ظل السودان ولفترات طويلة يعتمد على العديد من الصادرات المتمثلة في الزراعية والحيوانية ذات الميزة النسبية، حيث تمتلك الدولة ما يقارب «144» مليون رأس من الماشية التي تعتبر الأفضل عالمياً لاعتمادها على الغذاء الطبيعي ولا تدخل فيها مضافات، وتسعى الدولة من خلال صادراتها للاستفادة القصوى من إمكاناتها الإنتاجية للسلع والمحاصيل، بجانب الماشية ذات الميزات التنافسية في الأسواق العالمية من أجل الحصول على الموارد لدفع حركة النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لأن الصادرات غير البترولية اتسمت في الآونة الأخيرة بضآلة حجمها، الأمر الذي أدى إلى دورانها في فلك لا يتجاوز الستمائة مليون دولار في أحسن حالاتها، نتيجة لمعاناتها من المشكلات الهيكلية المزمنة التي تنحصر في عدم منافستها في الأسواق العالمية لارتفاع أسعارها وتكلفتها المحلية، فضلاً عن دالة الإنتاج والإنتاجية التي ظلت تلازمها العام تلو الآخر، بجانب ارتفاع وتعدد الرسوم والضرائب سنوياً على الصادر، حيث أعلنت أخيراً غرفة اللحوم والمواشي والمسالخ باتحاد الغرف الزراعية والإنتاج الحيواني عن توقف صادر اللحوم بسبب فرض الرسوم العالية من قبل محلية ولاية الخرطوم التي بلغت جملتها ما يقارب «47» جنيهاً للماعز والضأن و «57» للبقر و «60» للإبل، حيث وصفت الغرفة اتجاه الدولة إلى فرض تلك الرسوم بأنه هزيمة لسياساتها التي اتبعتها بجانب البرنامج الإسعافي الذي تبنته لتشجيع الصادرات وإحلال الورادات. وأوضح نائب رئيس غرفة الإنتاج الحيواني د. خالد المقبول أن فرض رسوم محلية على الصادر أمر سيؤدي لتوقفه التام، وقال إنه يعتبر هزيمة لسياسة حماية الاستثمارات التي كفلها القانون تشجيعاً للاستثمار، مشيراً لتأثر القطاعات الأخرى ذات الارتباط بصادر اللحوم بسبب التوقف، منوِّها بارتفاع أسعار اللحوم في الأسواق المحلية نتيجة لفرض الرسوم الباهظة على الصادر، ومن المعلوم أن الاقتصاد السوداني عانى لفترة من الزمن تدهوراً مريعاً، وذلك بعد اعتماد الدولة على صادرات البترول وإهمال الصادرات غير البترولية، حيث بينت الأرقام انخفاضها في عام 2012م إلى 3.677 مليار دولار مقارنة بعام 2011م حيث كانت تبلغ 10.119 مليار دولار بسبب سياسات الدولة والرسوم الباهظة، ورغم ذلك شهدت صادرات الماشية واللحوم ارتفاعاً كبيراً خلال عام 2012م إلى 96.6%، بجانب اتجاه وزارة الثروة الحيوانية لزيادة الصادر بفتح أسواق جديدة في عدد من الدول آخرها دولة ماليزيا، ونشطت العديد من الاستثمارات في هذا المجال، حيث شهدت ولايات دارفور انسياباً للصادر مباشرة لدول مصر وليبيا، إلا أنها واجهت العديد من المشكلات التي أدت لتوقفها، وتعتبر السوق السعودية أكبر الأسواق لصادرات البلاد من الماشية واللحوم. وأبان المقبول أن توقف الصادر سيؤدي إلى فقدان السودان الأسواق العالمية وزيادة الأعباء على المواطن، ومن جهتها نفت وزارة التجارة الخارجية الاتجاه لتوقف صادر اللحوم للخارج. وأكد مدير الصادر بالوزارة معتصم مكاوي خلال حديثه ل «الإنتباهة» عدم فرض أية رسوم على المواشي، واصفاً حديث نائب رئيس الغرفة ب «المهرج» منوها بعدم اتجاه الولاية لفرض رسوم محلية، وانسياب عمليات الصادر. وقال الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد أفرزت العديد من المشكلات السلبية مثل ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، مشيراً لعدم مقدرة المنتجات المحلية على المنافسة عالمياً، مبيناً أن صادرات اللحوم تشكل جزءاً كبيراً من صادرات البلاد غير البترولية، وأسهمت في إدخال عملات حرة، موضحاً أن ارتفاع معدلات التضخم أثر بصورة كبيرة في أسعار اللحوم. وأبان خلال حديثه ل «الإنتباهة» أن الحلول التي تم وضعها حلول مؤقتة، داعياً لوضع حلول على مستوى الاقتصاد جميعه.