في أوائل السِّتينات غادر شيخ (شمس الدين) بلدته (العِقيدة) في محلية الدامر على ضفة النيل الغربية إلى (خشم القربة). حيث كانت قد بدأت حياة جديدة في خشم القربة، خزان خشم القربة، مشروع خشم القربة، مصنع سكر خشم القربة. من قبل تلك الحياة، كانت خشم القربة يأتي ذكرها في مدوَّنات وأوراق الحرب العالمية الثانية، عندما كانت تقصفها الطائرات الحربية الإيطالية خلال سني الحرب، وذلك بعد أن استولت القوات الإيطالية على مدينة كسلا في يوليو 1491م. وصل شيخ (شمس الدين) إلى خشم القربة للعمل في مشروع خشم القربة. فالتحق عاملاً بإدارة المخازن. ولم يطُل المقام بالشيخ البشوش ليغادر خشم القربة إلى مشروع الجزيرة حيث استقر في مدينة ود مدني حي حلة حسن، وبرفقته شريكة حياته السيدة/ فاطمة عبد الرحمن وأطفالهم إبراهيم الذي كان في سنوات طفولته الأولى وإخوته. أنشأ شيخ (شمس الدين) مسجده في حيّ حلة حسن، وأصبحت داره هي البيت الكبير للعشيرة والأحباب والضيوف. في ذلك الوسط بمدينة ود مدني حي حلة حسن، نما الطفل (إبراهيم) واشتدَّ عوده، واشتهر منذ نشأته الأولى بشدَّة الحياء والأدب والاستقامة والوقار والجديَّة. تنقّل إبراهيم في مراحله الدراسية حتى تخرَّج من مدرسة مدني الثانوية، وبعد النجاح انضمَّ إلى الكلية الحربية عرين الأبطال وتخرَّج ضابطاً. كان إبراهيم من عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً. لم يمكث الضابط إبراهيم كثيراً في المسكن الحكومي فانتقل إلى مسكنه الخاص في أطراف الخرطوم في (الدخينات)، ومن بعدها إلى الجريف غرب. بعد وفاة الوالد توزَّعت الأسرة بين ود مدني حيّ حلة حسن وبين منزل إبراهيم في (الدخينات) و(الجريف غرب). فُصِل إبراهيم من الجيش لأسباب سياسية، فأكمل دراسته الجامعية في جامعة النيلين. ثم أُعِيد إلى الخدمة العسكرية، ليظهر بعد أعوام على المسرح السّياسي الوطني في 03/ يونيو 9891م، عضواً في مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطنّي... هادئاً لا يحبّ الأضواء... حييَّاً كعادته... زاهداً أغنى بما في يد اللَّه منه بما في يده... شجاعاً فارساً مقداماً. استُشهِد شقيقه منصور (02 عاماً) وقد كان ضمن مجموعة (سائحون) المجاهدة، ليستقبل إبراهيم النبأ بيقين مضيء ونفس راضية وصلابة معهودة. قبل رحيله بشهر تقريباً اصطحب إبراهيم أمَّه السيدة/ فاطمة عبد الرحمن إلى الحجّ.. وعاد بعد أداء الفريضة إلى عمله في حماية السودان وشعب السودان وعقيدة السودان. غداً السَّبت 01/ محرم 4341ه يوافي الذكرى الثانية عشر لاستشهاد إبراهيم شمس الدين. في 9/ ذي الحجة قبل اثني عشر عاماً، كان إبراهيم شمس الدين واقفاً على جبل عرفات، وبعد أقل من شهر في 01/ محرم يوم (عاشوراء) كان استشهاده في طائرة (عدارييل)، التي ثبت على بابها حتى يخرج الجميع. في يوم عاشوراء من عام 2241ه ، زفَّت الملائكة إبراهيم إلى جنات الخلود، وطيور خضراء تحمل روحه تحلق تحت عرش الرحمن. لقد شهدت (العِقِيدة) طفولة إبراهيم الأولى. ويزيِّنها اليوم (مجمع إبراهيم شمس الدين الإسلامي). تبقَّى لمدينة ود مدني التي نشأ فيها إبراهيم في يفاعته وصباه وشبابه ورجولته وتعليمه وصداقاته ومعشره وجيرته، أن تخلِّده بمَعْلَمٍ يرفرف بمآثره الباقية... وسلامٌ على إبراهيم شمس الدين في الخالدين.