حوار: فتحية موسى السيد تصوير: متوكل البجاوى أكد الدكتور أسامة عيدروس أحد أبرز كوادر ومجاهدي الحركة الإسلامية أن التحدي الحقيقي للحركة في المؤتمر العام الثامن هو كيفية تجاوز الأشياء التي أقعدتها في الفترة الماضية بثقة تامة وإمكانية القدرة على بناء حركة جديدة قوية لها رؤية وبرامج قادرة على استيعاب مشكلات السودان بصورة عصرية ومُواكبة لتطلعات المسلمين، وأضاف د: عيدروس في الحوار الذي أجرته معه «الإنتباهة» أن دستور الحركة لا يوجد بها عملية شورية حقيقية تنتج عن انتخاب قيادة في أجسام مهمة كالشباب والطلاب، كما قال إن تهميش وإقصاء الحركة سببه الأجواء التي وُضع فيها الدستور لأن شيوخ الحركة مازالوا متأثرين نفسيًا بالمفاصلة لذلك يجب على المؤتمر أن يقدم رؤية حول المشكلات التي يمر بها السودان في الفترة الانتقالية الحرجة مثل قضية النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور والاستهداف الخارجي والوضع المتفجر عالميًا وإقليميًا، فالمؤتمر إن لم يطرح هذه الإشكاليات يكون تحصيل حاصل، وقال إن الحركة رقم لا يمكن تجاوزه لذا عليها أن تتولى أمرها بنفسها حتى يعود لها دورها الطليعي كفصيل رائد من فصائل الشعب السوداني. فإلى أهم ما ورد من إفادات: بدايةً في أي سياق تقرأ مؤتمر الحركة الإسلامية المزمع غدًا؟ المؤتمر بداية لمرحلة جديدة في تاريخ الحركة الإسلامية.. في الفترة الماضية لم يكن الظهور الكافي في مجمل القضايا التي مرت بالسودان سابقاً خاصة في الدورتين السابقتين، لكن التحديات كبيرة جدًا وهناك شبه إجماع على دور أكبر للحركة الإسلامية في الفترة القادمة، وأعتقد أنها بدايات. المؤتمر الثامن يواجه تحديات كبيرة ما هي أبرز تلك التحديات في رأيك؟ التحدي الحقيقي للحركة هو تجاوز التحديات والأشياء التي أقعدتها في الفترة الماضية بنفس قوي وثقة تامة في إمكانية القدرة على بناء حركة جديدة وقوية لديها رؤية وبرنامج قادر على استيعاب كل مشكلات السودان وهدف أسمى وهو تنزيل الدين على واقع الشعب المسلم في السودان بصورة عصرية مُواكبة لتطلعات المسلمين من أجل العيش بكرامة وحرية وعدالة. هناك تغييب للحركة الإسلامية ومحاولة لتذويبها في الحزب الحاكم؟ الواقع الجديد الذي أتى بمؤتمر الحركة اليوم والتحديات وإضافة إلى الحديث الدائر عن التهميش ودمج الحركة في الحزب جاء نتاجًا للدستور الموضوع وهناك مادة تنص على أن الأمين العام يتم انتخابه من مجلس الشورى وأن هناك مجلس قيادة أعلى من الأمين العام ولا يوجد عملية انتخابية يتم عبرها اختيار قيادة في أجسام مهمة كالشباب والطلاب رغم أن هناك مؤتمرات تُعقد وشورى مفتوحة وقوية لكنها لا ينتج عنها انتخاب قيادات لتلك المؤسسات. وفي رأيي أن القول بوجود تهميش وإقصاء للحركة وُجد في الأساس لأن الأجواء التي وُضع فيها الدستور هي أجواء مازالت متأثرة بالمُفاصلة ولذلك وضعوا محاذير تضع الحركة والدولة والحزب في معادلة تضمن عدم حدوث انشقاق أو تكرار نفس التجربة. هذه المحاذير جعلت القيادة أكثر حذرًا لدرجة أقعدت الحركة تمامًا وأضعفت من دورها.. لذلك نجد جملة تلك المحاذير والمخاوف جعلت الحركة تالية في المعادلة الأولى هي الحكومة ثم الحزب وتليه الحركة وقد نجد كل ذلك من رواسب وروح المفاصلة التي عاشها شيوخنا فجعلتهم في حالة تجنبهم من الصراع والانشقاق.. وحتى الآن النقاش الدائر هو حوار حول الوجود والبقاء بالنسبة للحركة الإسلامية ولكن إجازة الدستور دون نقاش مستفيض حول هذه المواد والتنبيه لخطورتها على مستقبل الحركة هو أمر خطير ويؤدي إلى عواقب وخيمة. الحركة هي الأصل لذلك لا بد أن تكون للحركة رؤية لمقدرة إدارة حزبها وحكومتها.. ويجب عليها تحمل مسؤوليتها التاريخية كحركة تولت الحكم لمدة تجاوزت «23» عامًا. إذًا ماهي أبرز التعديلات الأساسية التي يجب ضمها في الدستور؟ من أبرز التعديلات المطلوبة هي التعديل على المادة التي تنادي بإنشاء مجلس أعلى لقيادة الحزب وكذلك المادة التي تنادي بأن يتم انتخاب الأمين العام من مجلس الشورى مع أن الطبيعي أن يتم اختياره من قِبل المؤتمر العام، فالمواد الحالية هي محاولة لتكبيل الحركة ووضع دورها في يد مجموعة مسيطرة ليس فقط على حاضر الحركة فقط بل أيضًا مستقبلها لأن أجسامًا مهمة كالشباب والطلاب لا يُنتخب قياداتها من مؤتمراتها إنما يتم تعيينها. لكن يبدو الأمر حاليًا كأنما هو صراع قد انفجر بين شيوخ الحركة وشبابها؟ هذه ليست صراعات بل بالعكس نحن لدينا ثقة تامة في شيوخنا ولا نريد أن يظهر حديثنا وكأنه حديث مرارات أو تقييد بل جل همنا ينصب في أن يحدد المؤتمر دور ومستقبل الحركة الإسلامية كحركة رائدة في السودان وفي محيطها الإقليمي. ويكمن هذا الدور في تقديم الحركة لقضايا المؤتمر بكل جرأة وقيامها بتوعية أفرادها حول أهمية المشاركة الشورية الحقيقية ومعرفة ما وراء هذه المواد المهمة في الدستور. و نأمل أن يقدم المؤتمر رؤية للحركة حول مشكلات السودان المختلفة نحن الآن نمر بفترة انتقالية حرجة جدًا في تاريخ البلاد والحركة الإسلامية مهتمة فقط في مؤتمرها بإجازة الدستور وبتعيين الأمين العام، ووضعية الحركة هذه ليست القضايا الحقيقية، فهناك أولويات، نحن في مجتمع إقليمي متحرك، الحركات الإسلامية وصلت إلى الحكم في عدد من دول الإقليم. والقضايا الداخلية التي يجب طرحها حول السودان هي قضايا كبيرة، فالانفصال وحده كقضية تكفي لقيام مؤتمر.. وهناك قضية دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وأبيي وأيضًا الدستور القادم الذي يحكم السودان وإدارة اقتصاد الدولة خلال الفترة الماضية والاستهداف الخارجي والوضع المتفجر عالميًا وإقليميًا. تلك القضايا وغيرها يجب تناولها في مؤتمر للحركة الإسلامية إذا كانت هناك أدوار أعظم مُنتظَرة من الحركة الإسلامية. هناك أصحاب مصلحة هدفهم الأساس التقليص من هيمنة الحركة الإسلامية؟ المسألة ليست مؤامرة بقدر ما هو اختلاف في وجهات النظر نسبة للتجربة التي عاشها قادتنا وشيوخنا منذ الانفصال ومازالت متحكِّمة في الأمور، هل يُعقل أن الحركة الإسلامية السودانية تعقد كل مؤتمراتها من القواعد حتى الآن إلى أن تصل للمؤتمر العام ولا يوجد شخص يتحدث عن وحدة الحركة الإسلامية فى السودان ولا عن مشروعات وحدة أهل القبلة؟! هذه قضايا أساسية في تاريخها.. عدم مناقشة تلك القضايا التي قد تبين مدى حساسيتها. هناك جدل واضح يُثار حول خلافة علي عثمان طه برأيك ما هي مبرراته؟ بالنسبة لي ليست قضية كبيرة، وكنت أتمنى وليس من جيلنا بل الأجيال التي سبقتنا من القيادات الوسيطة أن تقدم نفسها للقيادة وهذا دلالة على أن الحركة مازالت لديها قيادات يمكن أن تقودها إلى بر الأمان في المستقبل.. لماذا كل الأسماء المطروحة من شيوخنا، ومن المؤكد لهم السبق والتقدير.. لكن كنت أتمنى أن الأجيال ما بعد أجيال الشيوخ في الحركة أن يقدموا أشخاصًا حتى وإن لم يحظوا بالفوز في المؤتمر ويكون لهم السبق في تقديم قيادات بديلة من أجل الإحلال والإبدال داخل الحركة الإسلامية، لكن تخيلأن كل الأسماء المطروحة لقيادة الحركة من الشيوخ، ليس ذلك فحسب بل كل الشيوخ غير المنافسين لمنصب الأمين العام سيكونون في مجلس القيادة الجديد، وأكثر ما يهمني هو إجازة دستور حقيقي يضمن للحركة الإسلامية دورًا مستقبليًا تعدل فيه قضايا انتخاب الأمين العام من مجلس الشورى والمؤتمر وأجهزة الحزب لا بد أن تكون منتخبة وأيضًا يجب أن تكون هناك برامج ورؤى الحركة الإستراتيجية التي نريد أن تظهر خلال المؤتمر. هناك إخفاقات صاحبت تجربة الحكم وفساد مستشرٍ ما هو دور الحركة من تلك القضايا؟ الحركة الآن ليس لديها مواقف معلنة وكأنها في مكان بعيد عن تجربة 23 عامًا كما أسلفت لا هي تتحمل مسؤوليتها خلال الفترة الماضية ولا تتحمل الوزر إن كانت في التجربة أخطاء.. الحركة غيَّبت نفسها تمامًا.. حتى المطروح الآن لا يوجد فيه أن حكم ال 23 عامًا الماضية هو حكم الحركة قبل الانفصال وبعده، لا بد للحركة من تحمل المسؤولية ويكون لها موقف واضح لو وُجدت إيجابيات فهي منسوبة لها وقدمتها الحركة ولو وُجدت أخطاء فيجب أن تحاول الحركة معالجة السلبيات وهي تجربة وأي تجربة قد يصاحبها النجاحات أو الإخفاقات. لكن علينا أن لا نضع المسألة كلها وكأنها ليست مسؤولية الحركة الإسلامية وإنما حزب المؤتمر الوطني لأنها كانت مغيَّبة وبعيدة. هذه حكومة الحركة الإسلامية عبر الانقلاب جاءت بها الحركة الإسلامية . يلاحظ أن الحركة تخلت عن دورها الأساسي بعد التسعينيات ترى ما هو السبب الحقيقي؟ الحركة واجهت معادلة الحكم وصارت الآن حركة حاكمة والحكم نتج عنه صراع وانشقاق وتباين الرؤى أي شيء حدث قبل وبعد الانفصال هو من تداعيات ذلك الانشقاق، والمؤتمر الآن هو محاولة للملمة الصفوف والمحافظة على الحركة وعدم ذوبانها، لكن هناك بالفعل من يبحث عن دور أكبر للحركة كي تقود الأمور بمنهجية وتصحح الأخطاء وتطرح نفسها كفصيل متقدم من فصائل الشعب السوداني. ذهب البعض إلى أن نجاح التيارات الإسلامية في بعض الدول العربية كان حافزًا للحركة بعد موات.. بم ترد؟ المؤتمر معروف وقته مسبقًا وهو فترتان وانتهت وكان لابد من انعقاد المؤتمر هذا العام، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي انعكاسات نجاح الحركات الإسلامية في الدول التي حولنا على هذا المؤتمر؟ كل وسائل الإعلام تتحدث عن المؤتمر وعن قضايا هيكلية ومؤسسية داخلية لعدم وجود قضايا حقيقية للمرحلة المقبلة.. وإذا لم يطرح المؤتمر أو يناقش قضايا وبرامج حقيقية كمناقشة الدستور بشفافية عالية وعدم إجازة أي مادة إلا بعد الوقوف عندها والتحرر من مسألة إشكالات المُفاصلة وما بعدها التي أثقلت الحركة يكون المؤتمر «تحصيل حاصل». د. عيدروس في خاتمة الحوار رسالة لمن توجهها؟ أقول إن الحركة الإسلامية في السودان رقم لا يمكن تجاوزه ويجب على الحركة أن تتولى أمرها بنفسها وأن يعود لها دورها الطليعي كفصيل رائد من فصائل الشعب السوداني بقوة تأثيره على مجريات الأحداث.