قديماً كانت المرأة السودانية تحرص على إعداد الطعام بنفسها سواء كان واجبها المنزلي أو في المناسبات، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت علاقة المرأة بالمطبخ ضعيفة نسبة لخروج المرأة إلى سوق العمل وعجلة الوقت.. أصبح كثير من النساء يهجرن المطبخ ويعتمدن على الوجبات الجاهزة أو «القطر قام» والسلطات والشيبس والعدس وأحيانًا فتة الفول أمام إذعان «آدم»!! «البيت الكبير» أجرى دردشة داخل مطابخ النساء وخرج بالآتي: لم تكن «داليا» ذات الثلاثين عاماً على دراية كافية بفن الطبخ بالرغم من أنها زوجة وأم لطفلين، لذا أدمنت خدمة توصيل المنازل، وعانت كثيرًا بسبب هذه العادة.. وانكشف المستور عندما قرر هاشم «زوجها» أن يحتفي بترقيته في الوظيفة التي يشغلها في الشركة المرموقة بدعوة زمرة من زملائه في العمل لتناول الغداء في منزله.. ولم تفلح محاولات «داليا» في إقناعه بدعوتهم بأحد المطاعم «الراقية» لم يكن أمامها إلا أن تدعو صديقتيها اللتين تجيدان فن الطبخ للقيام بإعداد بعض الأصناف من «الفطائر والبيتزا» مقابل أجر على ذلك. وتروي حاجة زهراء أنها لديها بنتان مدللتان تعتمدان عليها اعتمادا كلياً في القيام بالواجبات المنزلية، وكبرت البنات وتزوجت إحداهما ولكن للأسف لم يستمر الزواج، وذلك بسب المشكل التي يقوم بها زوجها وكانت تدور حول عدم إلمامها بمعرفة المطبخ لأن أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته! كانت «س» تحب التفاخر والتباهي بقدرتها على إعداد أصناف من الطعام وخاصة البلدي، فقررت إحدى جاراتها نصب الشباك لها فطلبت منها تلبية دعوة الإفطار بشرط إحضار أكل بلدي، وكانت المفاجأة أن شاهدتها وهي تشتري «عصيدة» من إحدى النساء المشهورات بطبخهنّ في أحد الأسواق وتدخل بها إليهم في عمود ساخن بارد بكل جراءة. وتعزو هذا إلى كثرة الأكل الجاهز من كسرة وعصيدة.. وكثير من النساء يرتدن محلات الأكل البلدي أكثر من الرجال وخاصة يوم الجمعة. وتقول سناء إن كثيراً من نساء جنسي حصلت لهنَّ مشكلات مع أزواجهنَّ بسبب هذا الموضوع، ووجود العاملات الإثيوبيات أثر في النساء لأن ربات البيوت يعتمدن عليهنَّ في الوجبات السريعة والنواشف حتى هجرن المطبخ تمامًا. وتحكي (رشا) عن موقف طريف حدث معها عندما أصر أبناؤها على شرب الشاي باللقيمات فخرجوا بعربتهم الأمجاد لشرائها، وبعد بحث وجدوا بائعة باعت حصتها الأخيرة لرجل تبين أنه عزابي فلما طلبت منها تقسيمها بالعدل لأن الأطفال سوف يبكون نظرت إليها البائعة وقالت انتي ماسكة بيت علي شنو جاي تداقري العزابة كمان!! وترمي «رفيدة» اللوم على شركات الأغذية التي لم تترك شيئاً إلا وقامت بصنعه، وتقول: أصبحنا نرى الكثير من الأطعمة الجاهزة في الأسواق مثل عجينة البتيزا ومكوِّنات الكنافة وكل الخلطات التي نريدها، وما على المرأة سوى اتباع التعليمات، وكثير من النساء يعتمدن بشكل كبير على المعجنات خصوصًا أنها لا تأخذ وقتاً طويلاً في إعدادها مثل الوقت الذي يمكن أن تستغرقه إذا أعدتها داخل المنزل، وأضافت رفيدة أن الأطعمة الجاهزة تفقد الكثير من القيمة الغذائية بسبب احتوائها على المواد الحافظة والسعرات الحرارية العالية، لذا يجب على المرأة تعلم كيفية إعداد الوجبات الغذائية في المنزل. ووضعنا موضوعنا هذا في نار هادئة على مطبخ علماء الاجتماع فعلقت الأستاذة نجوى إبراهيم قائلة: نسبة لانتشار مطاعم الوجبات السريعة وخدمة الديلفري زاد الطين بلة، مما جعل الكثير من النساء فاشلات في المطبخ.. لكن رغم ذلك هنالك نساء يعشقن الطبيخ ويعسكرن فيه لساعات طويلة دون ملل في إعداد العديد من الأكلات بنفس طيبة، وأضافت أن حياتنا اليوم أصبحت مختلفة عن حياة أمهاتنا، ولا شك أن خروج المرأة للعمل وإيقاع الحياة السريع كل هذا من أسباب هجران النساء للمطبخ ولكن تعليم الفتاة أصول الطبخ من الأشياء الضرورية حتى لا تحدث مشكلات في مستقبل الحياة الزوجية.