مشهد يتكرر كل يوم فى مواقف مواصلات الخرطوم، انتظار الكثير من المواطنين وعودة آخرين إلى منازلهم سيراً على الأقدام بعد أن تقطعت بهم وسائل الوصول، وليت مسؤول من السلطات رأى ذلك المشهد وهو يتكرر كل يوم، ويزداد فى أوقات معلومة تبدأ الساعة الرابعة وحتى الحادية عشرة ليلاً، وعشرات المواطنين يصطفون فى انتظار المركبات، والطريقة التى يتدافعون بها، حتى يرى بأم عينيه، ما يعانيه المواطن من ضياع وقته لهثاً وراء المواصلات التى تكاد تنعدم، ففي كل المواقف يبقى المشهد واحداً، وهو اكتظاظ وازدحام اعتاد عليه المواطن الذى يبقى تحت رحمة مزاج سائقي الحافلات الذين يستغلون وقت الذروة، فبعضهم يفرض تسعيرة مضاعفة، والبعض وهم الأغلبية، يقومون باستغلال المواطن بطريقة يضطر لقبولها، ورغم كل هذا العناء لا تجد المشكلة آذاناً صاغية من الجهات المختصة، ورغم توفير الولاية لعدد كبير من البصات إلا أن هنالك إجراءات أدت إلى تفاقم الأزمة، خاصة أن معظم الحافلات هجرت خطوطها بسبب ارتفاع أسعار قطع الغيار، وقرارات الدولة بمنع استيراد الأسبيرات المستعملة، وتصاعدت حدة الأزمة بتعطل العديد من بصات الولاية، وإضراب العاملين ببصات الولاية لعدم الإيفاء باستحقاقاتهم. فيما وصف المجلس التشريعي لولاية الخرطوم أزمة المواصلات«بالفضيحة»، ودعا حكومة الولاية لإيجاد معالجات حاسمة للمسألة التى أصبحت من أكبر المشكلات التى تعاني منها ولاية الخرطوم، سيما وأنها العاصمة التى يجب أن تتمتع بالخدمات الأساسية، وشددوا على ضرورة حسم قضية المواصلات لأنها أصبحت تؤرق المواطن مع الغياب التام لبصات الولاية خلال ساعات الذروة وأثناء الليل، وألقوا باللائمة على إدارة شركة البصات التى يقع على عاتقها معالجة المشكلة والتحسب لها قبل وقوعها إدارياً، ووجه رئيس نقابة الحافلات بولاية الخرطوم دياب قسم السيد أصابع الاتهام لحكومة الولاية لإهمالها العديد من المشاكل التى تتعلق بصيانة الطرق وإغلاق كوبري القوات المسلحة، وقال إن النقابة تقدمت بكثير من المقترحات التى أسهمت فى حل الأزمة، إلا أن ولاية الخرطوم لا تعيرها أي اهتمام وتلقي بها فى سلة المهملات، ولفت إلى ضرورة وجود رقابة من المرور على الحافلات وعدم السماح للمهترئة منها بالعمل. وأشار إلى وجود «1800» حافلة بولاية الخرطوم، منها «9» آلاف حافلة مرخصة منها «900» خاصة، الأمر الذي حدا بوالي الخرطوم لتكليف لجنة متخصصة للنظر فى المشكلة، وإيجاد الحلول المناسبة لها. وشمل تقرير اللجنة الوزارية المكلفة بالنظر فى حلول وسائل النقل والمواصلات، نوعين من الحلول: الأولى آنية يتطلب إصدار عدد من السياسات والقرارات لدعم العاملين فى قطاع النقل والمواصلات، وحلول آجلة تتعلق بالبنى التحتية فى مجالات الطرق والجسور والأنفاق وخطوط السكة الحديد والترام والنقل النهري، ويتضمن الجانب الثاني للحلول الآنية مواصفات جديدة للمركبات العاملة فى قطاع النقل بالولاية، وتضمنت المعالجات الإستراتيجية استكمال الدراسة النهائية لمشروع الخطة الإستراتيجية للمواصلات، واكتمل منها حوالي «90%» وإنشاء هيئة للنقل والمواصلات أسوة بالمدن الكبرى، بجانب تجويد قطاع البصات وإدخال القطار المحلي السريع والترام والنقل النهري، بجانب قائمة من المشاريع الخاصة بالتحسينات المرورية، وإكمال عدد من الطرق الجديدة والتقاطعات التى تسهم فى انسياب حركة المرور. وتزامن تقرير اللجنة مع تقرير أداء شركة بصات الولاية حول خطتها لزيادة الأسطول العامل وصيانة البصات المعطلة، وقال والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر إن قضية إسهام البصات فى قطاع المواصلات تشكل أولوية قصوى للولاية فى الوقت الراهن، مؤكداً دعم الولاية لبرنامج زيادة عدد البصات العاملة من «484» بصاً إلى «700» بص خلال شهر، وألزم شركة البصات بالاتصال بالشركات المتعاقدة معها لتوفير قطع الغيار والصيانة بحشد كل إمكانياتها لتنفيذ هذا البرنامج قبل المدة المحددة له.