الجدل الكثيف الذي دار بشأن ارتفاع أسعار الأدوية في الآونة الأخيرة وتناولته الصحف اليومية، طرح حزمة من التساؤلات لمعرفة الدواعي والأسباب. وبالمقابل عزت السلطات الصحية ارتفاع الأسعار إلى عدم استقرار سعر صرف العملات الأجنبية، إضافة إلى الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على الدواء، إلا أن خبراء في الصحة يرون أن أسعارها مقارنة ببقية السلع التي شهدت ارتفاعًا لم تتجاوز الحد، بيد أن أمر الأدوية يختلف عن بقية السلع نسبة لأهميتها وحاجة المرضى الماسة إليها.. ويرى مراقبون أن الأدوية تتبعها مسائل أخرى مثل تكاليف الفحوصات الطبية ومعاودة الأطباء التي هي الأخرى في ازدياد مطرد دون رقابة، وشددوا على ضرورة إلغاء سياسة تحرير الأسعار خاصة في الأدوية أسوة بجميع دول العالم التي تقوم بالرقابة عليها. وكان المجلس القومي للأدوية والسموم قد أصدر لائحة لتسعير الأدوية منذ العام الماضي عكف الآن على تطبيقها وفقا لأسعار الأدوية في بلد المنشأ، ووصولها إلى الموانئ السودانية ومقارنة أسعارها في دول الجوار ومن ثم تحديد سعر البيع للجمهور، وأشار الأمين العام للمجلس د. محمد الحسن إمام إلى أن المجلس يعمل الآن على مراجعة أسعار 3700 صنف من الأدوية المسجلة بواسطة لجنة متخصصة ومن ضمن الإجراءات التي تم اتخاذها لضبط الأسعار إبراز سعر الدواء على العبوة الخارجية للمستحضر اعتبارًا من الشهر الجاري على أن يتم طباعتها ضمن محتويات العبوة اعتبارًا من العام المقبل.. وذهبت الحكومة في اتجاة تخفيض أسعار الدواء من خلال لجنة وزارية تم تشكيلها خرجت بجملة من التوصيات أهمها إلغاء الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على الدواء إلى جانب توفير العملة الأجنبية وتثبيت سعر صرف الدولار بحسب د. إمام الذي أكد عقد المجلس لاجتماع مع إدارات الصيدلة بالولايات بذات الخصوص إضافة إلى مراجعة عمليات سحب واسترجاع الأدوية بحسب النظام الذي أصدره المجلس. المدير العام للإمدادات الطبية د.جمال خلف الله أكد وجود موافقة مبدئية على إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على الدواء، وقال إن الهيئة وضعت خطة لتوحيد سعر صرف الدواء بجميع الولايات باعتبارها مؤسسة خدمية وخروجها من دائرة التجارة بحسب السياسة الجديدة التي انتهجتها الهيئة. لكن بالمقابل لم تُبد الجمعية السودانية لحماية المستهلك تفاؤلاً بالخطوات التي تمت من جانب الحكومة، وأبدى الأمين العام للجمعية د. ياسر ميرغني تشاؤمًا عندما قال إن أسعار الدواء لن تستقر في البلاد لكنه عاد واشترط إمكانية ذلك حال تمت مراجعة الأدوية التي تم تسجيلها بأسعار عالية فضلاً عن تطبيق لائحة المجلس الطبي وقوانينه والتي تشترط كتابة الدواء باسمه العلمي، مطالبًا الأطباء بالتقيد بذلك... وكشف ياسر عن ممارسات غش تقوم بها بعض شركات الأدوية من خلال منحها حوافز نقدية وهدايا لأطباء وصيادلة مقابل ترويج الأخيرين لأدوية شارفت فترة صلاحيتها على الانتهاء واتهم جهات بالتلاعب فى قانون الأدوية والسموم للعام 2009م بسحب مادة معنية بالتفتيش والرقابة بالرغم من وجودها في قانون الأدوية للعام 2001 م، وقال: بسحب هذه المادة فقد المجلس سلطة رقابة وتفتيش شركات الأدوية، وقال: إن كانت الدولة تريد ضبط أسعار الدواء فلابد أن تدعم العملة الأجنبية وأن توحد سعر الصرف لكل شركات الأدوية. وأقر رئيس لجنة تسعير الأدوية بالمجلس القومي للأدوية والسموم بروفسير عبد الكريم محمد صالح بانعدام الأسس العلمية لتسعير الدواء بالبلاد خلال السنوات الماضية وصلت لحد بيع بعض الأدوية بأسعار باهظة، وأكد أن هذا الوضع أحدث ربكة شديدة في سوق الدواء نتجت عنه ممارسات فرضها التنافس التجاري مثال ذلك إعطاء عمولة في بعض الأدوية، وأشار لتغيير الحال الآن بوضع السعر الحقيقي للدواء وفقًا لتكلفة تصنيعه ثم ترحيله وما يوضع عليه من أرباح بأسس علمية وواقعية، وطالب بتحديد سعر صرف الدولار لإسهامه في خفض أسعار الدواء على حد قوله.