في خطوة تعتبر محاولة إنقاذ ما وصلت إليه العملة الوطنية من انهيار شنت الأجهزة الأمنية حملات واسعة لمحاربة السوق الموازي الذي يشكل رأس الرمح في انهيار الاقتصاد وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، فالزيادة الجنونية التي عمد التجار على تحديدها باتت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وأصحبوا يشكلون مملكاتهم الخاصة ويصدرون أسعارًا وفق ما تدر عليهم أرباحهم، ولعل ما وصل إليه من هذا الحال الغياب الكبير للدور الرقابي على السوق حتى استفحل الأمر وبلغ السيل الذبى وأصبحت البلاد تعيش حالة من الغلاء لم يسبق أن وصلت إليه، إضافة إلى السياسات التي تمارس في تيسير عجلة الاقتصاد وعدم بناء احتياطي نقدي يمكِّن السودان من مجابهة الظروف الاضطرارية التي تنشأ كانفصال الجنوب الذي شكل الهجمة القوية التي قضت عليه، والناظر إلى حال السوق حاليًا يجد تراجعًا كبيرًا في نشاط السوق يكاد يصل إلى النهاية، فحالة الذعر والهلع من حملات القبض أثرت بصورة كبيرة على تراجع سعر الصرف للعملات الأجنبية الأمر الذي انعكس إيجابًا على إنعاش القنوات الرسمية من بنوك وصرافات، وأصبح الإقبال عليها كبيرًا، فيما قلل مراقبون اقتصاديون من الأثر الذي تحدثه تلك الحملات واعتبروها حلاً مؤقتًا ومسكنًا لتقليل حدة الصداع الذي يحدثه السوق وطالبوا بإيجاد حلول ناجعة من توفير الإيرادات من النقد الأجنبي ومن ثم موازنة العرض مقابل الطلب عبر الحصول على قرض أجنبي يسهم في تلبية احتياجات البنوك من قبل البنك الدولي أو صندوق النقد الأجنبي، إضافة إلى حدوث إصلاحات اقتصادية حقيقية عبر إعادة هيكلة القطاع الإداري والاقتصادي للبلاد، وأرجعوا قوة السوق الموازي إلى أن أموال السودانيين العاملين بالخارج تأتي عبره لجهة السعر المغري الذي يتم عرضه للمغتربين مما أفقد الدولة 3,5 مليار دولار وجعل الصرافات خارج المنافسة في سوق أموال السودانيين العاملين بالخارج التي يستأثر بها السوق الموازي بصورة كاملة، واعتبر التعامل في هذا السوق قبليًا وجهويًا ولديه آلية توصيل الأموال حتى المنازل وتميزه بمرونة الإجراءات عكس التعقيدات في السوق الرسمي التي تتطلب إبراز المستندات.. وقال إن إحكام القبضة الأمنية عليه من شأنها أن تؤدي إلى خفض السعر بصورة مباشرة. فيما رهن رئيس غرفة المستوردين باتحاد الغرف التجارية سمير أحمد قاسم استدامة اختفاء السوق الموازي بالوصول إلى اتفاقية طويلة المدى مع الجنوب، داعيًا لفتح قنوات التجارة بين الشمال والجنوب، وشكك في استقرار سعر الصرف بالسوق الموازي الذي اعتبره مؤقتًا، لافتًا إلى أهمية ضخ نفط الجنوب عبر الشمال لاستقرار سعر الصرف وخلق إيرادات حقيقية للمستورد، وتوقع ل (الإنتباهة) انسياب واردات واستقرار أسعار السلع بالأسواق مما يسهم في انخفاض معدل التضخم، منوهًا إلى أن سعر الدولار بلغ 6 جنيهات بالبنوك. الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بروفيسور عصام الدين بوب أكد أن سياسات الدولة هي التي خلقت السوق الموازي، حيث انهارت قيمة الجنيه بفعل هذه السياسات، وقال إن السوق خلق من العملة الأجنبية سلعة مثل السكر والشاي، واصفًا ذلك بتخبط السياسات الاقتصادية التي قال إنها لم تحسب قدرة الدولة على تزويد السوق الموازي للعملات الأجنبية.