لا يزال تشكيل الحكومة الجديدة رهين المحبسين، الحوار مع حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل من جهة، وقرار المؤتمر الوطني ما إذا كان سينتظر الأحزاب أم سيعلن حكومته منفردًا، وكانت الحكومة قد أخبرت سابقًا بأن نهاية رمضان هو أقصى توقيت لإعلان فريق مجلس الوزراء الجديد، معلوم أن الخلاف بين الوطني والأحزاب التي يتحاور معها الوطني تتمثل في تمسك الأول بأن يتم إشراك الأحزاب وفق رؤيته، الحكومة العريضة، ومن خلال برنامجه الذي يطرحه، رافضًا مبدأ تذويب حزبه، مبررًا ذلك باستناده إلى ما يسميه التفويض الشعبي الذي توفر له عبر انتخابات 2010، بينما لحزب الأمة اشتراطاته المعلنة، أما الاتحادي الأصل فهو في كل يوم على حال جديد، لا يعرف معه ماهية موقف الحزب الرسمي على وجه الدقة، كما أن تحالف قوى المعارضة احتج على قرار الرئيس البشير الذي سمى فيه كلاً من نائبه الأول والثاني مبررة ذلك بأنه ضربة قوية للحوار الذي يجريه مع المعارضة، هذا طرف من المناخ العام في الوقت الراهن، ولكن ماذا عن كيفية اختيار الوطني للأسماء التي يريد تسميتها للاستيزار؟ هناك طرفان اساسيان معنيان بهذا الملف هما المكتب القيادي للوطني ورئيس الجمهورية، من جهته يسعى الرئيس عمر البشير إلى أكبر قدر ممكن من المشاورات حول الأسماء المعنية، ويشير محدثي الذي آثر عدم الإفصاح عن هويته، إلى أن الرئيس يستدعي مجموعة من القيادات البارزة في الحزب فرادى للإدلاء برأيهم حول قائمة من الأسماء المرشحة، قد تصل لسبعين اسمًا لاختيار من يصلح منهم في تقديره، فهو يستدعيهم في بيت الضيافة أو في مكتبه الرئاسي، واذا كان يرى ترشيح أسماء لا توجد في القائمة عليه أن يسميها، ولا يغفل الرئيس عن استشارة الشباب بل حتى الطامحين للوزارة يمكِّنهم الرئيس من إبداء رؤيتهم، ويحدث أن يُثني أحدهم على بعض الأسماء أو يقترح أخرى دون أن ينسي أن يدرج اسمه في ذيل القائمة وهؤلاء الصنف من المستشارين هم أول الشخصيات التي يستبعدها الرئيس تأسيسًا على مبدأ نحن لا نعطي السلطة من طلبها، وهناك المكتب القيادي الذي ينتظر أن يبتّ في أمر الإعلان عن الحكومة الذي تأخر أكثر مما ينبغي بحسب مراقبين منهم الكاتب الصحفي عبد اللطيف البوني الذي أشار في زاويته الراتبة «حاطب ليل» إلى أن التأخير له آثاره السالبة على الأداء التنفيذي، وبحسب محدثي فإن جلسة مكتب القيادي عادة ما تشهد نقاشًا عاصفًا حول الأسماء المطروحة كما يحدث أن يسمي الرئيس البشير أحد الأسماء لوزارةٍ ما فيعترض الأعضاء على ذلك ويستجيب البشير لهم، وضرب المثل بأنه لدى تشكيل الحكومة التي تلت انتخابات 2010 اختار رجاء حسن خليفة وزيرًا لوزارة الرعاية الاجتماعية الاتحادية خلفًا لسامية أحمد محمد التي جرى اختيارها آنذاك نائبًا لرئيس المجلس الوطني فوجد اقتراحه معارضة كبيرة من قبل بعض الذين لديهم مصالح ذات صلة بالوزارة المعنية يخشون من تعطيل مصالحهم لاسيما وأن رجاء تمتاز بأنها صاحبة شخصية قوية ونافذة فاستجاب لهم البشير إلا أنه وتقديرًا منه لكسب رجاء السياسي وبلائها في الحركة الإسلامية اختارها مستشارًا للرئيس لشؤون المرأة والطفل وهو منصب أعلي رتبة من الوزير بل والوالي أيضًا.. ونظرًا للظروف الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد جراء خروج النفط من الموازنة العامة للحكومة تبرز الحاجة لتحجيم عدد الوزارات والوزراء لأقل عدد ممكن ترشيدًا لموارد الدولة التي تعاني من الشح والضعف لاسيما منصب وزير الدولة الذي وجد هجومًا كبيرًا من الخبراء الإداريين كونه منصبًا دون أية أعباء وظيفية حقيقية حتى إن محافظ البنك المركزي محمد خير الزبير صرح في مؤتمر محافظي البنوك المركزية العربية بالدوحة القطرية أن البلاد بحاجة لأربعة مليارات دولار هذا العام بالإضافة لتصريحات وزير المالية علي محمود في مؤتمر وزراء المالية العرب في أبو ظبي الإماراتية أن البلاد بحاجة لمساعدة تصل «1.5» مليار دولار سنويًا وبإزاء ذلك يريد الوطني إشراك الأحزاب الأمر الذي يستدعي بالضروة توسيع الماعون الوزاري، لذا وعقب أن استقر الرأي على «13» وزراة اتحادية عاد ليتحور إلى «20» وزارة، أما الولايات فقد تقرر أن يتم توحيد مسمى الوزرات فيها جميعًا على ألّا تتجاوز خمس وزارات، وكان وزير المالية علي محمود قد أقر في أحاديث صحفية بأن الأوضاع الاقتصادية تقتضي أن تتصف الحكومة القادمة بالرشاقة منتقدًا التوسع غير الموضوعي في عدد الوزارات بالولايات وسخر من بعض الولايات التي لا يتوفر لها سوى موقعين أو ثلاثة من مواقع الوقف ومع ذلك تنشئ وزراة للأوقاف. على كل ستكشف الايام الحقائق التي ستغلق باب التكهنات بشأن تشكيل الحكومة ومشاركة المعارضة أو امتناعها.