ما هو العلاج الشرعي لمن تعاني من الوسواس المستمر حتى عكر عليها حياتها، فهي تكرر الوضوء عدة مرات وتشك في عدد ركعات الصلاة، وتتخيل أن النجاسة قد أصابت ثيابها وغير ذلك، مما يجعلها في ضيق وحيرة بصورة مستمرة.. أرجو الإجابة. الإجابة: الحمد لله، الوسواس من سبل الشيطان التي كاد بها المؤمنين والعبّاد، ليشوّش عليهم دينهم وعباداتهم، وقد أمرنا ربنا تبارك وتعالى أن نستعيذ من شر الوسواس في سورة الناس من قوله تعالى:» قل أعوذ برب الناس.. إلى قوله عز وجل.. من شر الوسواس الخناس.. الذي يوسوس في صدور الناس.. من الجنة والناس«. ونرجو أن نعين الأخت الكريمة ببعض ما يفيد في العلاج من هذا الوسواس، فنقول: علاج الوسواس يتم بمجموع ما يلي: أولاً: أن يعتقد المبتلى بالوسواس جازماً أن الحق في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله ويعزم على سلوك طريقته. ثانياً: أن يعتقد جازماً أن الوسواس من الشيطان، وأن الشيطان عدو مبين، والواجب مخالفته ومباينته. ثالثاً: أن يتعرف على أحكام الشك في الطهارة والصلاة خاصة الشك الكثير، وأهمها: أن من كثر شكه في الوضوء ولو مرة أو مرتين في اليوم لهى عما شك فيه، وليس عليه إصلاح أو إعادة باتفاق العلماء ووضوؤه مجزئ. من توضأ ثم شك هل أحدث أم لا؟ أجزأه وضوؤه ولا وضوء عليه عند سائر الفقهاء، والقاعدة الفقهية في ذلك: أن «اليقين لا يزول بالشك». ومن كثر شكه في الصلاة كم صلّى، بنى على الأكثر، ومضى في صلاته ولا يلتفت لوسواس الشيطان، فإن شك هل صلى ركعتين أم ثلاثاً حكم على أنه صلى ثلاثاً، وإن شك كثيراً هل صلى ثلاثاً أم أربعاً حكم على أنه صلى أربعاً، ثم يسجد سجدتين بعد السلام لترغيم الشيطان، وفي الحديث يقول نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس». من جاءه الوسواس وهو في الصلاة أنه ربما أحدث، فلا يقطع صلاته، بل يستمر في صلاته ويكملها حتى يتيقن أنه أحدث بالفعل، ففي صحيح مسلم وغيره عن عباد بن تميم أن عمه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً». ومن جاءه الوسواس ويخيل إليه أن النجاسة قد أصابت ثوبه وهو في الصلاة لا يقطع صلاته بل يمضي فيها ولا يلتفت إلى وسواس الشيطان، إلاّ إذا تيقن بالفعل أن النجاسة قد أصابت ثوبه، فعندئذ خلعه إنْ لم يؤد إلى كشف عورته، ويستمر في صلاته حتى يتمها فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم بالنجاسة في نعليه بإخبار جبريل عليه السلام خلعهما وأتم صلاته. رابعاً: الإكثار من الاستعاذة كلما يأتيه الوسواس ولو كان داخل الصلاة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بالله من الشيطان وهو في الصلاة، وقد سمعه الصحابة رضي الله عنهم أنه يقول: «أعوذ بالله منك، ألعنك بلعنة الله التامة» ثم أخبرهم أنه صلى الله عليه وسلم إنما تعوذ من إبليس لعنة الله عليه. ولما شكا إليه عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قائلاً: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي يلبسها عليّ، فقال له صلى الله عليه وسلم: «ذاك شيطان يقال له «خِنْزَب» فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً» قال عثمان: «ففعلت ذلك فأذهبه الله تعالى عني». والله المستعان والموفق.