تعتبر الترجمة الأدبية من أهم السمات الإنسانية التي تساعد على تطوير الوعي من خلال توسيع أفق الاطلاع على تجارب الآخرين كما تُعد من أبرز أسباب التقدم الفكري والإبداعي بجانب هذا تفتح أفق الحوار في سياق تبادل الخبرات كما تعمل على بلورة تجارب الأمم وهي السبيل الوحيد للخروج من المحلية إلى العالمية على الرغم من أن العالم العربي تقدم نوعًا ما إلا أن الغرب فاقنا في هذا الأمر، ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك وهو أن الموقف العربي بائس رغم الحاجة وهذا لعدم وجود مؤسسات منظمة ولعل أسباب القصور تعود في الأساس إلى قصور العناية بالأدب والأدباء. وفي هذا السياق يمكن اعتبار «عبقري الرواية العربية» الطيب محمد صالح من أبرز الأدباء العرب الذين تُرجمت أعمالهم الأدبية إلى لغات أخرى.. الطيب صالح من قرية كرمكول بشمال السودان وهي من إحدى قرى الركابية درس العلوم بجامعة الخرطوم وكتب العديد من الروايات التي تُرجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة أبرزهم «عرس الزين»، و«مريود»، و«ضو البيت»، و«موسم الهجرة إلى الشمال» وتعد موسم الهجرة إلى الشمال واحدة من أفضل مائة رواية في العالم وقد حصلت على العديد من الجوائز ونُشرت لأول مرة في أواخر الستينيات من القرن العشرين في بيروت وتم تتويجه «عبقري الأدب العربي» في العام «2001». وأيضًا إلى جانب الطيب صالح نجد البروفسور علي محمد علي المك، قاص وروائي شاعرًا وموسيقيا وله دارسات نقدية مهمة في الأدب إلى جانب مجموعة من الأبحاث التي تهدف إلى ترجمة مختارات من الأدب وهو من مواليد مدينة أم درمان درس الأدب بجامعة الخرطوم، له عدد من الأعمال الأدبية المترجمة منها «مدينة من تراب» قام بترجمتها الفاتح محجوب إضافة إلى «القضية» وهي عبارة عن قصة قصيرة نُشرت بالعدد «49» من مجلة القصة العالمية، و«واحد وأربعون مئذنة» وهي أيضًا قصة قصيرة نُشرت في أمريكا، هذا بجانب «كرسي القماش» قصة قصيرة. الروائي أمير تاج السر يعتبر كذلك من ضمن المهتمين بالترجمة الأدبية وقد صدرت له أكثر من عشر روايات تم ترجمة بعضها إلى اللغة الإنجليزية أبرزها رواية «صائد اليرقات» والتي وصلت القائمة القصيرة في جوائز بوكر العربية عام «2010» والتي قام بترجمتها للإنجليزية الأمريكي وليام وتحكي القصة عن عبد الله فرفار ضابط الأمن المتقاعد الذي قرأ في عدد من الصحف والمجلات عن أشخاص لا علاقة لهم بالكتابة أصبحوا كتابًا وأراد أن يصبح مثلهم ومن ثم بدأ المغامرة وتعرف على الروائي« أ ب» حتى يتعلم حيل الكتابة، وقصة «آدم نظر» ابن صانع الطبول الفقير في سلطنة النسابة العجائبية وتلك الرحلة الشاقة المحفوفة بالمخاطر التي قطعها من اجل أن يحقق حلمه، وقد كتب الرواية بلغة شعرية امتاز بها أسلوب أمير واستوحيت من التاريخ والأسطورة ومن الواقع المعيش كما امتلأت بشخصيات متعددة، هذا إضافة إلى البادرة التي قامت بها وزارة الثقافة القطرية بترجمة رواية «مهر الصباح» في «393» صفحة. في هذا الإطار يقول الناقد والروائي عبد القادر محمد إبراهيم إن موقع السودان من الترجمة بائس رغم الحاجة إليها وهذا لعدم وجود مؤسسات منظمة تعرف واجباتها، إضافة إلى ذلك ليس هناك مترجمون متفرغون لهذا العمل وإنما هي جهود فردية ومنهم على سبيل المثال علي المك وجمال محمد أحمد ومحمد عبد الحي، ويزيد عبد القادر في حديثه كان من المفترض أن نكون من ذوي اليد العليا في الترجمة ويكون لنا القدح المعلى ولكن لسوء الحظ أفلت من أيدينا، ويضيف أن وضعنا مختلف رغم أننا نمتلك الإمكانات ومتمكنون من اللغة الإنجليزية، ويختم الناقد قوله: كان يجب أن يكون عطاؤنا أكثر وهذا لا يعتد به فالأعمال المترجمة قد تكون بعدد أصابع اليدين.