منذ آخر زيارة للسيد المشير عمر البشير رئيس الجمهورية في أبريل من العام 2010م وتحديدًا قبل بدء الانتخابات بيومين لحاضرة المحس دلقو، لم تشهد محليتا دلقو وحلفا زيارة أي مسؤول اتحادي وذلك خلافًا لمحليات وولايات أخرى في السودان.... أليس من حقنا أن نسأل بأن الراعي مسؤول عن رعيته في محلياتنا، تمنياتي ألا تكون زيارات المسؤولين للمنطقة لمآرب وغايات أخرى من باب ولما انقضى الأمر لا صلاة ولا صيام، وتمنياتنا القلبية من الرئيس وأركان حربه في الحكومة الاتحادية زيارة رعيتهم في محليتي دلقو وحلفا التي تكاد تشكو مأساتها لطوب الأرض وهي تعيش في ظلامها الدامس وهي على مقربة ومرمى حجر من سد مروي وحالها حال العير في البيداء يقتلها الظَّما... والماءُ فوق ظهورها محمولُ... وأما الحديث عن مستشفى دلقو الذي ينتظر رصاصة الرحمة من أبو قردة وقد افتتح عام 1961م وقد سبق بذلك افتتاح مستشفى عبري عام 1972م ولهذا فقد ظل يقدم خدمات صحية ممتازة فصار قبلة للمرضى في السكوت والمحس ولا سيما بعد إغراق وادي حلفا ومستشفاها الذي يعود تاريخه إلى بداية القرن العشرين... كان مستشفى دلقو.. في ذلك الزمن الجميل تحفة عمرانية رائعة وعلى درجة عالية من الانضباط والنظافة الذي قل أن تجد له مثيلاً.. ولا يغيب عن خاطري منظر العنابر والأسرَّة النظيفة والمرتبة ودورات المياه النظيفة والتي كانت تغسل وتعقم طوال اليوم. وأما عن حال هذا المرفق الصحي اليوم والمسمى مجازًا بمستشفى دلقو فلم يتبقّ منه إلا مبنى خرساني ينعق فيه البوم والغربان ولا ينقصه إلا شعراء الجاهلية للبكاء على أطلاله... الحديث عن هذا المستشفى حديث تدمي له القلوب خاصة الخدمات التي تقدمها للأطفال والمآسي التي تصاحب أقسام النساء والولادة والتي نسمع عنها صباحًا ومساءً... في شهر أغسطس من العام الماضي زرت مستشفى دلقو عدة مرات للتقييم ولزيارة بعض المرضى ولكن ما رأيته ولمسته على أرض الواقع جاء محبطًا ومؤلمًا.. وليس من رأى كمن سمع.. وجدت أهلنا في دلقو يتخوفون من الذهاب إلى هذا المستشفى أكثر مما يتخوفون على صحتهم من المرض الذي يلم بهم لأنهم فقدوا الأمل في الحصول على خدمة علاجية شافية والله الكريم هو الشافي... وعلى الرغم من بعض المساعدات الخجولة التي تقدمها وزارة الصحة في الحكومة الولائية إلا أن أوضاع هذا المستشفى قد تدهورت بصورة مذهلة حيث إن هنالك نقصًا بل انعدامًا في متطلبات مجمع العمليات من معدات وأجهزة الكشف والتعقيم وأجهزة الأكسوجين..بل خلا المستشفى حتى من ملابس العمليات.. وهنالك قسم الأسنان الذي يفتقد إلى كل المعدات اللازمة وكذلك المعمل وقسم النساء والتوليد وكل الأقسام حل بها الخراب والعياذ بالله.. ويبقى الحديث عن عدم توفر أجهزة الموجات الصوتية ورسم القلب والأشعة بمختلف أنواعها وبنك الدم وحتى سيارة الإسعاف نوع من الترف إضافة إلى سور خارجي .. وبالإضافة إلى هذا الواقع الأليم الذي يسود المستشفى نجد أن هنالك نقصًا مريعًا في الأدوية والكوادر الطبية من الأطباء والمختصين والفنيين والممرضين والقائمة تطول مما يجعلنا ندق ناقوس الخطر لنعلن على الملأ أن هذا المستشفى في حالة موت دماغي تام مما يتطلب الالتفاف حوله والتصدي لمعوقات تسييره ودعمه بمختلف الوسائل المادية والعينية..