٭ عندما تم توقيع البروتوكولات الستة لاتفاقية نيفاشا، أعلن ياسر عرمان أن هذا النموذج سيطبق على دارفور والمناطق الثلاث والشرق، أي أن هذه المناطق سيجري عليها ما جرى على الجنوب. ٭ قلنا لحظتها إن هذه مؤامرة لتفتيت السودان، وليست بأي حال من الأحوال اتفاقية سلام، وهذه الاتفاقية أقرب إلى السام منها إلى السلام، والسام عزيزي القارئ هو الموت، موت أمة بأسرها واختفاء دولة لطالما عرفتها المحافل الإقليمية والدولية! ٭ المؤتمر الوطني حزب الحكومة ولا أقول الحزب الحاكم، فهو لم يكن موجوداً على الخارطة السياسية، وقد ظهر بعد الاستيلاء على الحكم بسنوات وقد اقتضت الضرورة السياسية صنعه كأكلا شيه حتى يظهر النظام للعالم وكأنه ديمقراطي، ويذكِّرني حال المؤتمر الوطني بشجرة في دارفور أطلق الناس عليها اسم شجرة المرفعين في حين أن المرفعين المسماة باسمه الشجرة لم يشهده أحد نائمًا تحت ظلها، كما لم تثبت أي شهادة بأن أحداً رآه يأكل من ثمارها، وهكذا حال المؤتمر الوطني! ٭ وقد ذكرت كثيراً أن المؤتمر الوطني حزب مصنوع، والمصنوع يخضع لقوانين الصانع لا العكس، فالذي يصنع السيارة يقودها ولا تقوده! ٭ الوضع أصبح من الخطورة بمكان وليس في مقدور ما يسمى بالمؤتمر الوطني أن يخوض المعركة فهي أكبر منه ومن صانعيه، الذين باسمه بصموا على اتفاقية السلام التي جرت علينا كل الكوارث السياسية وباتت تهددنا بالزوال شعباً وأمة ومساحة جغرافية! ٭ مر النظام بظروف وصعوبات لم يسطع معها صبراً، وظن أن النجاة من عقوبات أمريكا وضغوطها هو بالاستسلام لها، لا بالإسلام لله الواحد القهار، فأخذ يقدم التنازل تلو الآخر حتى ما عاد ما يمكن التنازل عنه موجودًا، وكانت مكافئة كل تلك كل التنازلات هي إزالة السودان هُوية وإسلامًا وعروبة من الخارطة السياسية العالمية! ٭ إن الذي يدور ويخطَّط للسودان تم الإعلان عنه قبل سبع سنوات حين بُصم على نيفاشا التي لم تُرق في أوراقها قطرة حبر سودانية واحدة ونُسبت إلى المؤتمر الوطني الذي كما المرفعين لم يقرأ تفاصيلها ولم يشارك في نقاشاتها التي لم تكن أصلاً موجودة، ورغم ذلك نُسبت إليه!!! ٭ لم يستنكر المرفعين نسب الشجرة إليه، فنسبة الشجرة إليه لا تقلل من قدره، ولا تزيده شرفاً، ولكن المؤتمر الوطني وحاله على خلاف المرفعين انتفش ريشه بذلك النسب وافتخر به أيما فخر وأجازها نوابُه في البرلمان بلا مناقشة ولا تعديل كما أُمروا!!! ٭ قلنا إن الجنوب انفصل يوم التوقيع، وكادوا يقطعون لساننا، رغم أننا أبرزنا البراهين على ذلك الانفصال، فسحب الجيش السوداني من أرض الجنوب، هو اعتراف صريح بعدم السيادة على تلك الأرض، وتم دعم ذلك بإعطاء الجنوب حق تقرير المصير، ماذا بقي بعد ذلك؟! لم يبق إلا الإعلان عن ذلك الانفصال الذي تم تأخيره ست سنوات حتى تتمكن الحركة الشعبية من زلزلة بقية المناطق كدارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق، وقد نجحت في ذلك أيما نجاح، وتركت قطاع الشمال ليواصل دوره في التفتيت!!! ٭ والأمر كما ذكرت خطير جداً، وأكبر من إمكانات المؤتمر الوطني المحدودة جداً فالحزب الذي يجيز نوابه في البرلمان فرض الضرائب الجائرة على الشعب مع التكبير والتهليل لن يستطيع الوقوف أمام غزو بربري يخطِّط لتفتيت السودان! ٭ إن مواجهة المخطَّط أكبر من المؤتمر الوطني وأكبر من الذين صنعوه، ويكفي تجربة نيفاشا التي تمت بالانفراد بصانعي المؤتمر ورفضوا اشتراك الأحزاب الأخرى في المفاوضات حتى تلك التي شاركت جون قرنق الحرب، وجلبت له الدعم العربي والدولي تم لفظها، وانفرد قرنق بالمفاوض السوداني تحت ضغوط الإيقاد وأصدقائها وشركائها والمجموعة الأوروبية وخلف كل هؤلاء وقفت أمريكا رافعة عصا حديدية بيد والأخرى ترفع جزرة بلاستيك!!! ٭ حتى لا نُلدغ من جحر واحد أكثر من مرتين يجب أن نراجع المواقف السابقة وأخطائها القاتلة التي تقودنا وتوردنا الهلاك، فالذي يدور ليس مسؤولية المؤتمر الوطني ولا النظام وحده، إنما مسؤولية كل مواطن سوداني لأن فيها تقرير مصيره يكون أو لا يكون، وعلى النظام ألّا ينتظر أن تأتي إليه الأحزاب السياسية وتقول له لبَّيك، عليه أن يذهب هو إليها ويُدخلها شريكًا أصيلاً في الحكم، هذا يغير النظرة الضيقة للنظام للحكم، فكم من المآسي تكبدها السودان بانفراد النظام بالحكم وتحويله إلى دولة بين أفراده الذين شبه لهم أن لهم ملك السودان والأنهار تجرى من تحتهم! ٭ ويكفي المزايدة بالشريعة التي هي براء مما يدور ويجري، فالشريعة أمرت: «وشاورهم في الأمر» والشورى هنا ليست قصراً على مجلس شورى المؤتمر الوطني الذي لا يشير ولا يُستشار بل للشعب ممثلاً في كياناته السياسية فالأمر يتعلق بمصيره ومستقبله! ٭ الأمر يحتاج إلى نشاط وحراك دولي يقوم به الحادبون على مستقبل البلاد، تحرك في الإقليم وفي الوسط العربي والأوروبي، والنظام غير قادر على ذلك فهو معزول عن كل ما ذكرت، بل إن الدول الغربية المتنفذة تجهر بالقول إنها تعمل على إسقاط النظام! ٭ ورغم اعتراضي على سياسات النظام إلا أن هناك أملاً يحدوني في أن يقوم النظام نفسه بإجراء الإصلاح من داخله، وهذه عملية جراحية سياسية يظنها من جثم على الكرسي ربع قرن ولم يعد يرى نفسه في غير ذات المكان، يظن هذا أن ذلك ضرب من المستحيل، ولكنه في واقع الأمر من أيسر الأمور، والذين يخشون مساءلة مجلس الأمن عليهم أن يذكروا سؤال يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، فهل سيأتي هؤلاء الله بقلب سليم؟! ٭ أقول ما أقول لأبرئ ذمتي أمام الله فأنا مسؤول وكل فرد من أفراد الشعب السوداني المسلم مسؤول بذات الدرجة التي يُسأل عنها الحاكم، فالسؤال الذي سيجيب عنه كلٌّ على انفراد، لقد خلفتكم على السودان وأرضه فأين أمانتي؟! ٭ حينها لن ينفعنا مجلس الأمن ولا الجنائية، لأننا سنكون أمام محكمة العدل الإلهية التي لا يأتيها الباطل من أية جهة كانت!!!