للمرة الخامسة وقفت لبنى تسأل زملاءها المبصرين أن يصحبوها معهم لقاعة المحاضرات.. ولكن بلا جدوى.. ونادرا ما يتجاوب معها احد.. ومعظم زملائها يعتبرون صحبتها مقيدة هي وبقية المكفوفين.. وقفت مترددة.. تعرف الطريق جيدا ولكن المشكلة في الممر الصغير الذي تعبر من خلاله الخور الكبير الذي يفصل كلية الآداب عن قاعات الجغرافيا.. لن تجازف بالوقوع فيه.. لن تتخبط وتصطدم بالناس لتسمع صيحات متأففة منهم.. حنت رأسها ببطء.. انزوت قرب الحائط.. ظلام عيونها قاتل ولكن من حولها يجعلونه أكثر قساوة.. تحركت صوب استراحة الطالبات عندما أمسكتها نفس اليد الطرية التي يصحبها الصوت الانثوي الملائكي قائلاً: «حتفوتي المحاضره تاني..انا طلعت من القاعة لما شفتك واقفة». حاشية: ظلام الأقصوصة لا يقارن بواقع أطفال يبحثون عن موطئ قدم يدرسون فيه، وسكن داخلي يأويهم في معهد النور، فتصبح عليهم محنة فقدان البصر وحرمان البصيرة من التعليم، فمن يعطيهم نظرة ولو سريعة؟!