قال تعالى: (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) «صدق الله العظيم». سورة البقرة الآيات (155 157). عشرون عاماً من البذل والعطاء الممتد قضتها المرأة النسمة الراحلة نجوى عبد الله سيد أحمد نائب مدير إدارة الموارد البشرية والتي جاءت إلى أروقة جامعة النيلين تحمل معها كمًا هائلاً من الخبرات وكمًا هائلاً من الإنسانية والصدق والنقاء... جاءت بهدوء ورحلت بهدوء وتركت فراغاً عريضاً لا يمتلئ أبداً.. رحلت نجوى.. وكان رحيلها فاجعة للجميع لأنها كانت سيدة النساء في التعامل مع الجميع دون تمييز... مخلصة في أداء عملها... هادئة وصبورة ومبتسمة... تقية ونقية... فاعلة للخير وتسعى دوماً لقضاء حوائج الضعفاء والمساكين... صبرت على فقد زوجها الذي انتقلت روحه إلى جوار ربه تاركاً لها ابنتها الحبيبة (مريم) فتبين إيمانها الحقيقي بصبرها على ذلك الفقد الجلل وكان الحزن يملأ جوانحها لكنها دوماً تغالبه بصبر العارفين... كبرت مريم لتجد أمامها نجوى الأم والأخت الشقيقة والصديقة. أحسنت تربية (مريم) ورحلت نجوى تاركة خلفها من تحمل اسمها وصفاتها الإنسانية ليستمر عطاؤها بإذن الله تعالى... هزَّ خبر رحيلها أركان إدارة جامعة النيلين... الكل يبكي... رأيت دموع الرجال ذرفت في فقد نجوى... كل منا كان صاحب (وجعة) وحينما ترى عيون سهام يزداد الحزن والألم.... وحينما تشهد انهيار سميرة تحس بمرارة فقدان الأم... وحينما ترى حزن بشاري تحس فقد السند وفقد الأخت العزيزة... وحينما ترى دمع هاجر تحس فقد الرفيقة. وكذلك عواطف وشويدن بنات نجوى افتقدن الأم الرؤوم... والمديرة الخبيرة المتواضعة... خيَّم الحزن على عيون عبد الغفار وعبد الله زملائها وإخوانها الأعزاء الذين فقدوا ركناً عظيماً من أركان إدارتهم وأختاً غالية وحبيبة تعلو وجهها ابتسامة لا تفارق محيّاها منذ أن عرفتها... لو سألت الجدران في ذلك اليوم لأجابت بأنها حزينة على فراق نجوى... جفَّت أوراق الشجر حزناً على فراق نجوى.. جاءت رسائل العزاء من كل صوب وحدب حزناً على فقد نجوى... كل من يعرف نجوى يعرف أنها إنسانة نموذج للأخلاق في المهنة والتعامل نموذج للحب والتسامح نموذج للصبر والإحسان... نموذج للصدق والإتقان في العمل... نجوى من الرموز المهمّة جداً في جامعة النيلين ومن القلائل الذين جاءوا إلى الجامعة وهي تستكمل أسس السودنة التي كانت في عام «1993م» وكان رحيلها متزامناً مع مرور عشرين عاماً على السودنة التي كانت في (9 مارس 1993م) عشرون عاماً مضت على السودنة وعشرون عاماً من البذل والعطاء ونكران الذات للراحلة نجوى... انتقلت نجوى إلى جوار ربها راضية مرضية في ظهيرة يوم الأحد الموافق (10 مارس 2013م) إثر علة لم تمهلها طويلاً. ونحن إذ نعزي في فقد نجوى نعزي أنفسنا في فقد امرأة قامة وأخت صادقة ومجاهدة وصاحبة قلب كبير... اللهم ارحم أختنا الحاجة نجوى بقدر ما أعطت. وقدَّمت من أعمال خير.. اللهم اقبلها قبولاً حسناً واحشرها مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا... اللهم عاملها بما أنت أهلٌ له من التجاوز والغفران... اللهم اجعلها في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة. اللهم اجعل البركة في ذريتها وأهلها أجمعين... اللهم أحسن عزاءنا وعزاءهم فيها وألهم آلها وذريتها الصبر والسلوان وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم... (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)