إستفتاء 2011م الذي قضى بفصل السودان إلى دولتين، وضع سابقة قانونية تؤسِّس لانفصال جنوب السودان إلى دولتين. حيث هناك مشروع دولة (لادو). كانت منطقة (لادو) حتى عام 1911م جزءًا من الكونغو وأوغندا. مشروع دولة (لادو) مشروع انفصالي داخل جنوب السودان، بقيادة (جون بارت أقامي) رئيس حكومة (لادو) الإنتقالية وحفيد زعيم قبيلة (لوقبارا). الجديد في دعوى دولة (لادو) أنها أضافت إلى خريطتها كلّ منطقة (الإستوائية) في جنوب السودان. ذلك بعد أن كانت تقتصر (لادو) على منطقة جوبا (غرب النيل)، وكلّ منطقة (ياي)، ومقاطعة غرب النيل في أوغندا، وجزء من الكونغو. كانت منطقة (لادو) تُعتبر جزءًا من الكونغو البلجيكي حتى عام 1911م، حيث آلت إلى الإدارة البريطانية التي ضمَّتها إلى السودان. تمدَّد مشروع دولة (لادو) الإنفصالية في جنوب السودان بقيادة (جون بارت أقامي)، ليشمل كل منطقة (الإستوائية). يقيم السيد/ جون بارت أقامي رئيس حكومة (لادو) الإنتقالية في المنفى في (الدنمارك) في شمال أوربا، حيث يدرِّس العلوم السياسية. وقد تمَّ اغتيال العديد من قيادات دولة (لادو)، بينما توجد قيادات أخرى في أمريكا وكندا. حركة استقلال (لادو) تتحدَّث عن نصف قرن من النضال من أجل الإستقلال. حيث طُرحت قضية (لادو) في الأممالمتحدة عام 1947م، عندما أثارها (أندريه جروميكو) المندوب السوڤييتي في الجلسة الإستثنائية الأولى للجمعية العامة في 28 أبريل 15 مايو 1947م. كما طالبت حركة استقلال (لادو) في 1/8/1995م الأممالمتحدة بمنحها وضع المراقب وإعادة وضع دولة (لادو) على خريطة العالم. في هذا السِّياق يجب أن تتذكَّر دولة الجنوب، أن (الجنَّة النيفاشية) التي أصبحت تتمتَّع بها جنوباً، على حساب كل القوى الجنوبية الأخرى، وشمالاً على حساب جمهورية السودان التي يحتل الجيش الشعبي أراضي ولايتين من ولاياته، على دولة الجنوب أن تتذكَّر أنها ستحترق بدورها عند انفصال جنوب السّودان إلى دولتين. يشار إلى أن الأمم المتّحدة طلبت في 15/ مايو 1947م من لجنة الوصاية التابعة لها، إعداد الملف الخاص بدولة (لادو). وفي اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للمرة الثانية في 16 أبريل 14/ مايو 1948م طلبت الجمعية العامة من مجلس الأمن أن يأخذ بعين الإعتبار سؤال دولة (لادو). الحركة الشعبية من قبل وفي أطماعها الصبيانيَّة دخلت في جدلٍ كبير حول أبيي، وهي ترى أقرب بئر بترول من (أبيي) هي بئر (جفرة)، على بعد (38) كيلو مترًا. فكان أن افتعلت وصعَّدت مشكلة أبيي حتى صعقها قرار التحكيم الدولي (لاهاي) في 22/7/2009م، بتثبيت منطقة النفط ضمن الشمال وأيلولة نفط هجليج إلى الشمال. بنفس الأطماع الصبيانية التي استغلتها الجهود الأمريكية الحثيثة لفصل الجنوب، وإقامة دولة بشهادة كلّ العالم، لا تملك مقوِّمات الدولة، ظلت الحركة الشعبية منذ الإنفصال تندفع بمراهقة سياسية في إدارة سيئة للجنوب وفساد مستشرٍ في ربوعه وفشل في ملف الحريات والأمن والتنمية لشعب الجنوب. ذلك الفشل نتيجته لا محالة انفصال جديد داخل الجنوب. أي انفصال الجنوب إلى دولتين، واقع الجنوب يساعد على قيام دولة انفصالية جديدة في الجنوب، سواءً دولة (لادو)، أو غيرها. الدولة الإنفصالية الجديدة في الجنوب يتأسَّس وجودها على سابقة دولة (الجيش الشعبي) في جوبا. هذا السيناريو سيصبح واقعاً حتميّاً، إذا لم تحذر دولة الجنوب النصائح الغربية الملغومة. وعندما ترى دولة الجنوب دولة انفصالية جديدة، سينطبق عليها قول القائل رُبّ يومٍ بكيتُ منه فلما صرتُ في غيره بكيتُ عليه. أي يوم وحدتها مع الشمال. إذا حدث انفصال دولة جديدة في الجنوب، سيهرب قادة دولة الجنوب، بعد الإنفصال بقليل، ظاعنين في الآفاق هاربين، بين قتيل وطريد، وباكٍ على الأطلال. ستدفع الحركة الشعبية وحدها فاتورة أخطاء السياسة الأمريكية في جنوب السودان. على الحركة الشعبية أن تتذكَّر جيِّداً الآن، أن أمريكا كما صنعتها ستصنع حركات غيرها بديلة في جنوب السودان. وإن أمريكا في لحظة الإنفصال الثاني لن تمدّ أصبعها لتنقذها. تماماً كما فعلت عند سقوط صنائعها سوموزا في نيكاراغو، الشاه في إيران، ماركوس في الفلبين، الإمبراطور هيلاسيلاسي في أثيوبيا، إلى جانب منظومة دُمَى عملائها من الرؤساء الذين أطاحتهم ثورات الربيع العربي. حيث تركت واشنطن عملاءها يتزلزلون بمفردهم، ويحترقون وحدهم على الطريقة البوذية. حيث أدارت ظهرها إلى عملائها وأدارت وجهها إلى مصالحها!.