ويفجأنا ويفجعنا مجلس السلم والأمن الإفريقي المنحاز لدولة جنوب السودان بقرار جديد يُشبه قراراته العدوانيَّة السابقة بما فيها ذلك الذي أُحيل إلى مجلس الأمن (الأمريكي) ليُصدر قراره الكارثي رقم (2046)... يفجعنا بقرار جديد يوجِّه فيه العدو اللدود ثابو أمبيكي حليف الحركة الشعبيَّة الذي لا يعصي لأمريكا أمراً والذي ينفِّذ كلَّ حرفٍ من تعليمات مندوبتها في مجلس الأمن سوزان رايس يوجهه بدعوة حكومة السودان والحركة الشعبية (قطاع الشمال) للدخول في مفاوضات مباشرة (غير مشروطة) من أجل التوصُّل إلى تسوية سياسيَّة للنزاع بينهما في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وذلك في تاريخ لا يتجاوز الخامس عشر من فبراير المقبل!! رغم صدور قرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي لمصلحة الحركة الشعبيَّة الحاكمة في جنوب السودان فقد بادر المهرولون المنبطحون الذين أذلُّوا السُّودان ومرَّغوا أنفَه بالتراب.. بادروا بالترحيب بالقرارات وقالوا إن قرار مدّ تفويض أمبيكي إلى نهاية يوليو يؤجِّل إحالة الملف إلى مجلس الأمن واعتبروا ذلك انتصاراً!! باقان أموم الذي حصل على كل شيء في تلك القمَّة الإفريقيَّة والاجتماعات المصاحبة لها.. باقان الذي لا يشبع مهما أُغدق عليه من مِنح وقرارات داعمة لموقفه ومُذِلَّة لخصومه قال على العكس من جماعتنا المرتجفين الذين لن يغادروا ملف التفاوض قبل أن يسلموا السودان وشعبَه إلى سلفا كير.. باقان قال من جانب آخر (قمَّة البشير وسلفا كير فشلت في حل القضايا العالقة) ولم يعلق بكلمة إشادة واحدة بقرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي التي جاءت كلها منحازة لحكومة الجنوب بل كال لها سيلاً من النقد. حتى في ملف فك الارتباط الذي أعلنت الحكومة السودانيَّة مراراً أنَّه خط أحمر وشرط لإنفاذ بقيَّة اتفاقيات أديس أبابا الصادرة في سبتمبر الماضي عبَّر بيان مجلس السلم الإفريقي عن (قلقه العميق حيال ربط الطرفين لإنفاذ اتفاقٍ ما.. باتفاق آخر مربوط بتفسيرات مغايرة ومختلفة).. فهل بربِّكم من تحامُل وانحياز أكبر من ذلك؟! لم يفتح الله على هؤلاء بكلمة واحدة تنتقد موقف حكومة الجنوب وهي تنكفئ على عقبيها وترفض فك الارتباط بعملائها. بالنسبة لأبيي فقد انحاز بيان مجلس السلم الإفريقي الذي ينفِّذ تعليمات سوزان رايس.. انحاز إلى خريطة طريق أمبيكي الظالمة ولكن لماذا نلوم أمبيكي الذي تناسينا حقيقة انتمائه (للافريقانية) التي تجعله مسانداً للحركة الشعبيَّة التي ظلت تؤلِّب الأفارقة جميعَهم ضد السودان باعتباره دولة يستعمرُها العرب لا تختلف عن دولة البيض في جنوب إفريقيا قديماً؟! كنتُ أعلم يقيناً أنَّ ما تمخَّض عن اجتماعات القمَّة الإفريقيَّة ومجلس السلم والأمن الإفريقي وأنَّ (علوق الشَّدَّة) الذي قدَّمته الحكومة قبل انعقاد القمَّة بالزيارات العجلى التي قام بها نائبا الرئيس ود. نافع لن تُجدي فما بناه قرنق وأولادُه في سنين لن تستطيع الحكومة تحطيمَه أو تغييرَه في أيام. تعلمون قرائي الكرام كيف دعت أمريكا قطاع الشمال عقب فشل وثيقة الفجر الجديد لزيارتها وكيف حلَّ عرمان وعقار ضيوفاً على الاستخبارات الأمريكيَّة وعلى وزارة الخارجية الأمريكيَّة في إطار الإعداد لهذه القمَّة وكيف نشطت سوزان رايس في إطلاق التصريحات المساندة لحكومة الجنوب والناقدة للحكومة السودانيَّة بما في ذلك مطالبتها الحكومة بالتفاوض مع قطاع الشمال مما أشرنا إليه في حينه. قبل ذلك بقليل نشط أولاد نيفاشا في إطلاق التصريحات المؤيِّدة من داخل الخرطوم لاتفاق نافع عقار والمطالبة بالعودة إليه ورأينا سيد الخطيب ومطرَّف صديق سفير السودان في «جوبا» يساندان ذلك الاتفاق وذلك حتى يُعِدّا المسرح المحلي والإقليمي والدولي للتفاوض مع عقار وعرمان ولتأتي بعد ذلك قرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي لتصدر التوجيهات وليسعد مطرف وباقان وسيد الخطيب ورايس وأمبيكي فهل بربِّكم من اختراق لأمننا القومي أكبر من ذلك؟! ألم أقل لكم إنها بلاد بلا وجيع؟! بلاد يُدلي مسؤولوها على الهواء الطلق بآراء تساند الأعداء وترفض القرارات الصادرة عن مؤسسات الدولة ولا أحد يسألُهم بل يظلُّون في مواقعهم إلى أن يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها!! إنَّه فقدان البوصلة بل إنَّها بوادر الانهيار الشامل الذي ينبئ بالهزيمة والسقوط فهل من مخرج؟! أقسم بالله العظيم إن تراجُع الحكومة عن قرارها الرافض لاتفاق نافع عقار بل قرارها الرافض التفاوض مع قطاع الشمال يمثل كارثة أخرى لا تقلُّ عن كارثة نيفاشا ويمثل أكبر اختراق لأمننا القومي وأكبر انطلاقة لمشروع السودان الجديد الذي ظلَّت الحركة الشعبيَّة وحكومة الجنوب وعملاؤها في الجبهة الثوريَّة وقطاع الشمال يعملون من أجل إنفاذه. بالله عليكم أليس من حقِّنا أن نسأل لماذا تعجز الحكومة عن تحرير أرضنا وعن طرد قطاع الشمال والجيش الشعبي لتحرير السودان من جنوب كردفان والنيل الأزرق؟!. لماذا لا تعمل الحكومة والقوات المسلحة السودانية على إعمال مبدأ المعاملة بالمثل الذي نُصَّ عليه قرآناً وتستنفر الشباب من أجل اقتلاع الحركة الشعبية من حكم الجنوب حتى نأمن مكرها ونُقيم جواراً آمناً مع دولة الجنوب؟! قبل ذلك لماذا تسكت الحكومة على تخرُّصات من يفتُّون في عضدها من سفرائها ومفاوضيها الذين يُعلنون وعلى رؤوس الأشهاد عن مساندتهم لأجندة دولة الجنوب والقوى المعادية للسودان؟! إنه الاختراق وربِّ الكعبة!!