من آخر الكتب صدورًا في تحليل الفكر الجمهوري، و«سبر غور» شخصية شيخه محمود محمد طه، الكتاب الموسوم: «الغريب الإسلامي المعصوم الإسلامي: حياة محمود محمد طه: الإصلاحي الإسلامي السوداني» لمؤلفه إدوراد توماس، وقد صدر عن دار نشر لندنية في عام 2009م Islams Perfect Stranger The Life of Mahmud Muhammad Taha, Muslim Reformer of Sudan Published in 2009 by Tauris Academic Studies وهو كتاب متعاطف مع الفكر الجمهوري ومع سيرة داعيه الأول. وقد استند الكتاب إلى مصادر أصلية سواء في الفكر الجمهوري أو تاريخ السودان. واستنطق شخصيات متعاطفة مع الفكر الجمهوري في غالبها ذكر منهم «مع حفظ الألقاب» عبد الله الدابي، عبد الله النعيم، عبد الوهاب الأفندي، عبد الرحمن علي الشيخ، أحمد عمر، الباقر مختار، علي لطفي، آمنة محمد لطفي، أسماء محمود، عواطف عبد القادر، بتول مختار، بونا ملوال، الطيب حسن، النور حمد، فاطمة إبراهيم، فاطمة يوسف، جرجس إسكندر، إبراهيم يوسف، خالد محمد الحسن، محمد أمين صديق، منى ذو النون، محمد عبد الخالق، محمد علي مالك، محمد الفاتح، مضوي الترابي، سيدة عز الدين، سيدة محمد لطفي، ستيف هوارد، يوسف حسن، يوسف لطفي. ولم تخل القائمة من اسم مجادلنا المعاظل هذا. ورغم أن المؤلف شاء أن يصطفي لقائمة من استجوبهم أفرادًا من أقارب محمود الأقربين، ومن تلاميذه وحوارييه الأدنين، ومن جمهرة الكتاب والمراقبين والشهود الحانين، ورغم أنه كان في سياق كتابه كله، متعاطفًا مع الفكر الجمهوري، ولم ينتقده إلا نادرًا وبلهجة ملطفة، إلا أنه أورد مع ذلك في ثنايا تحليله الصبور المتعمق، للمؤثرات الشخصية في سلوك صاحب الفكر الجمهوري، الآثار الوراثية للشخصية الشاطحة، التي ينكر الجمهوريون نسبة شيخهم إليها، وهي شخصية الشيخ الهميم. فيل مستأنس أم صوفي شاطح؟ وقد قام الكاتب بوحي من نفسيته الأوروبية المتحرِّجة من السلوك الذميم للشيخ عبد الصادق الهميم، بوصفه بالفيل المستأنس، ومعدد الزوجات الشهواني [ص 17]. وهذه أوصاف ما نقره عليها، ولا نرضى إطلاقها على الشيخ، الذي نظنه كان من المجذوبين، الشاطحين، غير المؤاخذين، وما نظنه كان من المستهترين الشهوانيين. ثم سرد المؤلف بعد ذلك قصة الشيخ الهميم، مع قاضي العدالة الشيخ دشين، بتفاصيلها كلها، أخذا من كتاب طبقات ود ضيف الله «أو خُزَعِبلاته!». وقد وصف المؤلف صاحب الطبقات بأنه كان يحابي أهل التصوف ضد أهل الفقه، وصف كتابه بأنه قاموس القرن الثامن عشر للتعريف بالشخصيات السودانية وأحد أقدم المصادر النصية السودانية! ثم نقل عن مصدر آخر عنوانه: (Preliminary Note on the Tribal History of Medani District and the Gezira, Henderson Papers.SAD-660-10-41) أن شيخًا صوفيًا سنيًا مستقيمًا على الشرع الحنيف، هو مولانا الإمام إدريس ود الأرباب، قام بشجب تصرفات الهميم، المجافية والمنافية لحدود الشريعة. أو ال (Malpractices) كما وصفها هذا الإنجليزي! ولولة الجمهوريين وعويلهم وإذن فقد آن للجمهوريين، الذين شغبوا عليّ منذ شهر، أن يعودوا مرة أخرى لممارسة الولولة والعويل «ولكن بالإنجليزية هذه المرة!». وليتجهوا إلى هذا الباحث الأكاديمي الذي نال إجازة الدكتوراه عن بحثه هذا، الذي رجع فيه إلى شتى المصادر الموثوقة، واستأنس بآراء أقرب الناس إلى الفكر الجمهوري، وألصقهم بمبتدعه، وليشغبوا عليه هو الآخر، وليطلقوا عليه ما شاؤوا من أوصاف التجهيل والتنكير. وليدلوه على كويتب نكرة، سبق أن دلوني عليه، لأسترشد بأقواله، وأتبعها، وأنكر أقوال الصحائف التي رصدت تاريخ محمود، ودلت على جذوره القديمة. الكذاب الأكبر هو من يكذب على الله تعالى وهكذا فلم أك مفتريًا على شيخهم، ولم أصفه بصفات لم تذكرها المصادر التاريخية الموثوقة. ولقد قرأت واستمعت إلى الكثيرين ممن جمعوا صفحات التاريخ الحقيقي لمحمود محمد طه، لاسيما في فترات التخبط الأولى قبل أن يستقر في هاوية الضلال. ومن هؤلاء الشيخ عبد الجبار المبارك، والشيخ محمد هاشم الهدية. والأول قطب كبير من أقطاب التصوف. والثاني منار ضياء شاهق من منارات التسلف. وكلاهما معروف لدى الشعب السوداني بمصداقيته العالية غير المقدوح فيها. ومن السيد الأول رحمه الله استقيت المعلومة التي تتحدث عن خطوات الخبط الأول لمحمود الكذاب. ومن هذا يكون جوابي عن سؤال تابع محمود الكذاب الذي منطوقه:« يقول وقيع الله:[ وفي أواخر سنة 1951م خرج محمود من عزلته ليواصل نشاطه العام من جديد، وكان أول ما بدأ العمل فيه أن دعا إلى افتتاح مدرسة للحديث النبوي، وكان يتجول بنفسه لجمع التبرعات، وكان مظهره وهو خارج من عزلته يشبه مظهر علماء الحضارات القديمة وحكمائها، حيث خرج بشعر كث، ولحية وافرة، وملابس رثة، ورأس عارٍ، وطفق يلقي على الناس أحاديث غريبة، ويحاورهم بمنهج لم يستوعبوه] ... من أين جاء وقيع الله بهذه المعلومات؟! هل هي مشافهة سمعها من أي شخص في ونسة؟! وهل لدى وقيع الله صورة فوتغرافية حتى يصف مظهر الأستاذ؟! وأين هذه المدرسة المزعومة؟! ولماذا مدرسة للحديث النبوي؟! هذا كذب صراح، وما كان وقيع الله ليحتاج له، لولا أنه كتب عند الله كذاباً!! ». ومرة أخرى أقول لك لقد جئت بهذه المعلومة من الشيخ عبد الجبار المبارك الذي جاء بها من مصادرها الأصلية. وصرح بها في محاضراته التي شهدها آلاف الناس. وهو شخص صادق لا يكذب، وأنتم تكذبون، وتحترفون صناعة الأكاذيب، ولا تستحون من أن تكذبوا حتى في حق الله عز وجل. وآية ذلك أنك تقول عني:« هذا كذب صراح، وما كان وقيع الله ليحتاج له، لولا أنه كُتب عند الله كذاباً!! ». فكيف عرفت أن الله تعالى قد كتبني عنده كذابًا أيها الكذوب؟! هل أوحى الله تعالى إليك بذلك؟! أم أرسل به إليك رسولا؟! أم أنك تلقيته «كفاحًا»، كما كان يزعم زعيمك محمود الكذاب، أنه يتلقى المعاني كفاحًا من الله عز وجل بلا وسيط؟!