يفصل بينهما فارق سنوات شكلت فيما بعد الفارق بينهما في ولوج سلك القضاء سواء أكان الجالس أم الواقف.. وهي سنوات كان مقدارها سبعة عشر عاماً. وهي ما امتد ما بين سنة ميلاد المرحوم عبد العزيز شدو في العام «1930م» وسنة ميلاد الأستاذ عبد الباسط سبدرات في العام «1947م». في العام الذي تصادف فيه بزوغ اسم عبد الباسط سبدرات في عالم الشعر «1968م» كان كذلك القانوني عبد العزيز شدو قد طبقت شهرته الآفاق كقانوني، فاستمر الاثنان في عالم نجومية الصفوة (القانوني والشاعر) حتى التقيا في ساحات العمل القانوني ليعمل سبدرات فيما بعد محاميًا بمكتب الأستاذ عبد العزيز شدو، قبل ذلك كان لسبدرات صولات في عالم العمل السياسي كمدير لمكتب المرحوم فاروق حمد الله وزير داخلية نميري. وهي التجربة التي ما زال يتذكر تفاصيلها جيداً. وكأنها حدثت قبل أيام رغماً عن مرور ثلاثة وأربعين عاماً عليها. في مجمل ما يشترك بينهما تبرز صفة الصبر على دراسة القضايا المنتظر الترافع فيها أمام المحاكم. وهي صفة اتصف بها الاثنان ومن دليل ذلك ما سجل كسوابق قضائية ما زالت موثقة بكتب ومراجع السوابق القضائية السودانية. ارتبط الاثنان كذلك بعلاقات مشتركة مع رموز السياسة والمجتمع والفن والقضاء فكان من أصدقائهما المشتركين المرحومان رئيسا القضاة السابقين دفع الله الرضي وعثمان الطيب ومن جانب السياسيين الأستاذ بدر الدين سليمان وزير الصناعة الأسبق ورموز عهد مايو من رجالات الصف الأول، كذلك من الرياضيين المرحومين حسن أبو العائلة وأحمد عبد الرحمن الشيخ. أما من جانب أهل الفن فيبرز الفنان عبد الكريم الكابلي صاحب الريادة في صداقة القانونيين باعتباره مفتش محاكم سابق بالهيئة القضائية. استمد الاثنان نجوميتهما في حقل القانون من القراءة المتعددة من علم القانون. فكانت مكتبتيهما من ضمن ما يصنفه من رآهما من المكتبات النادرة في علم القانون. كذلك عشق المريخ النادي القمة في كرة القدم من ضمن مشتركاتهما. فظلا من ضمن أقطاب النادي حتى قبيل وفاة عبد العزيز شدو. تقلد الاثنان منصب وزير العدل في وزارات من ضمن الوزارات الإنقاذية. فكانت تجربة أخرى من ضمن تجارب عملهما في حقل القانون. الاثنان من ثقاة اللغة وأساطينها من القانونيين فيكفي لغة سبدرات العربية الجزلة وما حديثه الأشهر على حافة قبر الراحل صلاح أحمد إبراهيم ببعيد عن الأذهان وكذلك مرثيته النثرية حين وفاة المرحوم الزبير محمد صالح بخافية على الجميع وذلك حين قال عنه: (لا يكتمل عنفوان البستان إلا وللنخل فيه حضور) أو مرثيته الشعرية حين وفاة الدكتور جعفر محمد علي بخيت حين افتتح القصيدة بقوله: (أغثني يا شيخي الحسن البصري أغثني). أما شدو فيكفيه أنه كان يجاري مقامات العرب في عصور ازدهار الأدب أو يقتبس من أشعارهم ما يعينه على إيصال هدفه داخل مرافعاته القضائية. الاثنان من ضمن الشخصيات السودانية التي يتفق ويختلف حولها الكثيرون.. لكن تظل إشراقات أعمالهما سبباً في جعل اسميهما من ضمن الأسماء التي نجحت في جعل القانون يمتزج بالأدب والطرفة والعلم.