شكَّلت أوركسترا الإذاعة السودانية المعين الدافق في تجويد الغناء، وضبط الألحان وجعلها في خط متوازٍ من الرصانة والسمو.. في العام «1942م» كان انتقال الإذاعة من مبنى البوستة إلى حي الهاشماب بمنزل تم إيجاره حتى تصبح الإذاعة ذات مبنى خاص بها، وفي هذه الفترة فطنت إدارة الإذاعة لضرورة تأسيس جوقة موسيقية تقوم بالعزف خلف الفنانين. لم يكن الموسيقيون في ذلك الوقت من الكثرة حتى يتم اختيار المميزين منهم بل كانوا يُعدون على أصابع اليد الواحدة، فكان أن بدأت الإذاعة بعدد بسيط من الموسيقيين وعددهم ستة كان أبرزهم يوسف الشيخ «عازف عود»، حجازي «عازف كمان»، بدر التهامي «عازف كمان»، بشير عمر «عازف كمان وعود»، زائداً عوض فضل الله، وعثمان حاكم على آلتي الإيقاع. في العام «1946م» تمت إضافة العازفين حسن خواض، وعلاء الدين حمزة، وبرعي محمد دفع الله، مع وجود العازف الذي لم يفطن لسيرته أحد من وثائقي الفن والغناء السوداني وهو عبد الله ريحان الذي كان يعزف على آلة الصفارة. شهد الناس تطوراً جديداً في شكل الموسيقا المصاحبة للغناء فكان أن فكر العملاق متولي عيد في جعل أوركسترا الإذاعة تشير نحو تطوير وتطور فكان تاريخ «14 فبراير 1952م» هو التاريخ الذي شهد التأسيس الحقيقي لها، ومن بعد ذلك انطلقت الأوركسترا نحو سماوات مجد فني لم يكن ليكون بهذه الفخامة لولا اللمسات الفنية لجموع الإداريين الذين تابعوا تأسيس العمل وسعوا نحو تطويره وهم متولي عيد، حسين طه زكي، محمد صالح فهمي، ويس معنى، وحلمي إبراهيم. تعتبر أغنية «أذكريني يا حمامة» للشاعر محمد البشير عتيق من الأغنيات التي اختارها الإذاعي متولي عيد لتكون ذات خصوصية كامتحان، وتقوم الأوركسترا بعزفها لأي فنان يود الدخول نحو انتشار صوته فكان أن جلس لهذا الامتحان الفنانون عثمان حسين، محمد وردي، صلاح مصطفى، إبراهيم عوض، وعبد الكريم الكابلي. جلست هذه المجموعة الموسيقية خلف كل تراث أغنيات المجموعة الأولى من رواد المدرسة الوترية الأولى وهم السبعة العظام أحمد المصطفى، حسن عطية، التجاني السيوفي، إبراهيم الكاشف، التاج مصطفى، عثمان الشفيع، وعبد الحميد يوسف. من ضمن دقائق تاريخ هذه المجموعة الموسيقية أن المجموعة الثانية التي دلفت نحو الغناء عبر أثير الإذاعة وهي المجموعة التي ضمت كلاً من عبد الدافع عثمان وأبو داود، وعثمان حسين كان ظهورها متزامناً مع وجود أحد أشهر اثنين من الموسيقيين في تاريخ هذه الأوركسترا وهما حسن خواض وعلاء الدين حمزة. من الموسيقيين الأوائل الذين عاصروا الثلاث مجموعات الفنية أخيراً من مجموعة أحمد المصطفى وحسن عطية ومجموعة عثمان حسين وأبو داود وانتهاءً بمجموعة وردي وإبراهيم عوض والكابلي العازفين والموسيقيين برعي محمد دفع الله، وفرح جيش زائداً المخضرمين عبد الفتاح الله جابو، وحسن خواض، وبشير عمر، ويوسف الشيخ. وهنا لا ننسى أيضاً دور الموسيقار بشير عباس الذي وضع بصمته ضمن عمالقة الأوركسترا. في العام «1962م» أُضيف لهذه المجموعة العازفون أحمد بريس، وحمزة سعيد، ومحمد عبد الله محمدية، وعثمان قرعم. وظلت تشكل حضوراً داخل هذه المجموعة فكان أمهر عازفيها محمد عثمان السنجك وعثمان قرعم، وجمعة جابر. وتعتبر هذه المجموعة الحالية التي تعمل الآن هي المجموعة الخامسة داخل تاريخ أوركسترا الإذاعة.