إذا كان ما أعلنته الإدارة العامة للحج والعمرة صحيحاً حول احتفالها بوداع «50» ألف معتمر في موسم العمرة هذا فإن هذه قفزة كبيرة تؤكد أن المجتمع السوداني بخير «جيبو كويس»، وما فلسان كما يتحدث الشارع، لكننا بصراحة حيرانين أيهما نصدق ما نسمع عنه ونعيشه أحياناً داخل البيوت أم ما نلاحظه في بعض الأشياء العامة؟ كمثال لذلك العمرة في هذا الموسم ف«50 ألف» معتمر عدد كبير يفوق عدد الحجاج السودانيين بأكثر من«15» ألفًا، وهذا رقم مدهش إذا قورن بالوضع الاقتصادي في البلاد ومدير عام الحج والعمرة يقول حسب إفاداته للصحف إن الرقم سيبلغ ال«100 ألف» معتمر، وأعتقد أن المدير المطيع لا يتحدث عن فراغ فهو يملك المعلومات التي تعينه على قراءة مؤشرات الإقبال على العمرة، وإذا كانت الوكالات قادرة على تفويج عدد يفوق عدد الحجيج علماً بأن الحج تديره قطاعات ولائية وقطاع سياحي وقطاع مؤسسات بجانب عدد من الوكالات المقتدرة ومع ذلك تحدث فيه إشكاليات كبيرة باستثناء حج العام الماضي فإن هذا يعني أن مسألة العمرة تحتاج لوكالات مقتدرة وصاحبة خبرة للإطلاع بدورها على أكمل وجه في خدمة المعتمرين مع تزايد الإقبال عليها، فنحن نعلم أن هناك تجاوزات وهناك إهمال يطول المعتمرين نظير الخدمات المتردية والدور الغائب لبعض الوكالات بالممكلة العربية السعودية في متابعة المعتمرين حتى يؤدوا العمرة ويعودوا بسلام، فبعض الوكالات لا تسأل عن معتمريها وتنتهي علاقتها بهم بمجرد وصولهم للمملكة ولا تقوم بكل أسف بمتابعتهم متابعة دقيقة عبر كوادرها التي تدفع بها لهذه المهمة فقد توفي في الأعوام الماضية معتمرين في داخل الغرف جراء إهمال بعض الوكالات وهذا يقودنا لنوجه حديثاً صريحاً لمدير إدارة الحج والعمرة بأن التهاون والمجاملات لبعض الرسميين والواسطات ينبغي ألا تكون من المعايير التي يؤخذ بها لتأهيل الوكالة للعمل في مجال العمرة ينبغي ألا تكون الوكالات عبارة عن كناتين صغيرة والتعبير مستلف من الأمين العام للمجلس القومي الأستاذ العبيد أحمد مروح حينما كان يتحدث واصفاً حال بعض الصحف السيارة في إحدى أحاديثه الصحفية. «والشيء بالشيء يُذكر» ولا بد لنا أن نذكر هنا الأستاذ أزهري التجاني الرجل الذي قاد في رياح عاتية وأمواج متلاطمة وأطر لرؤيته في خروج الحج والعمرة من جلباب الدولة للقطاع الخاص، وأعتقد أنه قد نجح والعمرة اليوم تم تحريرها بالكامل من قبضة الدولة لكن السؤال: هل القطاع الخاص ممثلاً في الوكالات قادر على القيام بتلك المهمة خاصة وأنها مهمة لها أبعاد خارجية وتعكس بصورة أو بأخرى صورة السودان للعالم الخارجي؟.. طبعاً أن الإجابة معلومة، خطوتان للخلف وخطوة للأمام. أما تطبيق النظام الإلكتروني للعمرة الذي هو محور المناسبة التي وضعت قضية العمرة من جديد في دائرة الضوء أعتقد أن رئيس شعبة الوكالات محمد عبد الرحيم قد نعاه للجميع رغم الجهد والسهر وما سكب فيه من مال وعرق بوصفه للمعتمر السوداني بأنه يحب «العزف المنفرد».. وطبعاً محمد عبد الرحيم تاجر «بحب المال على الطريقة السودانية» لا يريد الصبر على التفاصيل المتعلقة بالتطور التقني في إدارة وتسهيل العمرة، ولذلك يجب علينا أن نكون أمينين وصادقين مع أنفسنا، إذا أردنا أن نقدم خدمة حقيقية للمعتمر علينا أن نؤهل وكالات مقتدرة وإلا نفتح المجال للوكالات السعودية المقتدرة ولا ضير لأن الهدف هو تقديم الخدمة المميزة لمن يدفع مقابلها، وليس توفير فرص لمنتفعين بلا مؤهلات كي يثروا على حساب طالب الخدمة المميَّزة.. والفرص تأتي..