لا يكاد يمر أسبوع دون تشييع قتلى تربّص بهم الموت على طريق مدني الخرطوم بحيث أصبح الكثيرون يطلقون على هذا الطريق اسم «طريق الموت» لأن غالبية حوادث السير التي تقع عليه حوادث مميتة، فخلال الأشهر الماضية من هذا العام والأيام الأولى من الشهر الحالي ووفق سجلات مستشفى الصافي الحكومي سقط العديدون ما بين قتيل وجريح قضوا جميعهم في حوادث سير في هذا الطريق ناهيك عن الخسائر المادية الطائلة، بينما يرى بعض مهندسي الطرق عن واقع ذلك الشارع وجود حلقة مفقودة فهل عدم التزام السائقون بأنظمة وتعاليم المرور هل هو السبب أم ضيق الشارع؟ لكن الجميع على الأقل متفقون بأنه وقف شلال الدم على طريق الموت. ولعل جملة هذه المخاطر ما استدعت إدارة المرور العامة لوضع ترتيبات لاقتراح تخصيص طريق الخرطوم مدني كاتجاه واحد ذهاباً على أن يكون الطريق الشرقي مخصصاً لعودة المركبات السفرية، وذلك بالتنسيق التام مع اتحاد غرف النقل والجهات المختصة. وقال مدير عام المرور، اللواء عبد الرحمن حسن عبد الرحمن «حطبة» في تصريح للمركز السوداني للخدمات الصحفية إن الإدارة عقدت اجتماعاً أمس ضم المرور السريع وشرطة مرور ولاية الخرطوم وغرف النقل بشأن مناقشة مقترح استخدام طريق الخرطوم مدني كاتجاه واحد للذهاب، والطريق الشرقي للعودة، مؤكداً أنه تم التأمين على المقترح الذي سيتم تنفيذه عقب توصيات اللجنة التي تم تشكيلها بهذا الشأن. وأبان «حطبة» أن اللجنة ستدفع بتوصياتها المتعلقة بدراسة المقترح توطئة لتنفيذ مسار الطريقين كتجربة، والتي يعقبها التنفيذ الفعلي خلال الفترة القليلة القادمة. حيث حذر المهندس المدني أحمد أبو شامة من مغبة تنفيذ الفكرة التي وصفها بالفاشلة تماماً حال تنفيذها دون دراسة للأبعاد والعواقب الناجمة، ذاكراً أن المشكلة الأساسية تكمن في ضيق الشارع نفسه لأنه تم تنفيذه دون تكوين لجنة ودراسة جدوى هندسية لهذا الطريق الحيوي الذي يربط بين أهم وأكبر ولايتين من حيث التعداد السكاني ولاية الخرطوم والجزيرة ويضم مئات القرى ذهاباً وإياباً، ومن الخطأ تنفيذ مثل هذا المقترح من قبل المرور نسبة لتعدد حوادث الموت وفكرة الاتجاه الواحد لا تعني حلاً أبداً. ويقترح المهندس أبو شامة أن الحل يكمن في إعداد دراسة جدوى أخرى وعلى رئاسة الجمهورية وضع هذا الشارع كأولوية قصوى مثل مشروع السد، وأن يتم معالجة المشكلة بتكوين لجنة هندسية لتخطيط الشارع وتوسعته من جديد لأن ضيق الشارع هو السبب في جملة هذه الحوادث، لذا وجب توسعته لأنه من الشوارع ذات المسارات الضيقة وينبغي مراجعة مواصفاته بعمل هندسي متكامل من لجنة هندسية عليا لا سيما أنه بات مسألة قومية لارتباطه بمشروع الجزيرة. بينما يرى المهندس محمد يوسف أن القرار إذا ما تم تنفيذه بتحديد الاتجاه الواحد لن يكون حلاً جذرياً بل بالعكس سيؤدي إلى تفاقم الأزمة لأن هذا الشارع لم تجر له أي أعمال توسعه أو صيانة منذ إنشائه قبل أكثر من عقد من الزمان، ويؤكد على ضرورة التوسعة دون اللجؤ إلى أن يكون الشارع اتجاهاً واحدًا. لأنه قرار إذا تم تنفيذه قد لا يصب في المصلحة العامة وعلى الدولة ووزارة التخطيط العمراني والطرق توسيع الشارع الضيِّق الذي لا يتجاوز عرضه عدة أمتار وبدون أكتاف أو حتى مواقف جانبية للاستراحة أو للسيارات التي تتعطل، ويضيقون الشارع الذي فتح أصلاً كطريق حيوي من ثم صار طريقاً عاماً وحيوياً وحركة السير فيه كثيفاً خاصة في العطلات ونهاية الأسبوع. إذن من الواضح أن الخطوة تحتاج إلى الدراسة فمن يدري لعل تطبيقها يوقف ذلك النزيف الذي طالما أهريق على هذا الشارع منذ عقود خلت .