عربة «الكارو» هي إحدى وسائل النقل المهمَّة في الدول النامية ونجدها منتشرة وسط المجتمعات الفقيرة نسبة لرخص ثمنها، وتستعمل في السودان لنقل البضائع والمياه، وتُستعمل أيضاً لنقل البشر في المناطق الطرفيَّة حيث يتم تزيين العربة بالموكيت، وتحتوي على مسجل تصدر عنه الأغاني لجلب الزبائن، وبالرغم من أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بالرفق بالحيوان إلا أننا نجد العديدين من أصحاب عربات «الكارو» يحملون بضائع كثيرة وثقيلة وأكبر من تحمُّل الحيوان الذي يجرُّ العربة «حصان أو حمار»، كما نجد بعض هذه الحيوانات تعاني من تقرُّح في الظهر نتيجة للحمولة الزائدة وضغط حديد «السرج» على منطقة الظهر، ولمعالجة هذه المشكلة قام بروفيسور/ جورج رامزي هوفل باختراع عربة كارو مثاليَّة نال بها براءة اختراع في أُكسفورد وصمَّمها بحيث تكون حمولة الكارو على أكتاف الحيوان ولا تكون مرتكزة على ظهره لتفادي حدوث جروح بالظهر، وأهدى هذا الموديل للسودان لتتم الاستفادة منه. حول عربة الكارو التقينا أساتذة وعلماء في كلية الطب البيطري بجامعة الخرطوم فكانت إفاداتهم على النحو التالي: إبداع شعبي بداية التقينا بروفيسور: أحمد الأمين محمد/ أستاذ قسم الأدوية والسموم بكلية الطب البيطري بجامعة الخرطوم و«عضو هيئة حلمنتيش العليا» فقال: يعود تاريخ اختراع عربة الكارو إلى تاريخ اختراع العجلة التي اختُرعت في القرن الخامس قبل الميلاد، ثم تم اختراع السيارات ومن ضمنها «الكارو» الذي بدأت فكرتُه بالدرداقات «عربة مدفوعة» ليسهل الإنسان على نفسه حمل الأشياء الثقيلة، وكانت صناعة العجلة في أوربا مرتبطة بالخشب، واستمرت وتطورت حتى دخل الحديد مع الخشب، ثم صارت حديدية بحتة، وتم إدخال الحيوان واستغلاله في العمل بهذه الآلة «الكارو»، وهو يوجد بنوعين «كارو بعجلتين وآخر بأربع عجلات»، ويتم استغلاله للعمل في نقل البضائع والركاب فهو أقل تكلفة، وأيضاً تمت الاستفادة من الحيوان في المحراث والساقية والعصَّارة. من هو جورج هوفل ؟ وعن مخترع الكارو المثالي «جورج هوفل» أوضح بروفيسور/ أحمد الأمين: بروفيسور جورج رامزي هوفل والده كان يعمل في السودان في الحقل الصحي، وقد عمل بيطريًا في الجيش البريطاني وبعدها انتقل للتدريس في الجامعات، وجاءنا زائراً في جامعة الخرطوم خلال العامين الماضيين وهو عضو مؤسِّس في الجمعيَّة العالمية لرفاه ودراسات حيوانات النقل، وُلد عام «1931م» وتخرَّج في جامعة أدنبرة «1955م»، وتخصَّص في الحيوانات الكبيرة، وهو مؤسِّس جمعية رفاه ودراسات حيوانات النقل، عمل في السودان ونيبال وإسبانيا ومالطا وقامبيا وحائز على زمالة الكلية الملكية للجرَّاحين لحيوانات الحمل والجرّ وقام بتدريس طلاب الماجستير «الطب البيطري» بجامعة السودان في العام «2002م». فائدة الاختراع ويوضِّح برفيسور/ أحمد الأمين: فحوى عمل جورج هوفل أن يتحمَّل الحمار أو الحصان أقلّ حمل وهو دراسة ميكانيكية بحتة ليقع الوزن على «الكارو» في مركز العجلات، وتتصل بمركز الثقل ولا يكون مركز الثقل أقرب للحيوان من العجلات، واللجام مصمَّم بطريقة تقلِّل عليه الوزن، ويُستغل الحيوان في الجر أكثر مما يُستغل في حمل الوزن، ويضيف بروف أحمد: بروف هوفل قام بتصنيع العينة في السودان في قسم الجراحة بكلية الطب البيطري بجامعة الخرطوم، وهي موجودة في الكلية وحملها بالطائرة واشترك بها ونال بها براءة الاختراع. وعن سؤالنا لبروفيسور أحمد: لماذا لم تتم الاستفادة من هذا النموذج في السودان قال: الكارو ليس له جهة مصنِّعة ويتم التصنيع في ورش تابعة لأفراد، ولا يوجد مصنع يصنع «الكارو» بطريقة علميَّة، وهذا يجعل الصناعة غير قائمة على دراسة، ولا أظن أن المواصفات والمقاييس لها مواصفة لصناعة الكارو، وتكمن المشكلة في «الكارو بعجلتين» في تحميل «الكارو»، ونجده في أطراف المدائن يتم استغلاله في حمل الركاب ويتم تزيينه بالموكيت وبه إستيريو وأصحابه شباب يهتمون بوسائل الرفاه للركاب فقط. رفاه الحيوان ويشير بروفيسور أحمد إلى أنه يجب الاهتمام برفاه الحيوان وألَّا يتواصل عمل الحيوان لأكثر من «12» ساعة وألّا يُحمل عليه وزن يعجز عن حمله، ويتم الاهتمام بأكله وشربه لأن حيوان العمل يحتاج لطاقة حتى يحتمل العمل. شعر حلمنتيشي وختم بروفيسور/ أحمد حديثه بأبيات شعر حلمنتيشي عن «الكارو» فقال: في المواني والمواقف مع العربات جاري عند أبواب الكباري في القنادر والمواتر والهناتر واللواري والكواري 9 خ وحديدة متلخلخة كتبت عليها 9 خ أن الكوارو مرخَّصة تمشي على وجه الظلط عينة الكارو المثالي ولرؤية عينة «الكارو المثالي» التي صمَّمها هوفل قامت «الإنتباهة» بزيارة المستشفى البيطري بجامعة الخرطوم ووجدنا العم مصطفى الطيب بقسم الجراحة بالمستشفى والذي وجدنا منه الترحيب والحفاوة وقدَّم لنا النموذج وساعدنا في تصويره فله منا جزيل الشكر والتقدير، أيضاً التقينا الدكتور خير السيد دفع السيد وحدَّثنا عن النموذج بقوله: هذا النموذج تم تصميمه لتكون الحمولة على أكتاف الحيوان ولا تُحمل على ظهره لتفادي التهاب الشوكة الرأسية للسلسلة الفقريَّة لذلك تُسحب بسهولة لتسهيل مهمة الجرّ على الحيوان وتضمن سلامته، وسائق «الكارو» يجب أن يركب في جانب العربة وليس في منتصفها حتى لا يزيد الحمولة على الحيوان. ترحيل وطرب وجمال في منطقة غرب أم درمان يُستخدم الكارو كمواصلات داخلية ولها شكل مميَّز وجميل، حيث يتنافس أصحابها الشباب في زخرفتها، ويُزيَّن الحمار بالحلي وأجراس لعمل موسيقا تدعم الغناء الصادر عن المسجل، ويتم تشغيل المسجلات بصوت عالٍ لجذب الركاب. وما يزال مشهداً مألوفاً مشاهدة عشرات من عربات «الكارو» عشوائيَّة الصنع تصول وتجول في شوارع الجهل المروري!