في السودان عندنا ظواهر شاذة وغريبة وعجيبة.. فلو ذهبت إلى سويسرا وتخصصت في أرقى مجالات الفندقة وقضيت عشرات السنين خبرة في إعداد أرقى وأشهى أنواع المأكولات وعدت لوطنك الحبيب السودان وأنشأت مطعماً راقياً أذهلت به عباد الله من حيث الجودة والفن والرقي والحضارة وعيّنت في مطعمك هذا شباباً سودانيين.. فتأكد أنك بعد شهرين فقط أو أقل ستكتشف أن كل واحد منهم فتح مطعماً بنفس المواصفات واختار نفس اسمك التجاري لكن يعدل فقط في الحروف أو النقط ويحاول استقطاب زبائنك بطريقة علينا جاي أوع يغشوك!! هذا الظاهرة لا توجد في مهنة واحدة.. تعلم أي مهنة.. في أي حتّه في الدنيا وأقعد هناك واجمع مليون شهادة وألف خبرة أكثر من ثلاثين سنة وتعالَ بلدك الحبيب وافتح في سوق الله أكبر وأديهم شهرين بس!! حتلقى واحد سرق مجهودك. الرمية دي طبعاً لفتح شهيتكم لطرفة مماثلة وكمان في أخطر مجال وهو الطب. يقال إن أحد الأطباء المهرة عيّن شاباً عامل نظافة وكان يرسله أحياناً ليقضي له بعض المهام الخاصة به.. لكن الشاب «المفتح» شوية شوية بدأ يدخل حتى في عمل الطبيب. في مجاله الطبي ويعينه على شؤون المرضى ما أمكن.. فتعلم «يدي حقن» ويركب «دربات» وشوية شوية عرف حالات الملاريا والدوا وحالات التايفويد والالتهاب.. ووو إلخ وطبعاً هنا أمراضنا معروفة وبعض المرضى من كثرة التردد على الطبيب أصبحت عندهم خبرة. الشاب المفتح، سولت له نفسه أن ينفصل من الدكتور وما في داعي يقعد معاه أكثر من كده، كفاية سنة واحد المسألة ما محتاجة لتعب أكثر ولا ذكاء ولا درس عصر، فكان يسجل في دفتر خاص به كل الحالات وقصاد كل حالة يكتب الدواء. وبعد داك «كب الزوغة» زي ما بقولوا ويا الأقاليم جاك بلا لقي قرية كده نائية وحسب مظهره الجميل فتح ليك عيادة واستجلب معدات طبية وقال بسم الله. في يوم من الأيام جاتو ليك حالة غريبة جداً.. جابوا ليهو مريض خانقاهو شوكة حوت!! يا ساتر!! ما لقي الحالة دي مكتوبة في دفترو صاحبنا فكّر آخر حاجة اتوكل على الله وعمل لزقة للمريض في رقبتو وقال ليهو أصبر عليهو يومين الوشكة بتلين وببلعا براهو.. بس ما ينضم.. مرت أيام والحال في حالو.. رجعوا ليهو المريض تاني غير اللزقة قفل الخشم وليسو باللزقات لحدي الشنب ذاتو، وقال ليهو جيبوهو بكره الشوكة قربت تلين. برضو الحال في حالو رجّعوهو ليهو تاني. المفاجأة أنو طبيبنا المزوَّر لمن جا يطِّلع اللزقة من خشم المريض اللزقة كانت لازقة في الشنب اضطر لأن يطلع الشنب مع اللزقة.. هنا المريض صرخ بشدة من الألم فما كان من الشوكة إلا أن خرجت وضربت الدكتور أياه في وشو.. بعدها عاد وبفرحة شديدة ليسجل انتصاراً علمياً في الدفتر وكتب: شوكة في الحلق.. لزقة في الشنب.