وإن كان الرئيس الليبي معمر القذافى يتعرض لزنقة حقيقية، فإن ذات الأمر ينسحب على مناصرة رئيس العدل والمساواة خليل إبراهيم، فنجاة الأخير من ملاحقة ثوار ليبيا له وللقذافي في كل «زنقة زنقة ودار دار» ودخوله إلى السودان بسلام هبط عليه ثوار آخرون من داخل صفوفه بعد انشقاق مجموعة من القادة الميدانيين عنه .. ومسلسل طويل من الانشقاقات ضرب صفوف الحركة بدأته مجموعة الحركة الوطنية للإصلاح بقيادة خليل دوسة وعلي دوسة وعبد المجيد، ثم الانشقاق السياسي الذي حدث بعد أبوجا بواسطة إبراهيم صديق وأماني بشير والوزير الحالى علي مجوك وإسماعيل رحمة وثالث قادة إدريس أزرق، قامت على إثره العدل والمساواة الديمقراطية، ورابع قاده أبو ريشة الوزير السابق بحكومة جنوب دارفور، وخامس قاده نائب خليل إبراهيم يحيى، وسادس قاده خطاب وأبو العباس إبراهيم الذين انضموا للتحرير والعدالة. ولكن الانشقاق الأخير يختلف عن سابقاته لحزمة من الأسباب التى في مجملها ستضع الحركة على المحك، لجهة أن قادة ميدانيين قاموا به برئاسة الناطق العسكري علي وافي والقائد الثاني أركو سليمان ضحية، وهؤلاء في الأصل لديهم إشكالات مع قيادة الحركة، فدفعوا بهم إلى الدوحة، وكانت المفاوضات في خواتيمها، وكان واضحاً أن الحركة قصدت من ذلك كسب الزمن لمعرفة نهاية ما سيجرى فى ليبيا، خاصة أن خليل ومستشاريه استبعدوا تماماً رحيل القذافي، بل أن مستشار الحركة د. جبريل إبراهيم قال في الدوحة أمام جمع من الناس «تفتكروا لو القذافي ما سقط ح تعملوا شنو؟!» ومعلوم فى كل حركات دارفور تباعد الشقة بين القادة الميدانيين والسياسيين، فالأوائل يرون أن الساسة يصعدون على أكتافهم، خاصة إذا ما نظرنا إلى أن وفد العدل والمساواة ظل مقيماً بفنادق الدوحة الفاخرة نحو عامين، في وقت تعاني فيه القوات الأمرين في أصقاع دارفور، وقد تبين ذلك من خلال المواجهة التى حدثت بين القادة الميدانيين الذين وصلوا الدوحة بعد انتهاء مؤتمر أهل المصلحة وقيادات الحركة السياسية، حتى أن حديثاً راج عن اشتباك بالأيدى بين قائد ميداني وأحد مستشاري خليل عرف عنه التشدد والدخول في مشاحنات مع الوفد الحكومي.. أيضا مما يعقد موقف الحركة حالة الغضب التي تعتري رئيس وفد الحركة في مفاوضات الدوحة السابق محمد بحر علي حمدين الذى إنحاز الى القادة الميدانيين. والملاحظ أن الثلاثي «وافي وأركو وبحر» ينحدرون من ثلاث إثنيات مختلفة، وليس من بينهم من ينتمي لذات القبيلة التي ينتمى لها خليل، وهذه مسألة في معادلة الحركات الدارفورية ذات تأثير على الوضع الداخلى لاية حركة. والملاحظ أن واحداً من أسباب انشقاق تلك المجموعة هو تغييبها عن أموال الحركة التي تُدار بواسطة مقربين جداً من خليل بعضهم يمت له بصلة الدم، على رأسهم شقيقه د. جبريل الذي يدير استثمارات مالية ضخمة. أيضا من المسائل التى تلخبط حسابات الحركة بعد الانشقاق الأخير، تأمين رئيس الحركة خليل الذى يوجد فى منطقة غير آمنة هي وادى هور، علاوة على أن حديثاً كثيفاً يتردد حول عدم تماثله للشفاء بشكل كامل من حالة التسمم التي تعرض لها، فضلاً عن ضيق فرص إيجاد مكان آمن له، مما يضطره للذهاب لجنوب السودان أو الدخول الى النيجر أو تشاد التي ستكون عصية عليه بعد زيارة مدير مخابراتها للخرطوم أمس الأول ولقائه بالرئيس البشير، كما يصعب على الرجل توجهه إلى جبل مرة، بعد أن قطع وفد حركة التحرير والعدالة الذى زار الجبل الأسبوع الفائت الطريق أمام احتمائه وقواته به، سيما أن أحد أبناء تلك المناطق سيترأس السلطة الانتقالية، وهو التيجاني السيسي. وهناك بعد خارجي سيضعف مواقف خليل، يتمثل في نظرة الغرب الأوروبي له على أنه مرتزقة من خلال مناصرته للقذافي.