كنا قد كتبنا في هذا العمود بعد عطلة العيد تحت عنوان (جنون الأسعار) ولا مبالاة الدولة نستنهض همم المسؤولين المعنيين إلى التحرك السريع لمواجهة هذا الجنون المفتعل خاصة أيام العيد حيث بلغت أسعار الملبوسات غلاء محيرًا فهل كان يعقل أن يرتفع سعر فستان طفلة مبلغ «051» جنيهاً. وأخيراً رأينا حركة نشطة وعملية من عدة جهات معنية بالأمر كان أولها حملة مكافحة شراء اللحوم تحت شعار «الغالي متروك» وبالفعل رأينا انخفاضاً واضحًا في الأسعار الا أن فترة الأيام الثلاثة غير كافية إذ ربما ترجع الأسعار إلى ما كانت عليه ولهذا لابد من الاستعداد لإعادة حملة المقاطعة بين كل فترة وأخرى.والأهم من ذلك كله معالجة أسباب هذا الارتفاع إذ قال المسؤولون بوزارة الثروة الحيوانية إن ما يحدث ليس له صلة بمسألة التصدير وإنما يقف وراءه السماسرة وهم رأس الحية في كل موقع تجاري واقتصادي والمطلوب من الحكومة أن تُنهي ما يمكن ان نسميه بدولة السماسرة التي استمرأ المنتسبون إليها الربح الفاحش على حساب شعبهم ولن نستبعد تهمة المؤامرة التي أصبحت سمة في السنوات الأخيرة تحركها أياد داخلية وخارجية. ونعود لمسألة جنون أسعار اللحوم فقد قيل إن الخروف الذي يُباع هنا في الخرطوم ب «057» جنيهًا يباع في جدة بما يعادل «006» جنيه فهل يُعقل هذا أن لحوم الدولة المنتجة والمصدرة أسعارها أعلى من المصدَّر إليها لهذا فإن الموضوع يحتاج لدراسة ومعالجة جذرية. ونحن هنا وقد كنا قد وجهنا انتقاداً لاذعاً للجهات المسؤولة بالدولة لعدم تحركها لمحاصرة انفلات الأسعار لابد لنا من الإشادة هذه المرة باعتماد المجلس الاقتصادي برئاسة وزير المالية، جملة من التدابير للحد من ارتفاع الأسعار. كما نشيد بالإجراءات التي اتخذتها ولاية الخرطوم في هذا الشأن وتتمثل في إعفاء اثنتي عشرة سلعة من القيمة المضافة وهي مركزات الأعلاف، البيض، الذرة الشامية، الكتاكيت، تقاوي البطاطس، زيوت الطعام، الفول المصري، العدس، الدقيق، ألبان البودرة والأدوية، هذا إلى جانب التراجع عن حظر استيراد الدواجن. ونقول: رغم كل هذا لابد من مراقبة لصيقة وعقوبات صارمة للمتاجرين بقوت الشعب لأن الجشع أصبح سمة ملازمة لهم ولا يهمهم إن جاع الكل صغيرهم وكبيرهم. ولابد من الإشارة كذلك إلى مسألة التهريب وضرورة مكافحته كذلك لابد من مراقبة بعض المصارف ومن يريدون أن يغتنوا على حساب الجنيه. هامش: سئل بشر الحافي وهو أحد المتصوفة.. ماذا تأكل؟ قال: آكل مما تأكلون ولكن ليس من يأكل وهو يضحك كمن يأكل وهو يبكي.