٭ حين راجعت الصحف المصرية التي صدرت خلال الأيام التي أمضيتها خارج البلاد، لاحظت أن ثمة تطابقًا بين العناوين الرئيسية لصحيفتي «الشروق» و«المصري اليوم» اللتين صدرتا يوم السبت «6» أبريل، ولأن الكلام المنشور كان خطيرًا فقد عدت إلى قراءته أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أقتنع بأن تعمّد نشره في الصحيفتين أمر ليس بريئًا، وأن تسريبه له دلالته التي ينبغي الوقوف عندها. فخبر جريدة «الشروق» نسب الكلام إلى «مصدر» مجهول ذكر أن ثمة خطة إخوانية بمباركة أمريكية للإطاحة بالسيسي «الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع». كان ذلك عنوان الصفحة الأولى. ٭ في التفاصيل المنشورة في الداخل ذكر التقرير ما يلي: ٭ حذر مصدر مطلع من وجود خطة إخوانية للإطاحة بالفريق السيسي بمباركة أمريكية خلال الأشهر المقبلة الخطة ستبدأ بنشر أخبار تسيء إلى الفريق السيسي باعتباره العائق الوحيد أمام تمكين جماعة الإخوان من مؤسسات الدولة ٭ لدى الأجهزة السيادية معلومات أكيدة عن حملة إعلامية استهدفت تشويه صورة وزير الدفاع من خلال نشر تصريحات مكذوبة منسوبة إليه على صفحات الفيس بوك ٭ هذه المواقع نشرت أيضًا أخبارًا مغلوطة عن خلافات بين وزير الدفاع ومدير المخابرات الحربية بدعوى أن الأول وافق على ترسيم الحدود بين مصر وإسرائيل في حين أن الثاني رفض الفكرة. ٭ الفريق السيسي رفض السفر مع الرئيس محمد مرسي في رحلته إلى الهند وباكستان، ولكن الرئيس أصر على اصطحابه فسافر الرجل معه مضطرًا القوات المسلحة لن تقبل بأي مساس بقادتها وقد حذرت من سيناريو دموي يمكن أن يحدث في البلاد لو تمت الإطاحة بالسيسي لاستكمال أخونة الجيش المصري. ٭ جوهر الخبر نشرته جريدة «المصري اليوم» مع إضافة تفاصيل أخرى. فقد كانت عناوين الصفحة الأولى كما يلي: ٭ مصادر مطلعة: الإخوان تدبر حملة ضد الجيش لأنه المؤسسة القادرة على حماية الشعب القوات المسلحة لن تقبل الأخونة أو عزل السيسي جهات عليا أغلقت ملف شهداء رفح. ٭ مرسي ضغط لسفر وزير الدفاع معه التقارب يدخل مصر محور الشر. وُضع على التقرير اسم إحدى الزميلات، وقدم بحسبانه تصريحات خاصة للمصري اليوم، حصلت عليها الجريدة من «مصادر مطلعة». ٭ ورغم أنه تحدث عن نفس الموضوع إلا أنه خلا من الحديث عن دعم الولاياتالمتحدة لخطة الإخوان التي تستهدف الإطاحة بالفريق السيسي. فيما عدا ذلك فالأفكار واحدة والعبارات تكاد تكون واحدة، خصوصًا ما تعلق منها بحكاية أخونة الجيش واعتباره المؤسسة الوحيدة القادرة على حماية الشعب. ٭ وتربص الرئاسة بالفريق السيسي واضطراره للسفر مع الرئيس مرسي تحت ضغط منه. إلا أن تقرير المصري اليوم تضمن إضافتين مهمتين: ٭ الأولى تحدثت عن أن التحقيقات التي أُجريت حول مقتل «16» جنديًا في رفح تم إغلاقها بضغوط من جهات عليا في الدولة، رغم أن جهات التحقيق تقدمت بنتائج تقرير للطب الشرعي الذي طالب بتحليل ال «دي. إن. إيه» للجناة خارج مصر، وهو ما رفضته الجهات العليا أيضًا. ٭ وهي معلومة خطيرة وملغومة، لأنها تعني أن رئاسة الجمهورية هي التي أوقفت التحقيق في قتل الجنود المصريين مجاملة لحركة حماس، المتهمة بالضلوع في الجريمة. ٭ والإشارة في الكلام واضحة في ذلك، لأنها تحدثت عن أن الجناة موجودون في الخارج. المعلومة الثانية الملغومة حذرت من مد الجسور، واعتبرت تلك الجسور تمددًا لها في مصر، يرشحها للانضمام إلى «محور الشر». ٭ كما تحدثت عن أن المرشح الأول لشراء الصكوك الإسلامية التي تعتزم الدولة طرحها. أخطر ما في هذه الكلام مصدره الذي ذكرت الصحيفتان أنه «مطلع». ٭ وقد تحريت الأمر من جانبي خلال الثماني والأربعين ساعة الأخيرة، وفهمت أن المعلومات تم تسريبها من مصدر ينتسب إلى إحدى الجهات السيادية. وهذا المصدر يمكن التعرف عليه بجهد بسيط للغاية. خصوصًا أنني فهمت أنه معروف لدى الأطراف الصحفية التي تلقت المعلومات وتولت نشرها وإبرازها. ٭ لا أريد أن أتجاهل المعلومات المنشورة لأنها أكبر وأخطر من أن يتم تجاهلها، وإنما أدعو إلى التحقيق في مدى صحتها والإعلان على نتائج ذلك التحقيق تأكيدًا أو تكذيبًا. ٭ في الوقت ذاته فإنني أدعو إلى تحري مصدرها، لأنها تعني شيئًا واحدًا هو أن ثمة أطرافًا داخل الأجهزة السيادية لها ولاءات أخرى، وتقف وراء التسريبات التي تسمم الأجواء وتشيع البلبلة في البلاد. ٭ وتلك إحدى المهام التي تقوم بها الدولة العميقة لصالح الثورة المضادة. ما قرأته في الصحيفتين لم يكن رسالة من الدولة العميقة فحسب، ولكنه بمثابة جرس إنذار أيضًا. ولا يتطلب الأمر «لبيبًا» لكي يفهم الإشارة.