قال لي صديقي عبد الله البقالي نقيب الصحفيين في المغرب وهو في جولة مسائية في الخرطوم شرق إنه قد لاحظ تطوّراً عمرانياً هائلاً في الخرطوم، وأضاف أنه سبق وأن تجوّل في الخرطوم من قبل عدة مرات، وفي كل مرة يزور فيها الخرطوم يلاحظ نهضة عمرانية هائلة خاصة في مجالات العمران والطرق، ولحظتها كنا نمر بشارع عبد الله الطيب في الطائف تجاه شارع الشهيد عبيد ختم.. فأجبته سريعاً بأن الخرطوم تجري فيها التنمية العمرانية بصورة كبيرة بحيث إنك لو تغيبت لمدة عامين فقط فإنك سوف تتوه في شوارعها الكبيرة وإضاءتها المبهرة وعماراتها الشاهقة الجميلة.. وأضاف وجسورها العديدة.. تلك شهادة ضيف وملاحظة صحفي عربي زار بلادنا عدة مرات، وأبدى هذه الملاحظة، ولكنه قال إن أسعار الفنادق عندكم غالية جداً مقارنة بأسعارها في العديد من البلاد العربية.. وهذه ملاحظة لا بد من أخذها في الاعتبار، ونحن نعد العدة لدعوة المستثمرين العرب وغيرهم لكي يأتوا إلينا ويستثمروا في مختلف المجالات وعلى رأسها الاستثمار الزراعي خاصة وقد توفرت لدينا عوامل نجاح الاستثمارات بتعديل القوانين وقيام وزارة أو هيئة تحت إشراف رئاسة الجمهورية. أعود إلى الموضوع الذي دفعني للكتابة وهو الافتتاحات التي جرت في ولاية الخرطوم للعديد من المشروعات التنموية خاصة توسعة شارع النيل عبر المسافة ما بين جسري المك نمر وتوتي ورصف شارع النيل من جهة النيل الأزرق وأم درمان ما بين جسري شمبات والحلفايا.. وحقيقة لا بد من الإشادة ليس من عملية فتح الطريق وتوسعته فحسب بل تلك اللمسات الجمالية التي وضعت في هذه المناطق والمقترحات الجميلة التي دفعت بالمواطنين إلى الخروج التلقائي والجلوس مع أسرهم في الأمسيات والتمتع بمنظمة النيل الذي كان خافياً علينا طيلة السنوات الماضية التي كنا نسمع فيها نغمة تجميل العاصمة ولا نراها.. وقد فكرت ملياً أن أشارك تلك المجموعات التي ظللت أمرّ عليها وأشاهدها وهي تتخذ من شارع النيل متنفساً وكأسر تضم الرجال والنساء والشباب يقضون أوقات مسائية طيبة وسط مهرجانات الإضاءة الجيدة والأجواء المهيأة للترويح عن النفس وتناول وجبة قد تكون من أحد محلات بيع الأطعمة أو كوب قهوة أو أي نوع من أنواع المرطبات الجيدة من خلال الكافتيريات الجميلة التي أنشئت على الطريق الشاطئ عند برج الاتصالات بمنطقة المنشية والفلل الرئاسية في الخرطوم وأم درمان العاقبة عند الخرطوم بحري ومناطق النيل الأبيض في اللاماب والكلاكلات وحتى خزان جبل أولياء بإذن الله تعالى.. وهذه اللمسات التي أضفت على ذات الشواطئ التي كانت محفوفة بالطفيليات من النباتات التي تجرفها الفيضانات سنوياً بل والتماسيح التي كانت تختبئ بينها لتصطاد ضحاياها أو أولئك الذين كانوا يستحمون في النيل وفي أي مكان أمام ناظري المارة.. تلك اللمسات قد غيَّرت من شكل مدينتنا وجعلت منها عاصمة حضارية جاذبة لا بد من أن نحيي القائمين بها من مهندسين مخلصين وإداريين جادين وفنانين أظهروا مقدراتهم وعبقرياتهم فحوّلوا تلك الأحراش إلى مشاهد جاذبة وأماكن مهيأة للعائلات المحترمة والأسر الكريمة وأولئك الذين يحسبون أنفسهم في بيوتهم وداخل غرفهم المغلقة لتكون حياتهم رتيبة ومقلقة.. فهنيئاً لمواطن العاصمة وهنيئاً لولاية الخرطوم.. والعاقبة بإذنه تعالى لعواصم ولاياتنا بقليل من اللمسات الفنية بل الحد الأدنى من ذلك.