«أي عمل تقوده فئة أو مجموعة سينتهي بأن يدخلوا المؤسسات ويعملوا من خلالها أو يخرجوا ولن يصلوا لأي نتائج» هكذا جاء تعليق مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب د. نافع علي نافع نهاية الأسبوع الماضي قاطعًا الطريق أمام مجموعة السائحون التي تقدمت بمبادرة أطلقت عليها «نداء الإصلاح والنهضة» بوضع شرطين إما العمل من داخل المؤسسات أو انتظار السراب، وزاد نافع: «إن أي عمل يتم خارج إطار المؤسسات لن يؤتي أي ثمار». ووفقًا لأحد شباب المجموعة «فإن السائحون هم المجاهدون من شباب الحركة الإسلامية بشقيها «الشعبي والوطني» الذين حافظوا على تواصلهم بعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة وظلت علاقاتهم متواصلة وربطتهم الكثير من العلائق حيث وصلت الفكرة ذروتها بعد الهجوم على هجليج إضافة إلى الثورات العربية التي سبقت ذلك وشكلت صفحتهم على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» والمسمّاة باسم المجموعة «السائحون» وسيلة التواصل بينهم وتطورت عبرها الفكرة على أساس أن الناس تحتاج إلى إصلاح»، ووفقًا لقوله فإن المبادرة التي تم طرحها هي امتداد لأصوات الإصلاح التي ظهرت في جسمي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني والتي عبَّرت عنها المذكرات التصحيحية وهاجمها الصقور هنا وهناك. المجموعة ظلت تشكل قلقًا كبيرًا لعدد من النافذين في الحكومة والوطني يرون أنها ربما صارت يومًا مهددًا لمواقعهم خاصة داخل المؤتمر الوطني لذلك ربما تواجَه تحركاتها الإصلاحية بعناد مجموعة الصقور في الحزب وقيادة اتجاه ومحاولات للقضاء عليها، واعتبر البعض خطوة إشهار المجموعة لأفكارها وشخوصها بصورة علنية في ظل ظروف تحمل قدرًا من التململ وعدم الرضا بما يجري داخل أروقة الحكومة وحزبها أمر له ما بعده، ورأوا أن خروج شخوصها للعلن دليل آخر على استعدادها وقدرتها على الفعل ورأى هؤلاء أن شباب المجموعة ليسوا وحدهم ويقف وراءهم نافذون يدفعونهم للخروج بغية محاصرة ما ظل هامسًا لكون أن الأمر عندما يدور في الخفاء يشكل مصدر قلق وإزعاج خاصة أن المجموعة كما يتردد ليست بعيدة عن مذكرات الإصلاح التي راجت مؤخرًا ومن بعد أخرجت بيانًا أوضحت فيه رأيها عن المحاولة الانقلابية الأخيرة مما حدا بالكثيرين إلى التساؤل عن علاقتها بالمحاولة. وقطع الكثيرون بأن مبادرة السائحون مصيرها هو ذات مصير مبادرات الإصلاحيين التي سبقت المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية والذي جاءت نتائجه مخيبة لآمالهم في الإصلاح، وصار بعدها الإصلاح شبه مستحيل ولكن مع السائحون تذهب التكهنات إلى إمكان أن يتصاعد الأمر إلى مراحل خطيرة خاصة بعد أن أوصد د. نافع الباب أمام أي إصلاح إلا عبر مؤسسات الحزب والحركة وهنا يرى الخبير والمحلل السياسي بروفيسر حسن علي الساعوري أن حديث د. نافع يعني للسائحين تلقائيًا أنكم تغردون خارج السرب وقال: ل«الإنتباهة»: «هذه مجموعة مجاهدة سعت للإصلاح والنهضة بالحوار، فإذا لم يتم لها ذلك لا بد أنها ستسعى ليتم بطرق أخرى»، وأضاف: «هذه مجموعة مجاهدة أي هم ناس سلاح أصلاً إذا لم تهتم بهم وبمبادراتهم في آخر الأمر فسيتحول قولهم إلى فعل» ومضى إلى أنهم إذا لم يتم الاستماع لهم يمكن أن يقودهم ذلك لفقدان الأمل في الحوار وينتقلوا بوعي أو بدونه إلى استخدام القوة، وهنا نبه الساعوري إلى أن الأمر ليس سهلاً، وقال: «يجب ألا يتم النظر إليه باعتباره نداءات خارج الحزب والحركة». ويذهب الكثيرون في ذات اتجاه الساعوري وينظرون بجدية لتحركات المجموعة على غير ما تنظر به قيادات نافذة في الوطني والتي ترى فيهم مجرد مجموعة خلف «الكيبورد»، كما سخر من ذلك القول من قِبل القيادي بالوطني د. أمين حسن عمر الذي يرى البعض أن آراءه تقترب من آراء د. نافع في الحدة، ويشير مَن ينظرون لتحركات السائحون بجدية إلى أن القوى السياسية الأخرى في البلاد كانت تنظر لقوة الحكومة في قوة المجاهدين، كما أن الجنوبيين أثناء فترات الحرب كانوا يخشون المجاهدين بعد أن خبروهم في الأحراش وأكدوا ذلك عقب توقيع اتفاق نيفاشا، ويبدو أن جهاز الأمن هو الآخر ينظر ل«السائحون» بغير ما تنظر قيادات الحزب، وليس أدل على ذلك من لقائه بمجاهدي الدفاع الشعبي ذاك اللقاء الذي أعقب المحاولة الانقلابية. إغلاق الأبواب أمام مبادرات المجموعة وغضّ الطرف عنهم وتسفيه آرائهم ووضع شروط أمام العمل بما قدموه من نداءات لا يخلو من مخاطر، فالساعوري يخشى من أن تخرج المجموعة نهائيًا من الحركة الإسلامية وتقود إلى انشقاق جديد فيها بجانب أن فقدانهم يعني فقدان الحكومة لسند كبير خاصة أنهم مجموعة لا يستهان بها عولت الحكومة عليهم في السابق ومازالت، وبخروجهم تكون الحكومة حسب تعبير الساعوري «عريانة» من سند المجاهدين ويعرِّيها ونظامها من القوى الشعبية المسلحة التي ساندتها أوقات الشدة، وحذَّر من أن استغلال تلك المجموعة من قبل المعارضة أو أي جهة أخرى سيؤدي إلى أن يكون الوضع في غاية الخطورة ليس ذلك فحسب بل الخوف من أن يتحول الأمر لديهم إلى بوادر لانتقال الصراع المسلح من الأطراف إلى الخرطوم ويصبح استخدام القوة ديدن كل نشاط في البلاد.