«تهللت أسارير» الخرطوم.. عقب انسحاب مندوبة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالأمم المتحدة، السفيرة سوزان رايس، وانقلب العبوس في السودان سروراً، بعد تعيين رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس السيناتور جون كيري وزيراً للخارجية في فترة الرئيس باراك أوباما الثانية، خاصة أن الغموض كان سيد الموقف في العلاقات السودانية الأمريكية خلال الفترة الماضية، لكن بتعيين السيناتور كيري تفتح أبواب جديدة خاصة أن الأخير كانت له بصمات واضحة في عدم إدانة السودان في الكونغرس خلال فترته، بجانب انتعاش علاقات السودان الدبلوماسية بين القصر الجمهوري والبيت الأبيض على مستويات مختلفة منها العسكرية والاقتصادية والأمنية والدبلوماسية المعلنة وغير المعلنة، بجانب أن كيري كان له القدح المعلى في إيقاف تمويل الكونغرس لمنظمات«جون بندرغاست ومجموعته» الداعمة لمتمردي دارفور من جهة، ومن جهة أخرى كان له دور كبير في إثارة حفيظة الرئيس باراك أوباما بإقناعه أن دولة جنوب السودان تدعم تمرد السودان بسلاح أمريكي، مما جعل أوباما يتصل ب«سلفا كير» ولم يجد الأخير إلا أن يكذب، لكن مجموعة جون كيري والجنرال سكوت غرايشن فضحوا الأمر للرئيس أوباما، ولم يستطع سلفا كير المواصلة في كذبته، أما تواصل جون كيري لم يتوقف عند السودان، بل زاد ليشمل إيقاف دعم «مصر وليبيا» لمتمردي السودان والحركة الشعبية إبان فترتي «حسني مبارك ومعمر القذافي» حيث اجتمع كيري بمديري مخابرات مصر وليبيا آنذاك «الراحل عمر سليمان والمعتقل عبد الله السنوسي» كي يكفوا أيديهما عن السودان. في المنحى الإقليمي الإسلامي للربيع العربي، كان الوزير الامريكي الجديد كيري له بصمات على الثورة المصرية خاصة في اجتماعاته التى عقدها مع «الإخوان المسلمون» في مصر، حيث كان مناصراً أيضا لهم ضد المشير محمد حسين طنطاوي عندما كان رئيس المجلس العسكري، وزار كيري حزب الحرية والعدالة قبل أن يترشح للانتخابات ويفوز الرئيس محمد مرسي ولم يلتق كيري خلال زيارته ل«مصر» بأحزاب «الإخوان المسلمون» ولم يلتق أي حزب بمن فيهم العلمانيون «محمد البرادعي وعمرو موسي وأيمن نور» وعلى ذات النسق كانت لقاءات كيري بالإسلاميين في غزة و تونس واليمن والمغرب. وبالعودة لملف السودان والمطلوب خلال الفترة القادمة من الخرطوم أن تولي دكتور غازي صلاح الدين دفة الحوار مع واشنطن مرة أخرى، للاختراقات التى حققها خلال فترته التى أثمرت الكثير بين البلدين. هذا بجانب أن لسان جون كيري برفع العقوبات عن السودان ربط آنذاك مع دكتور غازي، هذا بخلاف أن أدبيات كيري مع السودان منذ فترة طويلة عندما كتب مقالاً بصحيفة أمريكية يقول فيه«إن إقامة سوداناً مستقراً وسلمياً وقابلاً للحياة من الناحية الاقتصادية أمر ضروري لدولة مستقرة ومزدهرة في جنوب السودان، وكلاهما يصب في مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية»، فالسودان بحسب مدير السياسات في مركز التقدم الأمريكي ديفيد سوليفان يتصدر أولويات الدبلوماسية الأمريكية في إدارة أوباما. تجدر الإضافة أن جون كيري نقل للبيت الأبيض خلال زيارته المتعددة للسودان آنذاك، صورة جيدة عن البلاد كانت مساندة للمبعوث السابق سكوت غرايشن، لكن صقور الإدارة من سوزان رايس وغيرها كانوا وراء إبعاد غرايشن وتحطيم خطة التطبيع الأمريكية تجاه السودان تماماً، كما فعلت إبان عهد الرئيس بيل كلينتون منذ سنوات، وأخيراً عندما كشف وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية توماس بيكرينغ، أنه كان يريد فتح سفارة بلاده بالخرطوم، إلا أن سوزان رايس رفضت إعادة فتحها بشدة، أخيراً إن تعيين كيري يجب أن تستفيد منه الخرطوم لأبعد مدى عبر اختيار مجموعة موفقة بخلاف وزارة الخارجية، وأصحاب أدوار جيدين بعيداً عن الشخصيات التي أضرت بالملف، لأنه إذ لم تستطع الخرطوم التطبيع في عهد جون كيري، فإنه لا أمل لها بالتطبيع مع أية إدارة أمريكية أخرى.