٭ المال العام هو مال الدولة ومال الشعب الكادح المكافح هذا المال منهم من أخذه بالحلال «والحمد لله» وذلك بالمرتب الشهري «الفصل الأول كما تسميه وزارة المالية» وهذا المرتب يستخدمه العامل أو الموظف الحكومي لتسيير حياته العادية «إيجار البيت ومعيشة الأولاد، اللحم، اللبن، الخضار، الرغيف.. بدون فواكه»، من المؤكد هذا الراتب لا يكفي لأنه يشمل التعليم والعلاج والمجاملات ويعمل الموظف أو العامل لتكميل بعضه بالأوفرتايم يعني ساعات العمل الإضافية (over time) ويعتبر من الحلال إذا سجلت الساعات الفعلية دون زيادة، ورغم ذلك لا يكفي فيكمل بالحوافز وأخيراً يلجأ العامل للدين والأقساط «قال أحد الظرفاء حصل شفتو ليكم جنازة قالوا كتلها الدين» وقال بعض الأجانب إن السودانيين عندهم مرتب إضافي اسمه «الله كريم» والحمد لله على ذلك. ٭ أما الأكل الحرام «حمانا الله وإياكم، لا نود أن نخوض فيه كثيراً لأنه حرام حتى لا نصاب بالإثم، وهو بدون شرح الاختلاس أوله، وللاختلاس فنون كثيرة مثل المبيوعات الفواتير، التذاكر الطبية لعلاج العاملين.. وغيرها. والرشوة ثانيها بلا شك فإن الرشوة تدخل في الأكل الحرام بكل أبوابه «فالراشي والمرتشي للنار» وتسمى الرشوة تسهيلات وتسمى حق الفطور.. الخ. خاف أحدهم من تقديم رشوة لموظف حكومة ورمى جنيه على الأرض ثم قال للموظف يا أخونا وقع منك جنيه، رد عليه الموظف أخوك وقع منو عشرة جنيه حمانا الله من أكل الحرام. ٭ نأتي للأمور المتشابهة نحن نعتبرها حرام ولنا مبرراتنا وآخرون يعتبرونها حلال ولهم مبرراتهم والحديث يقول «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهة فالأمور المتشابهة نذكر منها اللجان مثال لجنة داخل مصلحة حكومية تقوم بتقديم عمل لصالح المصلحة وتجتمع داخل المصلحة في ساعات العمل وتأخذ حافز على كل جلسة بالرغم من أن كل أعضاء هذه اللجنة يتقاضون مرتبًا من الدولة نظير عمله في هذه المصلحة. وبما إن الحافز لكل جلسة على حده فإن الموضوع الذي يمكن البت فيه في جلسة واحدة يكمل من عشر جلسات أو أكثر وكل جلسة بي حقها «ولك أن تنظر هذا حرام أم حلال؟». ٭ من الأمور المتشابهة سفر الوفود للخارج لمهام مدبر بذكاء شديد حتى لا تشك الجهات المسؤولة فيه فتقوم برفع النثريات وتذاكر السفر للوفد ورسوم المطار ثم الإعاشة والسكن.. إلخ كلها بالعملة الحرة هذه الزيارات المدبرة وغير مبررة ليست للتدريب وليست للعمل الدبلوماسي أو توقيع الاتفاقيات لصالح الدولة بل لمهام خاصة يعلمها مخططوها. ٭ شركة عامة أو خاصة لها عدة أقسام أو أفرع أو إدارات ولكل قسم مدير وفريق عمل متكامل (Staf) وعلى رأسهم نائب المدير العام ومكتبه وعلى رأسه المدير العام ومكتبه وهو المسؤول لدى وزارة المالية وإداراتها المتخصصة، رغم ذلك فإن هناك جسمًا آخر ليس لديه عمل فعلي بالشركة المعنية يسمى مجلس الإدارة وله رئيس وله اجتماعات دورية لكل اجتماع «ظرف» وظرف رئيس المجلس أكبر من الظروف الأخرى والمجلس يتقاضى مرتبًا من هذه الشركة علماً بأنه يتقاضى في موقع آخر.. زد على ذلك أن عضو المجلس قد يكون عضوًا في مجالس شركات أخرى، هل هذا حلال أم حرام أم أمور متشابهة. ٭ الحكومة بدأت في محاربة أكل المال العام وشكلت دواوين للمحاسبة ونشطت ديوان المراجعة العامة لمحاسبة آكلي المال الحرام، ولكن لا بد من حسم الأمور المتشابهة المذكورة والتي لم نذكرها. وفقنا الله وإياكم لأكل المال الحلال وأبعدنا الله من الحرام وما تشابه منه.