من يصدِّق أن فتيات في عمر الزهور يمكن أن يتعاطين المخدرات بأنواعها المختلفة، بيد أن دراسة حديثة أثبتت أن نسبة البنات اللائي يتعاطين البنقو تحديدًا أضحت مرتفعة، ويؤكد كثيرون أن ما يجعل انتشاره سريعًا وسهلاً وسط البنات توفره وسعره المعقول الذي يتناسب مع الجميع، ومفعوله السريع الذي يقود للإدمان، فلا يتطلب الأمر إلا سيجارة واحدة وقد يصبح المتعاطي من المدمنين، وكذلك وسائل الاتصال الحديثة جعلت مهمة تسويقه في متناول اليد دون المخاطرة، وبعيدًا عن أعين الشرطة رسالة صغيرة أو مس كول أو نقرة في الفيس تحضره إلى المكان الذي توجد فيه! «ن. م.» من المدمنات حيث بدأت رحلتها مع الإدمان على يد زوجها الذي اكتشفت أنه من المروِّجين، تقول منذ أول يوم لها ألحَّ عليها أن تتعاطى معه البنقو، واستمر يعرض عليها الأمر حتى استسلمت لرغبته وتناولت، وبعدها أصبح البنقو من الضروريات في منزلهم حتى أُلقي عليه القبض وتركها لتبذل المستحيل من أجل أن تحصل على سيجارة فلم يعد يهمها أي شيء سوى توفير المال لشرائه. «م. ع.» كانت طالبة جامعية ولكن تم فصلها بسبب القبض عليها وهي تروِّج داخل الجامعة، بدأت قصتها مع الإدمان عند وصولها للخرطوم للدراسة في إحدى الجامعات، تقول: «كان الأمر مجرد برنامج نمارسه في الرحلات فلم أستطع تركه» وكذلك لم تعد تملك المال بعد أن تخلت عنها صديقتها التي قادتها للإدمان فلم تجد حلاً إلا أن تروِّج للتاجر الذي كانت تشتري منه صديقتها مقابل حصولها على كمية منه ليتم القبض عليها وسجنها. أما «س» ذات الخمسة عشر عاماً التي لم يتحمل جسدها الصغير الإدمان لتسقط في الطريق فلم يستطع ذووها تحمل الصدمة عندما أخبرهم الطبيب أن سبب فقدانها الوعي هو تناولها لجرعات من البنقو في فترة وجيزة فلم يتخيل أن ابنته الصغيرة التي كانت في قمة الاجتهاد لدخول الثانوي وهي عازمة على إحراز أكبر مجموع يُدخلها أفضل المدارس وعندما يتحقق حلمها الصغير تصبح من المدمنات ويتم فصلها بسبب غيابها المتواصل لم تعد تهتم بالمدرسة بل كان كل اهتمامها الذهاب مع صديقاتها إلى أماكن الرذيلة والبيوت المشبوهة حيث المخدرات والعلاقات المحرمة والكثير من الحالات الأخرى. ويلخص عدد من أساتذة علم النفس والباحثين الاجتماعيين أسباب ودوافع إدمان البنات فيرى الأستاذ الغالي علي أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تساهم بشكل فاعل في الإدمان أو أي سلوك غير طبيعي وذلك عندما تتردَّى ليصبح المجتمع غير مستقر.. أما الأستاذة عبلة محمد خيري فترجع السبب إلى عدم المتابعة من الأهل والتفكك الأسري وضعف شخصية المدمن وعدم النظر للعواقب.. وتضيف الأستاذة مفيدة التاج أن الإدمان أصبح وسيلة من وسائل المظاهر الاجتماعية داخل المحيط الذي تعيش فيه مثل الجامعات لكي يُنظر لها على أنها مثقفة ومواكبة مما يدفعهنَّ للتعاطي، وتقول الأستاذة مروة عز الدين إن كثيرًا من الفتيات لا يقدِّرن ذاتهنَّ إلا عن طريق التعاطي، والبعض الآخر يعتبره حب استطلاع وتجربة، وكل هذا يرجع لضعف الوازع الديني.