تمتاز اللغة العربية بأنها غنية بالمفردات والكلمات التي يمكن أن تعطي معاني مختلفة ومتعددة وقد تعطي المعنى وعكسه تماماً.. مثلاً الفعل »علّق« يعلق تعليقاً يمكن أن يُفهم منه أن الفاعل قد علّق على شيء ما أو تحدث بالقول شارحاً وجهة نظره أو مضيفاً إلى الحوار شيئاً آخر.. ونجد مثل هذا »التعليق« في نشرات الأخبار والأقوال السياسية وهو نوع »حميد« من أنواع »التعليق«.. وهناك نوع آخر من »التعليق« يتم تنفيذه عملياً بأن تقوم بعض »جهات الاختصاص« بالقبض على شخص ثم تتخذ قراراً بتعليقه من يديه ورجليه في »المرق« أو في »السقف« أو »المروحة«.. وهذا النوع من التعليق يسمونه »الطيارة قامت« ولا أدري وجه الشبه ما بين الطيارة التي قامت والتعليق المشار إليه، اللهم إلا إذا افترضنا أن الشخص بعد أن يتم تعليقه في المروحة تقوم جهات الاختصاص بتدوير المروحة فيجد الرجل نفسه »لافي« في الهواء.. ومن المؤكد أن بعضاً من المشاكسين يعرفون أو »جربوا« الطيارة قامت أقصد »التعليق السياسي«. ونوع آخر من التعليق يحدث لكثير من الزعماء السياسيين ولطلاب الجاه والسلطان والاستيزار وربما يكون من بينهم بعض رؤساء الأحزاب.. ويكون هذا التعليق ناتجاً عن تجاهل الحكومة أو مندوبيها لبعض الوعود والاتفاقات الظاهرة أو الباطنة والخاصة بتمكينهم من الحصول على بعض الوزارات أو المناصب العليا.. وتقوم الجهات »المعلقة« بتجاهل الجماعة ديل و»تفتح ليهم« وتتناساهم و»تعمل نايمة« وينتظر المعلقون دون جدوى ويملأهم الغيظ خاصة أن الكثيرين منهم يكونون قد أعلنوا لأهلهم وذويهم ومريديهم ومؤيديهم أن الموضوع »خلاص نِِجضْ« وقد تتم بعض التطمينات والتهدئات ومزيد من الوعود والآمال تجعل البعض يقبلون بتمديد فترة التعليق تحت شعار »الحاري ولا المتعشي« ويظل المعلقون مثلهم مثل الزوجة »المعلقة« ومن هجرها زوجها فلا هو أطلق سراحها بالطلاق البائن ولا هو أمسكها بالمعروف ولا هو أنفق عليها.. فتظل »تكورك« و»تجقلب«، ولعل همسات مجالس المدينة تتحدث هذه الأيام عن ذلك السياسي المعروف والذي يشكو »لطوب الأرض« من التعليقة.. التي كان يتوقعها أصلاً لكنه لم يكن يظن أن مدتها سوف تطول بهذه الطريقة بل إنه ربما تم منعه من التعليق على الأخبار والتصريحات لأن أي »تعليق« منه قد »يخرب الشغلانة«.. ثم إن ذلك قد يؤدي إلى استعمال »التعليق« بتاع »الجماعة ديك« على الرغم من الوعود القاطعة بأن ذاك التعليق لا يشمله حسب الإفادات المتواترة من الجهات التي قد تقوم بالتعليق. وقد ذكر المقربون والمؤيدون للرجل أنهم لم يكن لديهم الرغبة في »التعليق« على »التعليق« لأنهم يرفضون الإجراءات والقوانين واللوائح التي تجيز »التعليق الثاني« وهم في ذات الوقت ينتظرون نتائج التعليق الثالث وإلى أن تقوم الجهات الأخرى »بالتعليق« على موضوع التعليق فإنهم يمتنعون عن التعليق خاصة وأنهم يشاهدون بعض الجهات ذات الأهمية والكينونة و»الشنّة« والرنة تتعرض للتعليق.. وقديماً قيل »دُقْ القُراف خلي الجمل يخاف«!!. { كسرة أولى: المروحية البريطانية التي تحطمت أول الأمس في لندن.. كانت قد اصطدمت بأحد المباني بجوار محطة للسكة الحديد في وسط لندن.. وتسبب في الاصطدام رافعة تعمل في مبنى ضخم في مبنى منطقة فوكسهول.. ووقعت الطائرة على بعد لا يزيد عن ثمانمائة متر فقط من مبنى المخابرات البريطانية »ام إي 6« والسفارة الأمريكيةبلندن.. طبعاً لو حدث هذا الأمر عندنا ووقعت مروحية قرب القصر الجمهوري في الخرطوم كان المعارضون ومؤيدوهم من الكتاب والمخبرين سوف يطالبون باستقالة ناس الطيران المدني وناس سودانير والطيران الحربي وكل مديري وكالات الطيران وهلمّ جراً إضافة إلى استقالة وزير الدفاع. { كسرة ثانية: الوفد المرافق مع عرمان وعقار في زيارة أمريكا لمقابلة ناس الأمن القومي الأمريكي بدعوة من المبعوث برنستون ليمان يشتمل على لواءات جنوبيين ونوبة من الجيش الشعبي وسيلتقون الخبراء العسكريين في وزارة الدفاع الأمريكية لتفعيل وثيقة الفجر الجديد التي وقَّعها المتمردون ومعهم الأحزاب التي ينكر زعماؤها تبعية الموقعين لهم. والأمر مرفوع إلى أعضاء لجنة التفاوض في أديس أبابا.