في محاولات واشنطن لكسر الخرطوم اقتصادياً، وفي محاولات (السدود) الأمريكية اعتراض نهر التنمية السودانية، ولزيادة الضغط السياسي على حكومة السودان، وديمومته وفي ضغط جديد، أعلن الرئيس أوباما قبل أيام تجديد الحظر الإقتصادي الأمريكي ضد السودان. كان الرئيس كلنتون قد أصدر قرار الحظر الإقتصادي ضد السودان في 3/نوفمبر 1997م. كان ذلك بقرار رئاسي. يُسمَّى القرار في اللغة الرسمية للبيت الأبيض (امر تنفيذي رقم 13067). وفي هذا السياق يذكر أن السيد مبارك الفاضل والسيد عبدالعزيز خالد في 10/ديسمبر 1997م قد التقيا بوزيرة الخارجية الأمريكية (أولبرايت) في منزل السفير الأمريكي بالعاصمة الأوغندية (كمبالا)، حيث قدّما لها الشكر على قرار الحظر الإقتصادي ووصفاه بانه مناسب وجاء في وقته تماماً!. أعلن الرئيس أوباما قبل أيام تجديد الحظر الإقتصادي على السودان. وكانت السياسة الأمريكية قد وضعت ثلاثة أعباء مالية على كاهل حكومة السودان، في مجالات الجنوب ودارفور واللاجئين. حيث يُلاحظ أن المانحين الدوليين تجاه دارفور قد أوفوا ب(5 %) فقط من التزاماتهم . ذلك يعني أن حكومة السودان ظلَّت تغطي (95 %) على الأقل من الإحتياجات الإنسانية في دارفور. حيث أن ال(5 %) التي أوفى بها المانحون الدوليون يذهب (80 %) منها منصرفات إدارية. أما ال(20 %) المتبقية فهي ذريعة التدخل للمنظمات المشبوهة ذات الأجندة التي تستهدف وحدة السودان. لكن بدلاً من أن تشيد الأمن المتحدة بكفاءة حكومة السودان وجديتها، انصرفت إلى دور الشرطي الدولي المأجور الذي يلاحق السودان بزعم ارتكاب (المذابح). في ذلك السياق دخل (23) ألف جندي الأرض السودانية، وبرفقتهم (2100) كادراً مدنياً أجنبياً، وذلك تحت غطاء دولى. كما دخل (أبيي) حوالى (4000) جندي أجنبي، وذلك تحت غطاء دولي أيضاً. كما سيدخل المزيد من الجنود الأجانب تحت غطاء دولي المنطقة العازلة بين الشمال والجنوب، وفق قرار الأممالمتحدة (2046). أولئك الجنود الاجانب الذين دخلوا السودان بغطاء دولي وبدون فحص طبي، ساهموا بدرجة كبيرة في نشر أمراض الايدز والحمي الصفراء في السودان. حيث ان اوغندا ورواندا من الدول الموبؤة بالايدز والحمي الصفراء، وفقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية، تزعم الأممالمتحدة أن في السودان مذابح. وقد أعلنت الأممالمتحدة ذلك ، ولم تسحب ذلك الإعلان بعد، وأعلنت بأن دارفور هي (رواندا) أخرى، ولكن سقط كل ذلك عندما زار وزير الخارجية الأمريكي (كولن باول) دارفور، ليعلن أن التعريف القانوني للمذابح لا ينطبق على دارفور. وأعقبه وزير التنمية الدولية البريطاني في تصريح لإذاعة (BBC) بعدم وجود مذابح في دارفور. ولكن برغم تلك التصريحات ظلت الأممالمتحدة تنهش السودان بمحكمة الجنايات الدولية، والتي ليست في حقيقتها غير آداة سياسية كما اعترف المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان (أندرو ناتسيوس). ويزيد حرارة تلك النيران ضد السودان اليميني الديني والشغب الصهيوني. لماذا تلاحق الأممالمتحدة السودان ولا تلاحق ألمانيا وفرنسا وبريطانيا الذين يأوون قيادات تمرد دارفور ويمنحونهم الحماية الدبلوماسية والدعم السياسي.ولا يصنفون الحركات المسلحة المتمردة ضد حكومة السودان في خانة المنظمات الأرهابية. لماذا لا تلاحق الأممالمتحدة الشركات الناشطة في بيع وشحن السلاح إلى دارفور. للوصول إلى إجابات على تلك الأسئلة يمكن النظر إلى حقيقة أن المنظمة الدولية، تتلقى يومياً توجيهات وأوامر من وزارة الخارجية الأمريكية. حيث أن أمريكا تدفع فواتير المنظمة الدولية. ويذكر أن أمريكا تدفع (60 %) من ميزانية الأممالمتحدة. لذلك أصبحت الأممالمتحدة تابعة لإدارة من إدارات الخارجية الأمريكية. المانحون الدوليون مثلما ينصّلوا عن التزاماتهم تجاه دارفور، تنصّلوا عن التزاماتهم في (أوسلو) لإعمار ما دمرته الحرب في الجنوب. لأنّ الإيفاء بإلتزامات (أوسلو) كان يعني تعزيز وحدة السودان. وعدم الوفاء يعني دعم خيار فصل السودان إلى دولتين. وذلك ما حدث. ومرة ثانية تحملت حكومة السودان وحدها عبء دعم التنمية والخدمات في الجنوب، في مجالات الصحة والطرق والمدارس والسكة حديد. وقدم صندوق دعم الوحدة المليارات في تأهيل سكة حديد بابنوسة - أويل في بحر الغزال وبناء سد مريدي والشروع في بناء سدود في الجنوب بتكلفة (600) مليون دولار، وبدلاً من الإشادة بجدية حكومة السودان في تطبيق اتفاقية نيفاشا وتحمُّلها أعباء ما كان يُسمّى بجاذبية خيار الوحدة، كان التنكّر بأن حكومة السودان لم تفعل شيئاً. بينما الذي فعلته يزيد عما فعلته حكومة الجنوب التي تسلّمت ما يزيد عن عشرة بلايين دولار من الحكومة الإتحادية منذ توقيعها اتفاقية نيفاشا في يناير 2005م وحتى لحظة الإفصال في 9 / يوليو2011م . كما يزيد ماقدمته حكومة السودان إلى الجنوب، عمَّا دفعه المانحون في (أوسلو)، ومما يجب أن يذكر أن أمريكا كانت قد أعلنت عن تطبيع علاقاتها بالسودان بمجرد توقيع إتفاقية نيفاشا، ثم أدارت ظهرها لذلك الإعلان لتستمر في سياستها العدائية، وماتزال. كان ذلك عبء دارفور وعبء الجنوب. وهناك عبء ثالث هو عبء اللاجئين. فقد ازدحم السودان باللاجئين من دول الجوار، حتى الصوماليين بدأوا يلجأون للسودان. وقد اعتادت الأممالمتحدة أن تدفع فقط سبعة دولار سنوياً مقابل كلّ لاجئ، وذلك لتغطية احتياجاته الإنسانية في السكن والتعليم والعلاج والصحة والغذاء، أي أن الأممالمتحدة تنصّلت وتتنصّل عن مسئوليتها تجاه اللاجئين الذين لجأوا إلى السودان. ومرة ثالثة، بعد عبء دارفور وعبء الجنوب لم تتحمّل حكومة السودان الجانب الأكبر من تغطية نفقات احتياجات اللاجئين فحسب، بل سمحت للاجئين في قانون اللجوء لعام 2010م بالحصول على الجنسية السودانية وفق القانون. ذلك بينما أصبح اللاجئون في بريطانيا تتم معاملتهم بصورة مخجلة، كما جاء في تقرير الصليب الأحمر، حيث أصبحوا ضحية الإستغلال والأمراض العقلية والتشرد في الشوارع، وبدلاً من الإشادة بذلك الكرم والمسئولية السودانية الرسمية والشعبية غير المعتادة دولياً، لزمت الأممالمتحدة وأربابها الصمت. الحرب الأهلية في الجنوب التي أشرفت أمريكا على تمويلها وتسليحها خلال عشرين، فرضت على ميزانية حكومة السودان أن تصبح (30 %) للتنمية والخدمات و(70 %) للأمن والدفاع، حتى لا تنهار الحكومة المركزية وينقسم السودان إلى دويلات وساحات حروب أهلية لا تتوقف مثل الصومال وأفغانستان ومالي. ومن بعد السّلام في الجنوب، فرضت أمريكا أن تتحوّل الميزانية السودانية لتغطية نفقات إعمار ما دمّرته حرب الجنوب وتغطية احتياجات دارفور وتغطية اجتياجات اللاجئين من دول الجوار. أي أن استراتيجية أمريكا في حقيقتها هي تعطيل وحظر الدعم الدولي للسودان،واستنزاف ميزانيته في حروب داخلية جديدة، وإجبار ميزانيته على تغطية نفقات ما يّفترض تغطيته دولياً. لذا كان تصميم حرب دارفور التي انطلقت بعد توقيع اتفاقية نيفاشا، يستهدف إعاقة حكومة السودان عن الإنطلاق بكامل طاقتها في النهضة الإقتصادية الوطنية. النفاق الأمريكي ضد السودان ليس جديداً ولا مفاجئاً. لكن بالصلابة الوطنية،بثوابت الوحدة والشريعة والوفاق الوطني، سيجتاز السودان تلك الامتحانات. لأن النهضة الوطنية لم تأت أبداً لأحد هديَّة من أحد. كما لم تأتِ الحرية السياسية لأحدٍ على طبق من ذهب. برغم تآمرها المستدام العدائي ضد السودان، لن تستطيع أمريكا في نهاية المطاف إعاقة النهضة الوطنية السودانية. ولتعلم واشنطن أن نهر النيل لم يمنع تدفُّقه مساحة ثلاثين ألف كيلو متر من حشائش السُّدود!.