في أقل من شهر ونيف فشلت ثلاثة اجتماعات للجنة الأمنية المشتركة توزعت ما بين جوباوالخرطوموأديس أبابا في التوافق على خطوات عملية للمضي بالاتفاق الأمني الموقَّع بأديس أبابا نهاية سبتمبر الماضي. ومع إطلالة العام الجديد تكون الخرطوموجوبا حققتا رقمًا قياسيًا في الإخفاق لجهة الوصول لتواؤم واضح حول القضايا العالقة منذ توقيع اتفاق نيفاشا «2005»، وأظهر تبايُن التصريحات المتعلقة بمصير اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية السداسية المشتركة بين الخرطوموجوبا التي انفضّت بعد أربعة أيام ماراثونية وتحفظات وخلافات حول أجندة الاجتماعات بين التمسُّك بنجاحها من قِبل وفد السودان والإقرار بفشلها من ناحية الوفد الجنوبي. أظهرت الأزمة الكبيرة المحيطة بأجواء العلاقة بين البلدين، ففي وقت أعربت فيه دولة الجنوب على لسان كبير مفاوضيها باقان أموم عن افتقارها للفائدة فيما سمَّته بمواصلة المحادثات مع نظام الرئيس البشير، أقرَّ وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين بتعثر المباحثات السابقة بجوباوالخرطوم واحتدام الخلاف حول «14 ميل»، بينما كالت جوبا اتهامات صريحة للخرطوم باتباع إستراتيجية جديدة قالت إنها تعارض تطوير التعاون بين البلدين، وظل باقان أموم منذ أمس الأول يصوِّب الاتهامات للخرطوم بإفشال كل شيء عبر تلك الإستراتيجية التي لم يكشف عنها، لكن المتحدث باسم الجيش انبرى بطريقة أو أخرى للدفاع عن تصريحات باقان بصورة أثارت الاستغراب وسط الصحفيين المتابعين لحديث وزير الدفاع بمطار الخرطوم أمس، فالمتحدِّث باسم الجيش قال إن تصريحات باقان بانهيار أعمال اللجنة سبقت آخر اجتماع للجنة نفسها، لكن يوم أمس نشرت وكالة رويترز تصريحات إضافية لباقان فيها طنًا جديدًا لاتهاماته، بل ذهب إلى أكثر من ذلك وقال إن المحادثات مع نظام البشير بلا فائدة، في المقابل قال رئيس اللجنة الأمنية المشتركة من الجانب السوداني وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين في تصريحات صحفية عقب عودة الوفد أمس إن اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين دولة السودان وجنوب السودان بأديس أبابا استمرت لأربعة أيام متتالية ووصفها بالمباحثات الجادّة، وقال: «تم فيها نقاش مستفيض حول تفعيل اتفاقية الترتيبات الأمنية المهمة بين السودان والجنوب في «27» سبتمبر الماضي في أديس أبابا بحضور الرئيسين تحت رعاية الاتحاد الإفريقي والآلية الإفريقية رفيعة المستوى»، ولفت عبد الرحيم إلى بداية الاجتماعات بعد التعثر الذي حدث لها بجوباوالخرطوم، وأبان أنه خلال اجتماع الخرطوم قرر الطرفان عقد اجتماع بأديس أبابا بحضور الآلية الإفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي، وأضاف: «في هذا الاجتماع لحد كبير استطعنا أن نتجاوز الصعوبات التي واجهت اجتماع الخرطوموجوبا، والمعلوم طبعًًا أنه في اجتماع الخرطوموجوبا كانت هنالك مشكلة أساسية هي عدم التوافق على الأجندة نفسها، لذلك لم تستطع الآلية السياسية الأمنية المشتركة عقد اجتماعات، وأكد عبد الرحيم أنه بمساعدة الآلية الإفريقية بأديس تجاوز الطرفان مسألة الأجندة وانتقلا إلى صناعة مصفوفة عمل أو جدول عمل مباشر لتنفيذ الترتيبات الأمنية التي طرحها الاتفاق الأمني والآليات التي وردت في إطار هذه الاتفاقية خاصة الآليات التي تراقب المنطقة منزوعة السلاح والمراقبين بمستوياتهم المختلفة، لذا والحديث لوزير الدفاع قُدِّمت مصفوفة، وبهذه الكيفية استطاع الطرفان الدخول في الموضوعات مباشرة ونجحا في إحداث اختراق واضح في عقد الاجتماع، ووصلا إلى كثير جدًا من مناقشة القضايا، وقال: «استطعنا الوصول إلى مصفوفة عمل، تقريبًا نستطيع القول إننا غطّينا فيها أكثر من « 80 %» من مطلوبات هذه الوثيقة»، وأكد وزير الدفاع أن هناك اجتماعًا آخر سيُعقد في «13» يناير من العام القادم، وتابع قائلاً: «اجتماع غير عادي تحت رعاية الآلية الإفريقية لمواصلة النقاش حول القضايا التي لم تُحسم في الجولة الماضية، لكن الشيء المهم موضوع الدعم والإيواء للعناصر المتمردة وفك الارتباط الذي كان عائقًا في الجولات السابقة»، ومضى: «في هذه الجولة تم الاتفاق على أن هذه القضايا أساسية ويجب أن تُناقَش ويجب أن توضع لها آليات لكيفية معالجتها وسيتم هذا في الاجتماع القادم بأديس أبابا يوم «13»، وهذه خطوة كبيرة وهامة لأنها كانت العقبة التي منعت اجتماع جوباوالخرطوم»، ولفت وزير الدفاع إلى أنه وعلى ضوء الذي تم في اجتماع الآلية السياسية الأمنية المشتركة انعقد اجتماع للآلية الفنية مع قائد قوات اليونسفا، واتفق الجميع على جداول محددة وترتيبات محددة في كيفية تفعيل المنطقة منزوعة السلاح وآليات مراقبة المنطقة منزوعة السلاح»، وقال: أهم من ذلك الانسحاب الفوري، لكل من الجانبين من الأراضي إلى داخل بلده خاصة بعد ما تسلمنا خارطة واضحة من الآلية رفيعة المستوى وقائد اليونسفا توضح الحدود المعقدة والمنطقة المنزوعة السلاح ومنطقة «14 ميل» تحددها بصورة واضحة» ونوه عبد الرحيم بأن السودان قبل بالخارطة الجديدة لأنها تتوافق مع الاتفاقية الأمنية التي نصَّت على أن هناك ترتيبات أمنية خاصة بمنطقة ال «14 ميل»، وأضاف: «هذه أصبحت بالنسبة لنا في السودان محسومة، والخارطة التي قُدِّمت أصبحت مقبولة بنص الاتفاقية التي وُقِّعت في «27» سبتمبر الماضي رغم تحفُّظ دولة الجنوب عليها». من جهته قال باقان أموم: «ليس هناك فائدة من مواصلة المحادثات مع نظام البشير»، وأكد في مقابلة مع رويترز: «إن الوقت حان الآن لتركز دولته على أمور أخرى»، وقال إن المحادثات وصلت لطريق مسدود من حيث الجوهر وأكد انهيارها، وقال إن تطاول أمد توقُّف صادرات النفط يثير احتمال مرور الأوضاع بمرحلة من الجمود، وبث باقان اتهامات صريحة للخرطوم باتخاذ مواقف إسترتيجية جديدة إبان المحادثات تعارض تطوير التعاون بين البلدين وغير الحديث على بعض الجوانب بالورق، وقال وزير الدفاع إن الترتيبات الخاصة بالقمة الرئاسية بين الخرطوموجوبا لم تكتمل بعد، وأوضح أن الآلية الإفريقية تسعى لعقد القمة لدفع عملية السلام بين البلدين بقوة أكبر.