لا ينقص دعاة العنصرية القبلية العلم بحكمها الشرعي، وما يترتب عليه من غضب إلهي عليهم، فالنصوص الشرعية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لا تخفى على أمثال عبد العزيز سام المحامي الذي درس القانون والشريعة في كلية القانون بجامعة الخرطوم، ومن سار على نحو سيره في الإصرار على التركيز على قضية الدعوة للعرقية والقبلية والعنصرية، ومناداة الأقوام وإبراز وإظهار الحقد على الأقوام «الآخرين».. ليهيئ كل من تبنى الدعوة إلى العنصرية الجاهلية للوعيد الوارد على لسان نبي الهدى والرحمة الذي بُعث ليتمم مكارم وصالح الأخلاق في قوله عليه الصلاة والسلام:«.. ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم» رواه الإمام أحمد. ليستعد كل من دعا لنصرة قومه بغير الحق أو أراد نصرة قومه بالدعوة إلى العنصرية «المنتنة» «الخبيثة» لهذا الوعيد: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قبة من أَدَم، فقال: «من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنَبِه» أخرجه أبو داود في سننه. ومن الآفات والبلايا بل و«المستنقعات» التي يقع فيها من نصّبوا أنفسهم دعاة للعنصرية القبلية أنهم «يتناقضون» و«يكذبون» و«ينكرون الحقائق» و«يخالفون العقل والواقع» بعد مخالفة الشرع والدين. نقرأ فيما يكتب داعية العنصرية عبد العزيز سام في ذات معنى أن: «العربي عربي» !! وهذه لوحدها كافية في بيان «كذب» من يكتب مثل هذا، والوصف المناسب الذي يمكن أن يكون لائقاً به أنه «هراء».. نظراً لمخالفته الواضحة للواقع والعقل.. فضلاً عن مخالفة الدين.. يقول الداعية إلى العنصرية القبلية عبد العزيز سام «المحامي»: «إن الغِل الذي يشوِي صدور العُربَان ويعتمل وُجدَانهم السقِيم بالفطرة، هو ما يدفعهم دفعاً لإشعال حروب الإبادة والتطهير العرقي.. وبهذه المناسبة أريد أن أسلط الضوء علي ميزة أساسية في العرب وهو الغِل، الذي يدفعهم دفعاً لإتيان كل الموبقات التي اشتهروا بها، لذلك عندما أراد الله سبحانه وتعالى أن يبعث سيدنا محمدًا رسولاً ونبياً خاتماً لتبليغ رسالته، كان لا بُدَّ للمولي جلَ وعلا أن ينزَع الغِل من صدر النبي محمداً وحادثة المَلَك الذي أرسله الله ليشِقَّ صدر النبي الكريم ضمن السيرة الثابتة التي لا يختلف عليها الناس. ولكن ماذا يعني لنا اليوم، تلك العملية التأهيلية للرسول الخاتم لأداء رسالات ربه؟؟ في رأيي المتواضِع، ذلك يعني جملة أشياء أهمها أنَّ: العربي العادي الذي يملأه الغِل والبغض والكراهية، وبالتالي الحُمق وقلة الحِكمة والتريث والتروي والكياسة والفطنة في تدبُر الأمور، ليس أهلاً لحمل الرسالة وتبليغها ورعاية شؤون الناس وتأمين الحياة الكريمة لهم. بمعنى، أنَّ العربي العادي لا يصلح لإدارة الحكم الراشد ورعاية شؤون الناس، لذا تتسم أنظمة الحكم لدى العرب بالقهر والقمع والاستبداد والفساد وعدم الشفافية والشمولية والطغيان» انتهى المقصود اقتباسه من أحد مقالاته المنشورة بالانترنت. أقف مع هذا الكلام الوقفات التالية: أولاً: إن كنت تعترف يا «عبد العزيز» للنبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام بهذه المكانة فلماذا لا تقبل توجيهاته وأوامره التي ثبتت عنه والتي «يحذّر» فيها مما نصّبت نفسك له من الدعوة إلى العنصرية القبلية ؟!! لماذا لا تقبل نهي النبي عليه الصلاة والسلام الذي تؤمن به عن إثارة النعرات والقبليات؟! لا أظنه يخفاك أن النهي عن الدعوة إلى العنصرية والقبلية قد كان محل عناية واهتمام من النبي عليه الصلاة والسلام! ولأقرّب لك توضيح هذه العناية فإني أذكر لك ولمن يسير على طريقك هذا الحديث: عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوه». رواه البخاري في الأدب المفرد وأحمد في المسند وفي لفظ له « كنا نؤمر إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهنُ أبيه، ولا تكنوا». ومن تعزى أي: انتسب وانتمى وقوله: بعزاء الجاهلية أي: الدعوى للقبائل بأن يقول: يا للشماليين، أو يا للزغاوة، أو ياللنوبة وأشباه ذلك، والهن: «ذكر الرجل». وقد فعل ذلك أبي بن كعب رضي الله عنه راوي الحديث، فإن سبب هذا الحديث أنه سمع رجلاً قال: يا لفلان، فقال له أبي: اغضض بهن أبيك. فقال الرجل: يا أبا المنذر، ما كنت فحاشاً! فقال أبي: إني لا أستطيع إلا ذلك عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعزَّى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا».. وفي هذا درس بليغ لكل داعية للعنصرية القبلية فضلاً عن حاملي لوائها، ولخطورة الدعوة إلى العنصرية القبلية ودورها السيء في تمزيق المجتمعات استحقت هذا النوع من الإنكار والتشنيع على الداعين لها والمؤججين لنيرانها والمهيجين للهيبها. ثانياً: لقد وقع الأستاذ سام في مخالفات شرعية «خطيرة» جداً وتقوّل على الشريعة بل على سنة الله الكونية في خلقه، كما وقع في الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بما نسبه إليه في قوله: «ذلك يعني جملة أشياء أهمها أنَّ: العربي العادي الذي يملأه الغِل والبغض والكراهية، وبالتالي الحُمق وقلة الحِكمة والتريث والتروي والكياسة والفطنة في تدبُّر الأمور، ليس أهلاً لحمل الرسالة وتبليغها ورعاية شؤون الناس وتأمين الحياة الكريمة لهم». ياسام إن النبي محمد عليه الصلاة والسلام هو الطاهر الزاكي الصادق الأمين الطيب الكريم المعافى الكيّس الفطن الحكيم المتروي والمتريث العفو الحليم في الجاهلية قبل الإسلام وبعد الإسلام.. لم يكن بالأحمق في طفولته أو شبابه قبل الإسلام ولم يكن صاحب غل أو كراهية أو بغض.. حاشاه، عليه الصلاة والسلام، ولم يجرؤ أعداء محمد عليه الصلاة والسلام أن يصفوه بما وصفته به، فانظر لنفسك أي «مستنقع» أغطستها فيه، وأي «جحر أجرب» حشرتها فيه، وقد أعماك «حقدك» على العرب لذلك. ثم ما هذا «الافتراء» المتعمّد والمتمثّل في ادعائك أن العرب متأصل فيهم الحقد والغل وقلة الحكمة والتريث والتروي... الخ تلك الصفات التي تكذب كذباً جريئاً لا تستحي منه ومن اللائق أن يوصف كذبك بأنه «دجلٌ»، وتدعي أن هذا الأمر خاص بالعرب دون غيرهم. فهل قرأت الحديث الذي أردت أن تستدل به على «هرطقتك» ؟! عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أَتَاهُ جِبْرِيلُ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ «هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ» مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِى طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِى مَكَانِهِ» رواه مسلم وغيره. قال الملك: «هذا حظ الشيطان منك».. وإن جرّدت نفسك عن الهوى لكنت ممن يفهم الفهم الصحيح ولا يكتب هذه الكتابة الكاذبة الساذجة المضحكة المبكية في نفس الوقت، لك أن تعرف أن العربي والزغاوي والشرقي والكردفاني والنوباوي والهنود والأمريكان الذين تعتز بهم كل هؤلاء وغيرهم من بني آدم أخبر عنهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث التالي: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- » مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ«. قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ » وَإِيَّاىَ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِى عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلاَ يَأْمُرُنِى إِلاَّ بِخَيْرٍ« رواه مسلم. وبهذا يعلم أن حظ الشيطان من ابن آدم بمختلف قبائلهم وبلدانهم وجهاتهم لا كما «نجر» المحامي سام بأنه أمر خاص بالعرب!! يؤسفني أن من درس «القانون» ودرس الشريعة الإسلامية، وتعلم الكثير في «الحقوق» أن يكون مآله هذا التردي في النظر للآخرين وتقييمهم.. والأعجب من ذلك أن يسوده ثم ينشره في الآفاق «مع سبق الإصرار والترصّد». أسأل الله لي وللكاتب الهداية والتجرد للحق والتمسك به..