مالكولم إكس أو الحاج مالك شباز، سيرته عظيمة تستحق أن نقرأها ونتأسى بها فهو مثال رائع لكل مسلم، ومن روعة قصته فقد تم تحويلها إلى فيلم أمريكي تم انتاجه في هوليوود. ولد مالكوم إكس في 19 مايو 1925 في مدينة أوماها في ولاية نبراسكا بوسط الولاياتالمتحدة لأب كان قسيساً في إحدى الكنائس، وأم من جزر الهند الغربية، وشهدت تلك السنوات عنفوان عنصرية البيض ضد السود، وعندما بلغ مالكوم السادسة من عمره قُتل والده على أيدي البيض بعد أن هشموا رأسه ووضعوه في طريق حافلة كهربائية دهمته حتى فارق الحياة، كما قتل أعمامه الأربعة بدوافع عنصرية بعد وفاة والده المأساوية بدأت أحوال أسرة مالكوم أكس تتردى بسرعة.. مادياً ومعنوياً.. وباتوا يعيشون على الصدقات والمساعدات الاجتماعية من البيض والتي كانوا يماطلون في إعطائها.. ومع هذه الظروف القاسية عانت والدة مالكوم أكس من صدمة نفسية تطورت حتى أدخلت مستشفى للأمراض العقلية قضت فيه بقية حياتها، فتجرع مالكوم أكس وأخواته الثمانية مرارة فقد الأب والأم معاً، وأصبحوا أطفالاً تحت رعاية الدولة التي قامت بتوزيعهم على بيوت مختلفة في هذه الأثناء التحق مالكوم أكس بمدرسة قريبة كان فيها هو الزنجي الوحيد، وكان ذكياً نابهاً تفوق على جميع أقرانه فشعر أساتذته بالخوف منه مما حدا بهم إلى تحطيمه نفسياً ومعنوياً، والسخرية منه خاصة عندما رغب في استكمال دراسته في مجال القانون.. وكانت هذه هي نقطة التحول في حياته.. فقد ترك بعدها المدرسة وتنقل بين الأعمال المختلفة المهينة.. من نادل في مطعم.. فعامل في قطار.. إلى ماسح أحذية في المراقص.. حتى أصبح راقصاً مشهوراً يشار إليه بالبنان، وعندها استهوته حياة الطيش والضياع فبدأ يشرب الخمر وتدخين السجائر، وكان يجد في لعبة القمار المصدر الرئيسي لتوفير أمواله.. إلى أن وصل به الأمر لتعاطي المخدرات بل والاتجار فيها، ومن ثم سرقة المنازل والسيارات.. كل هذا وهو لم يبلغ الواحدة والعشرين من عمره بعد.. حتى وقع هو ورفاقه في قبضة الشرطة.. فأصدروا بحقه حكماً مبالغاً فيه بالسجن لمدة عشر سنوات بينما لم تتجاوز فترة السجن بالنسبة للبيض خمس سنوات. وفي السجن انقطع مالكوم أكس عن التدخين أو أكل لحوم الخنزير، وعكف على القراءة والإطلاع إلى درجة أنه التهم آلاف الكتب في شتى صنوف المعرفة فأسس لنفسه ثقافة عالية مكنته من استكمال جوانب النقص في شخصيته. خلال ذلك الوقت.. اعتنق جميع إخوة مالكولم أكس الدين الإسلامي وسعوا لإقناع مالكولم أكس بالدخول في الإسلام بشتى الوسائل والسبل حتى أسلم.. فتحسنت أخلاقه، وسمت شخصيته، وأصبح يشارك في الخطب والمناظرات داخل السجن للدعوة إلى الإسلام.. حتى صدر بحقه عفو وأطلق سراحه لئلا يبقى يدعو للإسلام داخل السجن. رغب مالكولم أكس في تأدية الحج، وعندما سافر رأى الإسلام الصحيح عن كثب، والتقى بالملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وتعرف على حقيقة الإسلام النقي. وفي إحدى خطبه البليغة التي كان يقيمها للدعوة إلى الله في مدينة نيويورك أبى المجرمون إلا أن يخرسوا صوت الحق.. فقد اغتالوه وهو واقف على المنصة يخطب بالناس وذلك في تاريخ 21 فبراير 1965 عندما انطلقت ست عشرة رصاصة غادرة نحو جسده النحيل الطويل.. وعندها كان الختام.. ولنعم الختام.. نسأل الله أن يتقبله في عداد الشهداء يوم القيامة.