من خلال جولة أجرتها (الإنتباهة) على الشركات والمطاحن المستوردة للدقيق وضح تمامًا أن هنالك تكتمًا واضحًا على قرار منع تمليك المعلومات لوسائل الإعلام حول موضوع أزمة الدقيق في العاصمة، كما كشفت الجولة عن ظهور سماسرة الدقيق في ساحة السوق مما لا يضع مجالاً للشك أنه تم احتكار كميات كبيرة من الدقيق عبر السماسرة مما أضر بصورة مباشرة بعدد كبير من أصحاب المخابز وتسبب لهم في مشكلة هروب العمالة، وطالب البعض منهم بزيادة الأجر لاستمرار العمل، بجانب ذلك أرهقتهم الرسوم والجبايات والضرائب والرخص التجارية التي تؤخذ من أصحاب المخابز مما انعكس مباشرة على ارتفاع السعر ونقص الوزن المحدد (للرغيف) بدأنا البحث والتقصي عن أزمة الدقيق التي لاحت في أفق ولاية الخرطوم بسؤال وجهناه إلى رئيس اتحاد المخابز الطيب العمرابي والذي نفى في حديثه ل(الإنتباهة) وجود أزمة في الدقيق بالعاصمة، وقال إن هنالك عملاً يجري الآن في تنظيم وتقويم توزيع الدقيق مشيرًا إلى حدوث ربكة إثر غياب المعلومة الصادقة في أوساط الجهات المعنية بأمر الدقيق، وأقر بوجود بعض الشركات والتجار (لم يسمِّهم) ووصفهم بضعاف النفوس على حد قوله يقومون باحتكار الدقيق ليُباع في السوق السوداء مؤكدًا قيام اتحاد المخابز بإجراء اجتماعات مكثفة مع أصحاب الشركات بهدف وضع ضوابط مشددة لتنظيم ومتابعة لصيقة في توزيع الدقيق عبر تواكيل الشركات المنتشرة في العاصمة، أما الحديث عن شركات أُغلقت بسبب ندرة الدقيق فأكد أنها شركات غير ملتزمة بسداد ما عليها من التزامات مالية وتعمل بعشوائية وقال إن الأيام القادمة سوف تشهد انفراجًا في الدقيق ووضع ضوابط وتنظيم متكامل بسد أي ثغرات في عمليات التوزيع. شركة ويتا للدقيق تمتنع عن الإجابة وتوجهنا بالسؤال إلى شركة ويتا لمعرفة ما يدور من حديث حول أزمة الدقيق وهل هنالك أزمة حقيقية أم مفتعلة؟ وتوجهنا بالسؤال عن المدير العام للشركة ولكن أخبرنا موظفو الشركة بأنه خارج البلاد وألححنا مرة أخرى بالسؤال عمَّن ينوب عنه فأتى الرد بانه غير موجود حاليًا وتم تحويلنا إلى مدير المبيعات، وعند دخول مكتبه قال موظف الاستقبال إن هذا الموضوع يخص مدير الشؤون الإدارية وعند طرح السؤال عليه نفى تمامًا وجود أزمة في الدقيق بالعاصمة، وقال إن الشركة ليست الجهة المعنية بتوزيع الدقيق بل الأمن الاقتصادي، ورفض الإجابة عن أي أسئلة أخرى تتعلق بالموضوع، في وقت وجَّه فيه أصحاب المخابز كثيرًا من الاتهامات للشركات بأنها تعمل على تقليص كميات الدقيق، أما المدير العام للقطاع الاقتصادي بوزارة المالية والاقتصاد وشؤون المستهلك بولاية الخرطوم د. عادل عبد العزيز فأكد أن موقف الدقيق مطمئن بالولاية خاصة القمح ومتوفر بكميات كافية للاستهلاك من مطاحن الدقيق في كل من ويتا وسيقا وسين مشيرًا لدعم الدولة للدقيق عبر بنك السودان المركزي، أما أحمد جلال مدير إدارة التجارة بوزارة المالية وشؤون المستهلك بولاية الخرطوم فأكد أن كميات الدقيق المطروح في السوق كافية للاستهلاك نافيًا وجود أزمة في الدقيق. الأمن الاقتصادي يؤكد مسؤولية الشركات عن التوزيع وتحدث ل(الإنتباهة) مصدر موثوق من الأمن الاقتصادي عن نسبة توزيع الدقيق والجهات المعنية بها هي الشركات وليست من اختصاصهم كما ادَّعت بعض الشركات المنتجة للدقيق. وفي نفس المنحى تحدث ل(الإنتباهة) موظف بشركة سيقا للدقيق بعد أن تهرب موظفو ومديرو الإدارات عن تمليك أي معلومات قائلين إن الدقيق متوفر بكميات كبيرة فقط هنالك مسائل فنية وتنظيمية تخص الشركات وهى لسيت متاحة لأي شخص، وحول اتهام أصحاب المخابز الشركات بتقليص كميات للمطاحن عبر وكلاء الشركات قال إن هذه أجراءات تخص الشركات مع أصحاب المخابز. غياب المسؤولين بشركة سين أما شركة سين للغلال فلم نستطع الوصول لإجابة محددة نسبة لسفر المدير العام وعدم وجود نائبه بالشركة وامتناع مدير المبيعات عن الإدلاء بأي معلومة تخص الدقيق، وقال إن الأمر من اختصاص مدير الإعلام وعند البحث عن الأخير تبين أنه غير موجود وليس له مكتب ثابت في الشركة شكوى أصحاب المخابز وقد أجرت (الإنتباهة) استطلاعاً وسط عدد من أصحاب المخابز بسوق بحري وقفت من خلاله على مدى توفُّر الدقيق والمحروقات بحسب خبر وزارة المالية إضافة إلى عملية صناعة الخبز والإجراءات المتبعة فيها وكان أول المتحدثين للصحيفة صاحب مخبز الوسام البلدي بسوق بحري الفاتح محمد الذي بادر بقوله: (هناك أزمة حقيقية في الدقيق) وعدَّد الفاتح الأسباب بقوله إن الفترة الماضية كان الدقيق يأتي بكميات أكبر ويُوزَّع للمخابز حسب الحاجة في حدود (100) جوال والآن تم نقص عدد الجوالات من أصحاب الشركات من (100) جوال إلى (20) أو(10) جوالات لأسباب غير معلومة حتى الآن، وقال إنهم قبل ثلاثة أيام أوقفوا العمل في المخبز بسبب عدم توفر الدقيق ونقص الكميات التي تأتي من تواكيل الشركات مما خلق الأزمة الحالية في الدقيق، وقال إن سعر جوال الدقيق الآن يُباع ب (107) من الشركة و(118) جنيهًا، كما أن سعر الوزن غير موحد في عدد من الأفران، وهنالك وزن (80) جرامًا و(70) جرامًا وتوقع أن تشهد الأيام القادمة أزمة حقيقية أكثر مما هي عليه الآن إذا لم تتدخل الجهات المسؤولة لحسم هذا الامر حتى لا يتضرر المستهلك. أما صاحب مخبز الأكارم البلدي فقد أقر بأن هنالك أزمة في الدقيق، وعزا الأسباب إلى أن الشركات قللت من الكميات التي كانت توزع لمراكز التوزيع بسبب ارتفاع أسعار القمح عالميًا والتي تحتاج إلى توفر العملة الصعبة مما أدى إلى عدم وجود كميات مخزون القمح من جانب الشركات واضطرت الشركات الآن للجوء إلى تقليص الكميات التي كانت توزع لدى مراكز التوزيع، وقال إن جوال الدقيق سين يباع ب(110) جنيهات، وسيقا ب(118) جنيهًا، وكشف أن شح الدقيق في الأسواق الآن أدى إلى إغلاق عدد من المخابز. وحذر عددٌ من أصحاب المخابز من تجدد أزمة الدقيق بالعاصمة والولايات مما سؤدي إلى استمرار معاناة المواطن في الحصول على احتياجاته اليومية من الخبز واشتكوا من ارتفاع أسعار الدقيق، ووصل سعر الجوال الواحد لمبلغ (140 ج). بدلاً من (115 ج). مؤكدين نقص الكميات، وطالبوا في الوقت نفسه بزيادة الحصص من الدقيق. وفي وقت سابق أكدت وزارة المالية عدم وجود أزمة في الدقيق وعزت الفجوة في السلعة إلى وجود مشكلات في التوزيع تعمل على حلها.