حينما قرأت في وقت سابق في بعض الصحف عن القطن المحور وراثياً، بدأت أفكر كثيراً في هذا القطن الذي أثار كل هذه الضجة، وجعل البرلمان يعقد العديد من الجلسات حتى تتم إجازة زراعته في العديد من المشاريع السودانية، وحتى حينما زرنا مشروع أقدي الزراعي قبل وقت قريب، ورأينا هذا القطن، لم أكن أعلم ما يميزه عن قطن الجزيرة الذي عرف بها في سنوات سابقه، وجعل الكثير من المزارعين يهربون من زراعته ويتجهون إلى زراعة المحاصيل الأخرى، أما الآن فبعض مزارعي الجزيرة يتجهون لزراعة القطن المحور وراثياً، وإن كانت المساحة المزروعة من هذا القطن محدودة في هذا الموسم، ولكن من المتوقع أن تزداد خلال السنة المقبلة خاصة بعد أن ثبت نجاحه في الجزيرة وكساب وأقدي وغيرها من المشاريع، حقيقة لم أعرف الفرق بين هذا القطن وما قبله من نفس المحصول، إلا بعد زيارتي الأخيرة برفقة وزير الزراعة إلى القسم الجنوبي من مشروع الجزيرة وكساب ومشروع أقدي الزراعي، الذي تديره الشركة العربية، فالقطن المحور وراثياً في أقدي يختلف كثيراً عن الذي في الجزيرة أو كساب، وربما يعود هذا إلى المتابعة الدقيقة للشركة العربية وشركائها البرازيليين الذين يشرفون على أجزاء من المشروع حسب الشراكة الموقعة مع وزارة الزراعة، هذا إلى جانب التبكير بزراعة القطن، وقال لنا الدكتور المتعافي ونحن في أحد حقول القطن بأقدي، إن هذا النوع من القطن له العديد من الأصناف، وكل صنف يمتاز بخاصية معينة، ولكن ما يهمنا هنا هو النجاح المتوقع لهذا القطن الذي لا يحتاج لمبيدات وتكاليف عالية من أجل الإنتاج، ولكنه يحتاج من الدولة زيادة المساحة المزروعة منه خلال السنوات المقبلة حتى يدعم الاقتصاد القومي بصورة واضحة ومؤثرة، فالمساحة المزروعة الآن في أقدي هي ثلاثون ألف فدان، في حين المساحة الكلية هي مائتا ألف فدان، هذا إلى جانب إزالة مخاوف المزارعين من تسويق هذا المحصول الذي بإمكانه إعادة السودان إلى مقدمة الدولة المنتجة له، خاصة وأن العديد من المشاريع الزراعية تروى مطرياً ما يقلل تكلفة الإنتاج. عموماً، طبقتُ وعددٌ من الزملاء المثل القائل «شوف العين ما بقتل غزال» لرؤية هذا النوع من القطن، الذي أثار الكثير من الجدل خلال الفترة الماضية، وسأتناول تفاصيل الزيارة خلال الأيام المقبلة بالصور التي تعتبر أبلغ إجابة لمن يشكك في نجاح هذا النوع من القطن إلى جانب عرض بعض المشاكل التي تواجه المزارعين حتى يصبح السودان في قمة مصدري الذهب الأبيض.