي خلق من مثله في رحاب العلم بنيانا أحبك الناس من عرب ومن عجم إذ كنت مرشدهم دينا وتبيانا تداعب الكل في شوق وفي فرح وتكرم الضيف هش النفس نشوانا وتدفع السوء في صبر وفي جلد وما انتقمت لمن عاداك شنآنا تقابل الكل بالمعروف في دعة وتبذل الروح إخلاصًا وإحسانا وكنت في الحق وقافًا بلا وجل ما كنت يومًا لغير الله غضبانا علاك نور من الرحمن نلمسه وأنت في ذكره سرًا وإعلانا يا «أمة» رحلت عنا لخالقها خلّفت في القلب أوجاعًا وأحزانا وأنت في كنف الرحمن تتحفنا بصوتك العذب تفسيرًا وقرآنا رحلت عنا وكل الناس حائرة والخير مختلط بالشر ألوانا اضحى الحكيم بدنيانا على وجل وقد يظل كئيب النفس حسرانا ما للحليم مجال بين سا ستنا ما للحصيف سميع أينما كانا قد وسد البعض أمرًا ليس يحسنه وللأجانب فتوى في قضايانا وأصبحت لفظة «الشورى» بلا هدف ما للشريعة تنزيل بدنيانا تسيد الأمر أخلاط مهجنة وغيّب الناس أشياخا وشبانا يا «أحمد» الخير قد فارقت في زمن أضحى الحليم به في الأمر حيرانا ماكنت ترضى إذا وافيت حالتنا والناس قد أرهقوا جوعًا وحرمانا ما كنت ترضى مساسًا في ثوابتهم وما رضيت لهم ظلمًا وطغيانا فالسيف مازال في أيد قد ارتعدت والمال مازال للبخلاء نيشانا كل الملامح في السودان باهتة ماعاد سوداننا كالعهد سودانا والأمر لله دون الناس قاطبة والله نسأله بالفضل يرعانا